المناكفات و الصراعات الحزبية الكوردية مصيبة على المناطق المستقطعة قبل غيرها
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 6304 - #28-07-2019# - 17:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
لقد ارتبط مصير المناطق المستقطعة من كوردستان الجنوبية بما يجري فيها و تتاثر بكل صغيرة و كبيرة سياسية كانت ام اقتصادية او اجتماعية بما يحصل في كوردستان اولا و من ثم العراق و بالاخص بعد 16 اكتوبر. تلمسنا هذا و كما شاهدنا الازمة الاقتصادية في كوردستان اثر قطع ميزانية الاقليم من قبل السلطة المركزية العراقية ابان فترتي حكمي حزب الدعوة المالكي و العبادي التي اثرت بشكل مباشر على اهالي تلك المناطق رغم عدم تبعيتهم الادارية الى اقليم كوردستان لحد هذه الساعة. ما يحدث في تلك المناطق من المشاكل و ما يحصل من التغييرات الكبيرة لا يمكن تحديد اسبابه بشكل صحيح و ايجاد العلاج المناسب لللفوضى التي تسير فيها الا بوضع الحد لتبعيتها الادارية سواء وفق المادة 140 للدستور العراقي و ما تتضمن او يمكن ان تحصل ظروف مغايرة اثر تغييرات سياسية يمكن ان تحدث داخل العراق والمنطقة كما حدثت ابان احتلال داعش لثلث العراق و عادت تلك المناطق تلقيائيا بعد غياب القوة المسلطة عليها الى حضن اصحابها الاصليين المحقين في حكمها وفق مواثيق و دلائل تاريخية لا يمكن انكارها من قبل احد.
من المعلوم ان دول المنطقة تستغل ما يجري في اقليم كوردستان و ما يحدث بين الاحزاب من المناكفات والصراعات الخشنة و ما حدثت من الحروب الاهلية مسبقا و بقت اثارها و افرازاتها في ذهن الكورد والاحواب و ان كانت اولا و اخيرا من مخططات هذه الدول و عملت علي حدوثها سواء كان بشكل مباشر و من خلال سياساتهم التشتتية لهذه الاحزاب التي يمارسونها بالضغوطات المختلفة على تابعيهم مستغلين غفلتهم و غبائهم او بالتدخل المباشر عبر العراق اليوم و الضعف العائش فيه اقليميا و دوليا. و اكثر الخاسرين هم اهالي تلك المناطق المستقطة من اصلها و منذ نشوء الدولة العراقية وتنهب ثرواتها و خيراتها تارة من قبل الدول المستعمرة واخرى من المركز العراقي التي تسلسلت فيه الحكومات المتطرفة المتشددة الدكتاتورية غير ملائمة لما انبثق منه العراق بمكوناته المتعددة المختلفة و غير المنسجمة مع البعض، و بنيت هذه الدولة اساسا على اساس غير بريء من قبل مؤسسيه الطامعين المخططين لبقاء سيطرتهم لعقود كما حصلت و اليوم يؤآمرون على اطالة ما خططوا له بشكل و خطط اخرى تكون ملائمة للعصر من اجل البقاء على ماهو عليه هذه المنطقة تحت نيرهم على الاقل تكون لقرن اخر تحت رحمتهم.
اليوم و بعد مدة لا تعد قليلة منذ سقوط الدكتاتورية لقد تنفس تلك المناطق لمرحلة معينة الصعداء على الرغم من قلقهم على مستقبلهم و عدم ضمان استقرار وضعهم طوال هذه الفترة وكان ارقهم الدائم على تحديد تبعيتهم، فكان اكبر المصائب عليهم قبل اي شيء اخر هو الخلافات و المناكفات الدائمة و الصراعات الخشنة و عدم التوائم و التناسب و التنسيق بين احزاب اقليم كوردستان و تاثيرات ما حصل من ان تنقسم هذه المناطق على الرغم من وجودها الان رازحة تحت رحمة الكثيرين و ازادت عنوة الدول المتدخلة ، انقسمت بين نفوذ الحزبين الكورديين المتصارعين و كل ذلك على حساب مستقبل اهالي هذه المناطق و مستقبلهم. فلم نلمس ما يغير من اوضاعهم على الرغم من معاناتهم الطويلة الامد على ايدي جميع الحكومات العراقية منذ تاسيس هذا البلد.
همشت المادة المخصصة دستوريا لهذه المناطق نتيجة التدخلات و حساسية هذه المناطق الغنية بالثروات، تدخلت دول الجوار ولازالت فيها، تشتت الاحزاب الكوردية المجودة وعدم توافقهم و تنسيقهم فيما بينهم لما يخض هذه المنطقة و يتلاعبون بمشاعر اهلها من اجل مصالحهم الحزبية الضيقة، و الجهات الاخرى تستفيد و هي تضحك و تسخر من صراعاتهم المستمرة على حساب المنطقة و يستغلون ذلك من اجل تحقيق اهدافهم الخبيثة.
اليوم و نحن نلمس الخلافات الحادة بين السلطة او الدوائر المتنفذة في كوردستان في كوردستان الجنوبية و التي نرى بانها واصلة لمنحنى لا يمكن ان نعتقد بالتوصل الى التوافق حول هذه المناطق نتيجة تقسيم مواقفهم بين توجهات دول المنطقة و المركز العراقي و تنسيقهم او بالاحرى تبعيتهم الخارجية المختلفة عن البعض وعلاقاتهم مع تلك الجهات التي تلعب على هذه الخلافات من بعيد و تفعل جهارا على امور تخص هذه المناطق و على حساب ابناءها اولا واخيرا. تنعكس الخلافات المسيطرة على سير العملية السياسية و التي برزت بشكل اكبر بعد تدخل الحكومة العراقية في هذه المناطق بقوات غاشمة اثر عملية الاستفتاء و دور الاطراف المختلفة عند الاحزاب و المشكوكة فيهم و الذي ادى الى الانشقاقات الكبيرة و الابتعاد اكثر من الحلول المتوقعة. و اليوم نرى ما حصل منعسا و مؤثرا على حياة الناس بشكل مباشر و قوي و لم نر الا و ازدادت معاناتهم بدلا من تحسين حياتهم التي عاشوا طوال عقود تحت نير الدكتاتورية و تعرضت مدنهم للتغيير الديموغرافي و الترحيل والتسفير و تعرض المناضلين الى الاعدامات و التعذيب و حصلت انهيارات اجتماعية لعوائل كانت مستقرة في تلك المناطق بالاف السنين لماقبل انبثاق الدولة العراقية.
اليوم ازدادت التدخلات الخارجية من قبل دول المنطقة المجاورة للعراق في تلك المناطق ايضا، و لكل منهم مرامه و اهدافه و طمعه الذي لا يتمكن ان يخفيه مهما حاول، و ازاداد به التعسف و الظلم لهذه المنطقة ان يلعب على حساب حياة مواطنيها، علاوة على الخلافات الكوردية التي لم تدع مجالا في اعادة التنظيم و الترتيب المناسب لكيفية التوجه الصحيح نحو الحل النهائي ولكي يعود الحق الى اصحابه. التفرق و التشتت الحاصل لدى القوى الكوردية هو اكبر المعوقات امام اعادة تنظيم المنطقة و التقرب من الاستقرار و ضمان شيء ما من الحقوق.
و عليه، الهدف الرئيسي للقوى الخيرة التي من المشكوك وجودها وهو ما عليهم العمل على اعادة النظر في كثير من الامور و قبل اي شي هو ما يجب العمل على توحيد الرؤى و المواقف و التوجهات الكوردستانة و السياسة المركزية عملت على تعكس هذا ابان حكم الدعوة و عملت على تحول هذه المناطق لما يشائوون و تنفيذ مقولتهم بانهم لا يعطوها لاصحابها مرة اخرى كما يخططون في العراق ككل، و كان هدفهم هو العمل على سيطرة الايادي التي تلعب وفق مصالح حزبية شخصية ضيقة بعيدة عن المصالح الخاصة بهذه المناطق، و من ثم العمل على ابتعاد احتمال توحيد القوى و التقارب بين المكونات و ارضاءهم بعيدا عن تبعياتهم الكثيرة المعلومة لدى الجميع. اما المهام الرئيسي ان امكن تحقيقه هوارغام الكثيرين من الشخصيات التابعة و المكونات على الانفصال عن عرابيهم بخطط منهجية دقيقة تعتمد على اصحاب الحق بانفسهم في رسمها و تخطيطها و تحديد من يتولى تطبيقها و يديرها من اهالي المنطقة بانفسهم بعيدا عن حتى المركز العراقي كقوة عاملة تحمل اجندة تتدخل فيها القوى الخارجية و الدول المجاورة بشكل مباشر، و انما يجب الاستناد على اهالي المنطقة بانفسهم مع ذويهم و اهلهم في اقليم كوردستان كالشعب الذي له الحق و الصلة المباشرة مع اهلها و كمساعدة لضمان السلم فقط.[1]