هل انا قومي متعصب؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 6354 - #18-09-2019# - 22:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
من خلال المناقشات و الرسائل التي تصلني او عند التعليقات على كتاباتي اجد ان هناك الكثير ممن لم يفهموني، او هم من لم يدركوا ماهية اليسارية و واجبات اليساري بشكل عام و ما هي اولويات من يؤمن بالماركسية و همومه و الماماته و فلسفته و مدى اهتمامه بالطبقة الكادحة قبل غيرها في مسيرته او مسار تقديم الخدمة لهم اينما كانوا بعيدا عن العرق و اللغة و المكان والزمان على ارض الواقع بعيدا عن صلابة و خشونة النظريات التي تحتاج الى جهود لتنفيذها على الارض. فكثيرا ما يتهموني بالتعصب القومي دون ان يفهموا جوهر مبادئي و ايماني باحقاق الحق و ما يفرضه الواقع و المرحلة قبل المظاهر والخيال مهما دعمته التنظيرات التي اؤمن بها حتى قبل غيري المنتقد لتوجهاتي و كتاباتي.
انني لم ارد ان اجب عن ما يؤدي الى سفسطة في النقاش، الا ان توضيح الامور لا يضر لمن لا يقرا ما بين السطور و لا يحسب للظروف التي تدفع اي منا ان يتعامل مع القضايا وفق الارضية وا لخلفية التي يحملها. انا شخصيا ولدت من طبقة ساحقة كادحة ربما لا يعلم به الكثيرون، و ترعرعت في قرية جلها من الطبقة المعدمة و القابعة في قعر مستوى الفقر المدقع، و انا من عائلة لاب عتال و ام ربة بيت و اخوة و اخوات من االمستوى المعقول في الثقافة و التعلم، اي الجو المعيشي بشكل عام لم يخرج من اطار العائلة المحافظة في كل ما يمت بها من كافة النواحي الثقافية و الفلسفية، و تربيت على يد ابوين مؤمنين حتى النخاع و لم اخرج من نصائحهم الا بعد ان تيقنت من انني يجب ان اكون انا كما اؤمن و اعتقد.
اما اليسارية و نشاتي على الفكر و الظروف التي فرضت نفسها ان اكون من محبي و عاشقي الفكر الشيوعي و الماركسية بشكل عام و ترجمت حبي لها عمليا في الواقع، فكم قدمت النسبة الاكبر من اجرة الجهد و الشقاء و العمل كعامل بناء في معامل الطابوق في خانقين لشراء كتب و ما يخص اليسارية بشكل خاص و تعايشت و انسجمت مع ماكان يناسبني عائليا قبل الفكر بذاته، و عجنت افكاري و مبادئي مع ما يتناسب مع روف عائلتي و من يماثلنا منذ مراهقتي. فلم اكن متعصبا و لا عنصريا و لا متشددا الا امام الاغنياء و المجحفين بجقوق الفقراء بعيدا عن اي صفة اخرى للكادح مهما كانت خلفيته او مبادئه و توجهاته. اي لم يكن لدي اي تحفظ قومي عن التعامل حتى مع من ظلم الكورد من قبل سلطتاهم سواء كانوا عربيا او فارسيا او تركيا، و هذا ما تربيت عليه و تعمقت في ثنايا الفكر من التوجه الانساني وفق مسار اليسارية وسياق الماركسية كعلم وفلسفة وفكر و ايديولوجيا.
انني نعم خلقت و من قبل ابوين كورديين و سلالة كوردية عابرة للحدود، و منذ نعومة اظفاري اشهد الظلم و التعدي و الاجحاف من قبل السطلة المتفردة من قومية و مذهب واحد لحين سقوط الدكتاتورية، و من ثم امتد الظلم بشكل واخر لحد الساعة و لم يُرفع الحيف عن امتي رغم كل تلك الدماء التي سالت على ارض كوردستان و من قبل اعز واقرب الاصدقاء و الزملاء من الفكر اليساري قبل الاخرين.
كل ما يمكن ان اوضحه هنا هو؛ ان ايماني و اقتناعي لما يحق للكورد كما يحق لغيره ان يحصل عليه ليس ظلما لأحد ولا غدرا او اجحافا بحق اي عرق او دين او مذهب و ان كانوا هم من غدروا، و لم يكن ايماني بالقضية الكوردية مستندا على الفروقات الطبقية فقط و انما من كافة الجوانب، بل انا اؤمن بان الفقير المنتمي الى الطبقة الكادحة مهما كان عرقه لا فرق بينهم و الاخر المماثل له لاي عرق انتمى، ولا يمكن ان ادافع عن الطبقة الكادحة الكوردية دون العربية او التركية اوالفارسية رغم عدم وجود هذا التوجه في عقول اولئك الذين استغلوا من قبل الحكام كوسيلة و الية لغدر الكورد غنيهم وفقيرهم و من كافة الطبقات دون ان يعلموا او اغتصبوا على ذلك حسب النظام الذي كان قائما و منهم كان يامر بالحديد و النار.
اهم ما اؤمن به انني مع استقلال كوردستان ليس على الاسس العرقية القومية الكوردية و لا اؤمن بالدولة العرقية اينما كانت، الا ان كوردستان فيها من المقومات التي تفرض على الجميع سواء كانوا يساريين او ليبراليين او اي كانوا، ان تكون لها دولة كي تكون خيرا عليها و على الجوار، وا ن تكون في حال لا يمكن ان يقع الظلم والحيف اكثر من ما هي عليه الان و منذ اكثر من مئة و نيف من الاعوام، اي ان الدولة الكوردستانية حق مشروع وفق ما تسحتق ان تكون على ما هي عليه دون ان تغدر بالاخر الغادر الذي يغدر به منذ غابر الازمان. فان كان كوردستان دولة تقدمية مؤمنة بالانسانية و هي تخرج من الدائرة التي تظلم منها من قبل المتسلطين بادعاءات سياسية مضللة، فما الضير من تحقيق هذا الهدف الذي ادعو الى تحقيقه. اذا كانت هناك دولة و لا تؤمن بالعرقية بل تؤمن بما يمكن ان تكون مثالا انسانيا مؤثرا على الاخر بما يفيده دون ان يجحفه في اي مجال، فهل هذا غير معقول، فانالا اؤمن بدولة لكوردستان فقط و انما ان كانت هناك حاجة لدولة حتى لقرية صغيرة لم تضر باي احد اخر، فاهلا بها، فكيف من لديه مكل تلك الاراضي الشاسعة و شعب عريق و له تاريخ طويل عميق و له امنيات و يضحي باغلى ما لديه من اجل ان يحقق اهدافه الحقة.
فما تعمق في كيان وفكر و خلفية ايديولوجية منحازة بعيدة عن الحق في عقل الاخر ليس له اي علاقة بي كي اخضع له و لمتطلباته. نعم علي الحق ان اكون مساندا للطبقة الكادحة المؤمنة بالانسانية و مع حق الاخر، و ان استغلت هذه الطبقة لسذاجتهم سجيتهم في غدرهم للشعب الكوردسدتاني لعدم امتلاكهم للوعي الذي يمنعم على تنفيذ اوامر الظالمين او اجبروا على ذلك، او لما اكتسبوه من اخلاقيات ورثوها من التاريخ المليء بالغدر منذ الغزوات و الاحتلالات.
فكلما سبق يدعني ان اقول ما اؤمن ليس نابعا من التعصب بل احقاق للحق و وفاءا للدماء و رفع الحيف عن شعب غدره التاريخ و من قبل من اعتلى على السلطة و حتى على ايدي الغرباء البعيدن عن ارضنا. فهذا ليس بتعصب قومي او عرقي اخي الكريم، هذا احقاق الحق للشعب بشكل عام و الطبقة الكادحة فيه او من يماثلهم من جيرانهم او حتى البعيدين عنهم في كافة اصقاع العالم.[1]