خشونة الحوارات و الصراعات في منطقتنا ؟!
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 6302 - #26-07-2019# - 17:20
المحور: المجتمع المدني
طبيعة حياة الناس و معيشتهم و ما توارثوه من التاريخ و الحروب و الصراعات دون اعادة النظر بامور بعيدة عن الفكر الانساني السليم التي انتشرت اثناء ذلك، لا بل التفاخر بما جلبت او برزت من الصفات التي تؤدي الى الخشونة و القتل و نفي الاخر و دحره، هذا ما ابقى على مسيرة الانسان الشرقي العاطفي في اكثر الاحيان ان يكون بعيدا عن العقلانية و هو يسلك بشكل و طريقة تؤدي الى الابتعاد عن حتى اصلة بعضهم الذين كانوا اصحاب الحضارات، و ساروا بطرق غير عصرية مستندة على استئصال الاخر و تدميره بدل تصليحه و تصحيح توحهاته او عقليته، و هذا ما ابقى المنطقة في دوارة الصراعات الخشنة و ارضية مائلة الى اندلاع الحروب الدائمية، و استغلها الاخرون لتنفيذ مرامهم واهدافهم من خلال فرقتهم و عدم التنسيق و التعايش و التعاون بينهم طوال التاريخ. و بعد ان تحول الغرب الى باحة السلام و استقر على الحياة الحرة الانسانية، و لنا ان نقول معيشة مترفهة دائمة اعتمادا على مصادر و ثروات الشرق و مستغلا هذه العقليات و التوجهات المسيطرة عليه.
لقد مر الشرق بكثير من الحروب و الصعوبات المؤثرة حتى على اخلاقياتهم الا ان فترة السلام ليست بقليلة للتقدم وتنظيم الذات ان كانوا بعقلية راقية تقودهم كي يعيدوا النظر في اخطائهم و السير نحو اللين و السلام و التعاون، كما فعل الغرب و يتقدم الان و يخلف الشرق و بالاخص منطقة الشرق الاوسط وراءه كثيرا.
الوضع الاقتصادي الموجود لدى كل بلد و مستوى معيشة الناس و نسبة الثروات التي تمتلكها كل دولة و اختلاف مستوى الفقر و الغنى و النظرة الى البعض من خلفيات ادييولوجية و ما فرضه تاريخ كل بقعة على عقلية مواطنيها الى الاخر من زاوية و منظور معيشته و ثروته و مستواه المعيشي و ان كانت ما يملكها الاخر من القلة هي خارج ارادته. و عليه يتربص كل شعب للاخر من اجل الانقضاض عليه كما هي حال المراعي و الغاب و بكل السبل و ان كانت الحرب الوسيلة الاولى التي يفكرون بها و ان تناقشوا حاوروا فيما بينهم ظاهريا.
للغزاوت و التعديات الاسلامية التاريخية التي غيرت وجه كل منطقة و بقعة وصلت اليها الايادي الصحراوية الاسلامية دور كبير في تغيير مشاعر و اخلاقيات و عقليات و توجهات و تصورات كل مسلم اجبر على الاستسلام للدين ترهيبا او ترغيبا و بدورهم ورثوا ما اعتنقوا الى ابناءهم. و كما هو المعلوم فان العلاقات و التعاملات التي كانت سائدة بين فرد واخر و عائلة واخرى و عشيرة واخرى مبنية على اقتداركل منها و امكانيتها و قوتها و ما تملك للدفاع عن نفسها و من ثم في الفرصة المناسبة الانقضاض على الاخر لسلبه و سرقته و وضع اليد على ما يملك دون ان يفكروا في التعايش و التساوي و السلام، و ما شهدته المناطق التي اسلمت من التدمير والسبي و السلب و النهب لما امتلكوه ثبت في مشاعرهم و توارثتها الاجيال دون اي مقاومة. و عليه نرى التضاد و الصراع الخشن و محاولات استئصال الاخر مسيطرة هنا منذ تلك الغزوات، اما الحروب الغربية و التي دامت طويلا لم تكن تحوي على هذه النسبة الكبيرة من الافعال البشعة الا ما يذكره التاريخ عن عملية الهولوكوست التي فيها اراء و مواقف و تقييم مختلف لجوانب و اسباب حدوثها، غير ان المناطق التي شهدت الحروب و ان كانت الحرب قاسية عليها فلم تقلع عن ما اكتسبت افراده من العلوم و الفنون و الجماليات في مسيرة تاريخها على العكس من الحروب الاسلامية التي ادت الى فناء الفن و الجمال و التعايش و التعاون و النظرة الجميلة الى الطبيعة و الحياة و ادت الى تغيير الواقع و حتى الانسان نحو طبيعة و كيان مختلف بشكل مطلق عما كان قبله.
فعليه ان المحاولات الكبيرة لاعادة النظر في مسيرة الحياة في هذه المنطقة لدى المهتمين و المخلصين الاصلاء و التفكير في الالتحاق بالغرب انسانيا تذهب هدرا لاسبابها الموضوعية التي فرضت نفسها، و التعب و الجهود المضنية التي تبدر من قبل الافراد و المجموعات المدركة بما حصل و ما يجب تغييره لانعاش او عادة الحياة الى هذا الموت المطبق المفروض على حياة الناس في هذه البقعة، و هناك من لا يحتمل و يهرب مخلفا المنطقة بما فيها لما هي عليه من هذه الحالة الحياتية البعيدة عن صلب الانسانية المتصارعة على اتفه الاسباب و التي تستغلها السياسات و الاطماع الراسمالية الغربية ايضا علاوة على ما هي فيه من الظروف القاسية.
اما لو تكلمنا بشكل افصح فاننا يمكن ان نقول بانه حتى الحوار لم يصل الينا بعد كاسلوب و تعامل و ليس بطريقة او سلوك يمكن ان يُعتمد لحل الخلافات او الوصول الى نتائج مفيدة للاطراف المتحاورة بعيدا عن الافرازات السلبية المؤدية الى سكب الدماء، اننا في وسط غابة متصارعة من اجل الحصول على وسيلة الحياة و المعيشة اليومية غير مهتمين بما يمكن ان نعمل باسلوب يمكن ان نوفر كل الوسائل و الضروريات بعيدا عن تلك الصراعات الخشنة بل بالتفكير و التعامل و التقدم و الصد عن التدخلات الخارجية المصلحية التي تريد ان تستفيد من هذه الحالة للتقدم الاكثر لابناتئهم و على حساب منطقتنا، واكبر الوسائل المستخدمة من قبلهم هو وجود القيادات و الحكومات و الانظمة التي توفر لهم امكانية سيطرتهم على هذه المنطقة و تفرههم و تساعدهم على نهب الثروات من اجل مصالحهم الضيقة على حساب ابناء شعوب هذه الحكومات ودولهم و خير وسيلة لتنفيذ مراهم هو تثبيت ما يشغلهم و يلهيهم من الصراعات الخشنة الداخلية و الحروب التي تندلع و تستمر اوارها بشكل واخر مؤديا الى تطبيق شعارهم الابدي فرق تسد و هم يسيدوا لحد الخنوع لشعوب المنطقة و لفترة يُعتقد ان تكون طويلة طالما بقت الحال و المستوى الثقافي الاجتماعي و ما تسير عليه شعوب الشرق هكذا على ماهي عليه اليوم .
الحلول النهائية غير متوفرة الان و في هذه المرحلة التي نعيشها، كلما تقدم بقعة هنا و هناك نحو الخطوة الاولى لتغيير معيشة الناس و عقليتهم و سلوكهم و تعاملهم مع البعض، اي التغيير الكلي الاجتماعي، طالت اليه ايدي من ليس له المصلحة في تقدمها و تغييرها و تعمل على منعها و تنجح في اكثر الاحيان في عرقلتها و به تعود الى ما كانت عليه، و المناضلين المحاولين العمل على محو هذه المحنة دون هوادة اما يياسوا او يتشردوا او يفروا مخلفين الواقع و المنطقة على حالها دون اي تغيير، و به يمكن التراجع عن حتى الخطوات التي اتخذت في تقدمها.
التدخلات الغربية في شؤون البلدان و بالاخص اصحاب الثروات هي اكبر الاسباب في بقاء الوضع الاجتماعي العام و العلاقت البينية لافرادها على ما هي عليه من اجل تقدم هم اكثر و بقاء هذه الىمنطقة كبقرة حلوبة لهم فقط. و السؤال هو؛ الى متى تبقى المنطقة و شعوبها هكذا ، فالسؤال يحتاج الى دراسة و تحليل من اجل ايجاد الجواب الوافي و العلمي الدقيق و من ثم ايجاد الحلول، و لا يمكن ان يقول اي منا ما يمكن ان يتغير به و عليه اي شعب و يسير دون توفر المقومات الكثيرة و منها ثقافة الفرد و المجتمع و تفهمه للواقع و كيفية صد اي تدخل مؤدي الى بقاءه على حاله و ما هو فيه و الوصول الى العقلية المتصدية للمؤثر السلبي و البدء بتطبيق مناهج و طرق تؤدي الى التغيير السلس و تجاوز العقبات نحو الامام، اما من الناحية الاقتصادية فهي ثرية لا تحتاج الّا الى التنظيم للاستفادة منها دون اي تدخل من الاخر الطامع السالب الناهب بطرق شتى.[1]