تعديل تاريخ عيد القرباني حسب تاريخ التقويم الشمسي الايزيدي
#قاسم مرزا الجندي#
(Qasim Algindy)
الحوار المتمدن-العدد: 7657 - #29-06-2023# - 08:12
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
عيد قربان(قرباني) الأقدم لدى الديانة الايزيدية تدعم أصالة وعراقة هذا الدين بكل قوة, أنه عيد تأكيد وجود الديانة الايزيدية منذ زمن النبي إبراهيم عليه السلام وقبله منذ زمن نبي النوح وقبله، كما تؤكده النصوص والأدعية الدينية الايزيدية.. والكثيرين من الايزيدية أنفسهم يتعجبون من وجود هذا العيد في الديانة والمجتمع الايزيدي وفي تصورهم إن هذا العيد دخيل على الديانة والشعب الايزيدي (الكُردي)، لعدم معرفتهم بحقيقة هذا العيد والتي تؤكد ظهور الأنبياء في فترات متناوبة في تاريخ البشرية، وظهور هذا العيد في هذه الديانة قبل كل الأديان ومازال يعرف بأسمها الكُردي قربان او قرباني ويعني التضحية.
إن طقوس ومراسيم عيد القربان في لالش تختلف كلياً عن مراسيم هذا العيد في الديانة الاسلامية، حيث أن في مراسيم هذا العيد تؤكد علاقته بموسم الزراعة، وهذا ما نجده في رمي خبز الرقاق في اعلى الجبل، وكل من حصل على قطعة من ذلك الخبز, يرجع مسرعا إلى نبع ماء كانيا سبي (عين البيضاء) كي ينقعها في مائها هو الذي فاز بهذا السباق ينال خيرا وبركة, وهذا ما سيعرفه سادن كانيا سبي, أنه سبق رفاقه في الوصول إلى ماء عين البيضاء، وايضاً يصيب الخير كل أهله و أهل منطقته، هذا ما يقوله رجال الدين الايزيدي, إن هذه المراسيم تؤكد علاقة عيد القران بالزراعة، وينبغي أن تكون تاريخه في بداية موسم الزراعة, أي تثبيتها في الشهر الثاني من فصل الخريف حسب الحساب الايزيدي وتحويلها الى تاريخ التقويم الشمسي الايزيدي، بدلاً من تاريخ التقويم الهجري.
وعند حلول العيد يذهب رجال الدين الايزيدي إلى لالش ويدعون الخالق ليغفر ذنوبهم وذنوب قومهم، في صباح يوم العيد وصادف هذا العام في(#28-06-2023# ) البابا جاويش يأخذ طبقا من (خبز الرقاق)، ويصعد به ومن معه من رجال وغيرهم الجبل الذي يشرف على وادي لالش من الجهة الشمالية وهو جبل عرفات ويرتقي البابا جاويش حجرا في أعلى الجبل المطل على كلي لالش, فيرمي ذلك الخبز من مكان عال في الفضاء, فيتهافت عليه الرجال والشباب الذين ذهبوا معهم إلى الجبل، فكل من حصل على قطعة من ذلك الخبز, يرجع مسرعا إلى نبع ماء كانيا سبي (عين البيضاء)كي ينقعها في مائها ينال خيرا وبركة هو واهله في ذلك السنة، وهنا المقصود هي السنة الزراعية المقبلة .
أن هذا النزول من الجبل من قبل الرجال والشباب للوصول إلى ماء كانيا سبي, ومعهم قطعة من الخبز, ما هي إلا أشارة إلى ما يتمناه من الخير والبركة في السنة الزراعية المقبلة، ومعنى ذلك أن هذا العيد يجب أن يكون في منتصف فصل الخريف حسب التقويم الشمسي، ليكون ثابتاً تدل تاريخه على المعنى الحقيقي لموسم الزراعة.
أما القصة المذكورة في الاسلام، يقال إن النبي إبراهيم عليه السلام حكى لولده إسماعيل رؤيته، وأنه يذبح أبنه ويقدمه قربانا لله، وقيل ان هذه الرؤيا راوده لمرات عديدة في المنام فما جوابك يابني ..؟ يقال إن ابنه لم يعترض على والده.
وفي يوم من الأيام صعد النبي إبراهيم ومعه أبنه إسماعيل على جبل عرفات المطل على مدينة مكة، وجاء إبراهيم ليذبح أبنه قربانا لله فلم يستطيع، فأتاه صوت من السماء لا تذبح أبنك وأنظر إلى خلفك ستجد كبشا فتذبحه عوضا عن أبنك، فألتفت ابراهيم ورأى الكبش فذبحه بدلا من إسماعيل، وشكر ربه بهذه الهداية إلى أخر القصة.
ومنذ ذلك اليوم أصبح يعرف هذا اليوم بعيد القربان أي(قرباني)أنها كلمة كردية وتعني (التضحية) أي تضحية إبراهيم بابنه قربانا لربه، وعرف هذا العيد بعيد القربان أو (قرباني) وفي فترة ليست بالبعيدة عرف بعيد الأضحى وهي تسمية حديثة، وربما كان هذا كان العيد يقام قبل زمن ابراهيم بطرق مختلفة، وهو أقدم على تقديم ابنه قربانا لله في هذا اليوم، وبعد آلاف السنين من هذه الإحداث ومن هذا التاريخ جاء الإسلام ودخل هذا العيد(عيد القربان) إلى الدين الإسلامي كما هو وبنفس الاسم، وتغير الاسم الى عيد الأضحى أو عيد الحج.
إن عيد القربان (قرباني) في الديانة الأيزيدية له علاقة وثيقة بالخبز والحنطة وهو الغذء الرئيسي لحياة الانسان, وإن تاريخ هذا العيد في الايزيدية حسب التقويم القمري(الهجري)، وقبل ظهور الاديان الابراهيمية كان هناك حساب السنة يعرف بالتقويم القمري، وهذا الحساب مستخدم الى الآن في الديانة الايزيدية لدى بعض رجال الدين, وهي تختلف كلياً عن حساب التقويم الهجري, لمعرفة تاريخ السنة والشهر القمري وأدوار القمر بواسطة هذا الحساب.
يبدو أن رجال الدين الايزيدي لم يدركوا كيفية حساب تاريخ عيد القربان بالحساب القمري الايزيدي, فجعلوه بتاريخ التقويم الهجري، وهذا هو السبب في تطابق هذا العيد(عيد القربان) في الدين الأيزيدي مع عيد الأضحى في الإسلام، لذلك نجد إن بعض الكٌتاب والباحثون يقولون أن عيد القربان قد أقتبس من الإسلام، ويستنتجون أن هذا الدين هو مذهب و طائفة من مذاهب وطوائف الإسلام, وغيرها من التحليلات والاستنتاجات الغير الصحيحة بحق الديانة الايزيدية.
اذاً لابد من تصحيح وتثبيت تاريخ عيد القربان في فصل الخريف بدلا من دورانه في كل ايام وفصول السنة، لتشير الى معنى وقدسية هذا العيد وعلاقته بالطبيعة وبغذاء الانسان, وكذلك تغيير تاريخه الى تاريخ التقويم الشمسي الايزيدي، بدلاً من حسابه بتاريخ التقويم الهجري، لتشير إلى ولادة جديدة، وحياة مستمرة، وخيرا وبركة يناله الانسان بصبره في هذا اليوم.[1]