من ينقذ كوردستان من محنتها ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 6654 - #22-08-2020# - 02:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
هناك تقييمات و دراسات للوضع الحالي لاقليم كوردستان بشكل خاص، و اكثر النتائج المتوفرة لدى المتطلع لما هي عليه كوردستان بشكل عام و ما تنتجه المعادلات التي تضم عوامل تربط الاجزاء مع بعضها و من ثم الحلول المتجزءة لكل منها و من ثم الطريقة المختلفة للوصول الى الحل في كل جزء, ان امثر المتابعين و المقيمين يؤكدون على ان هذه المرحلة خطرة و وصلت الحال لافراد الشعب بان يصيبوا بخيبة امل لم يلمسها او يراها من قبل اي جيل من الاجيال الشعب الوردي التي حاولت التحرر و قادت الثورات المتتالية. فاليأس وصل الى قعر قاعدة المجتمع و افراد الشعب اصيبوا بما لم يصب به الشعب حتى ابان النكسة الكبيرة لثورة ايلول و الفشل الذي اصيب به القيادة حينئذ و هوت الثورة خلال ليلة و ضحاها. على الرغم من انه كان فشلا فوقيا و لم يكن في حينه الياس قد وصل الى القاعدة بل هم من اصروا على ادامة الثورة و لم تسمع القيادة بل انكسرت ارادتهم.
اليوم قد وصلت الحال الى الازمة الخانقة المختلفة الاوجه و لم يبق الحل بايدي من يدير الدفة بل الاخطاء المتراكمة التي ارتكبوها جراء تعاملهم مع الاحداث في الماضي القريب و ما اخلطوا به طموحاتهم الشخصية والحزبية مع استراتيجيات العمل القيادي غير المعلوم لديهم و لم يحسبوا لمستقبل الامة الكوردية ولا يحذروا من كيد الاعداء و بالاخص الدول المحتلة لاراضي كوردستان الكبرى و في مقدمتهم تركيا و هي العدو اللدود الاول و الاكبر للشعب الكوردي و لم يدع وسيلة و الا استخدمها لخدع القيادة الكوردية، و بعدما اثبت اقليم كوردستان على ضعه المستقر بعد سقوط الدكتاتورية البعثية و ثبتت بعض من حقوقه في الدستور العراقي الدائم لم يبق امام تركيا امرا سياسيا مباشرا كي تدخل من خلاله لاداء ما ينوي تنفيذه باستراتيجية ماكرة الا و اتجهت الى الاقتصاد كي تغل به ايدي القيادة الكوردية و لم تدع منفذا للخلاص النهائي الا و جعله تحت رحمته كي تكون هية الامر الناهي في نهاية الامر.
اليوم اختلط الحابل بالنابل عند السلطة الكوردستانية و هي وقعت في الافخاخ الكثيرة التي نصبتها لها تركيا قبل الاخرين، و في مقدمة تلك الحبائل و الحيل ما خدعهم باتفاقية مبهمة لمدة خمسين عاما لم يعلم بها احد و هي بعيدة عن الشفافية ولم تحسب فيها مصلحة الشعب, و لم يستفد منها الا النظام التركي و بنى عليها الكثير، و الشروط التي فرضتها اردوغان على القادة الكورد السذج جعلتهم تابعين معلقي الارجل بالخيوط الملتفة حول اعناقهم قبل ايايجهم ومن اغلال سياسية مرتبطة بتلك الاتفاقية الاقتصادية غير المتكافئة و ما تبيّن فيما بعد بانهم الخاسرون فقط، اضافة الى ما يذهب من الدخل المادي للجعبة التركية من خلال تنفيذ هذه الاتفاقية غير الشرعية و غير المتوازنة بين القوي و الصعيف المهزوم فكرا و عقلا و ارادة.
و هذا ما جعل القادة الكورد خانعين للنظام التركي و لم يقدروا على التحرك في اتجاه الخلاص من الازمات التي اوقعوا انفسهم فيها، و عندما جاء وقت الحسم ابان عملية الاستفتاء تبينت نية تركيا و اردوغان قبل غيره وشف الامر علنا عندما هدد الكورد بانه يخنقهم اقتصاديا و هم لم يردوا عليه بكلمة و ابقوا صم بكم لا ينطقون حتى اليوم و لازال يديم من سيطرته عليهم من كافة الجوانب.
الازمات المتلاحقة و في مقدمتها الاقتصادية الخانقة لحياة الشعب، هي من صنع ايادي القادة الفاسدين و الاحزاب العشائرية العائلية الغاشمة التي اوقعت نفسها تحت رحمة من يتحايل عليهم من قبل و وثقوا به دون اي تفكير او تحليل للواقع المرير الموجود على الارضية التي اجبرتهم على الوقوع بين فوهة النمر المفترس في اللحظات الحرجة. و المتضرر الوحيد هو الشعب المسكين المضحي.
الواقع السياسي في تراجع دائم و يومي، المعنويات العامة للشعب في تراخي و في ادنى مستوى لها منذ عقود مضت،الاقتصاد في ازمة و التضخم مستمر و الحالة المعيشية للناس البسطاء في ادنى مستوى لها، و كل شيء في تراجع تربويا و علميا و اجتماعيا.
و السؤال الذي يطرح يوميا هو ماهو الحل و من هو المنقذ و كيف؟ للاجابة عن هذا يحتاج الى تقييم الوضع بكل علمية و دقة و من تحديد اسباب المشاكل يمكن طرح البديل و طريقة تنفيذ الخطط او المنقذ الذي يُعتقد ان يكون بيده الحل الواقعي المجدي .
لا يمكن الاعتماد على هذه القيادة و ان كانت هي التي خلقت المشكلة و ربما لتدني معرفتها لادارة الكيان او دون اي دراية اوغير متقصد و من اجل لمصلحتها الخاصة او الحزبية، فلا يمكن ان تكون هي من يمكنه ان حله هو لانها لا يمكن ان تتنازل عن مصلحتها مهما كانت الضغوطات. و ان كانت المشكلة عويصة ولا يمكن ايجاد منفذ للخروج بشكل سلس فيجب ان يعلم الجميع قبل اي شيء فلا يمكن ان يجده هؤلاء باي شكل كان، الا ان العقلاء موجودون و لا يمكن ان نعتقد بان الشعب قد خلا منهم، و لكن من يمكنه ان ينبري اليوم و يقول ها انذا؟ هناك شخصيات علمية عقلانية متزنة بعيدة عن المعمعة السياسية الاقتصادية التي انتجتها هذه العقول المتدنية التفكير و المستوى و الذكاء و الموهبة. هؤلاء المتميزون لازالوا في الهوامش و لا يُعتمد عليهم في ادارة البلد لكونهم غير حزبيين او انهم عرفوا ما نصل اليه منذ بداية ظهور المشاكل و الصراعات الدامية بين الاحزاب المتنفذة الفاسدة و القيادات اصحاب النفوذ المطلقة التي تعمل وفق مزاجها و مصاتلحها فقط و دون اي اعتبار لاي موهبة و عقلية و امكانية موجودة عند الشعب الكوردي.
فتاريحنا غني بمن كان له الفضل في التحرر و خروج حتى الامم الاخرى من محنهم، و اننا لا يمكن ان لا نجد لدى النخبة من له القدرة على التخطيط و التنفيذ و الخروج من الازمة الحالية المعقدة و اخراج الشعب الكوردي منها كالشعرة من العجين, و لكن هل يسمح هؤلاء المتنفذين الذين هم اسباب ما يحدث و ما يجري و ما اوقعوا به الشعب في هذا الوحل، فهذا يقع على الشعب ان يختار ما يدع هؤلاء المتسلطين حتى اليوم في الهامش كي يعمل الماهر الذكي .
فنحتاج لفلسفة واقعية و حراك و مخاض شعبي و انبثاق من يمكنه ان يدير بالتي هي الاحسن, و يتوقف هذا على الثقافة العامة و عصارة الفكر الجمعي و توجهات الشعب و تقييمهم لمن هو القادر على الحل. فالمجتمع يتمتع بالصفات الكثيرة و لديه من القدوة و الجهابذة التي يمكن الاستناد على امكانياتهم و تسليمهم راية الخروج من المشاكل و تجاوز العقبات الصعبة التي اوجدتها هذه القيادة و المتحايلين عليهم من اعداء الشعب بعد ان تمكنوا منهم و بعقليتهم و اوقعوهم فيما هم فيه و ورطوا الشعب الكوردي معهم ايضا.
اننا نحتاج لقائد متعدد المواهب الذكي المتمكن و يتميز بصفات موثوقة بها و لها القدرة على بيان الخطط و كيفية الخروج من المنفذ الذي يمكن ان يجده بين كل تلك التراكمات و الترسبات التي تسببت في تجمعها و وقوفها امام التقدم هذه القيادة المافيوية الفاسدة. اننا نحتاج لحراك شعب كبير يمكن ان تنتج في نهاية مطافها انعطافة سياسية و ينبثق منها قيادة شعبية واقعية عاقلة يمكن ان يدير الاقليم و ينقده من حاله الميؤوسة منها حتى اليوم.[1]