هل تُحل عقدة كركوك
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 6287 - #11-07-2019# - 17:34
المحور: القضية الكردية
المشلكة في كركوك هي النظر اليها و كأنها ترسانة للمواد الطبيعية و الذهب الاسود فقط دون الاعتبار الى اهلها و تاريخها و كيف تغيرت ملامحها من قبل الغادرين من الحكومات الدكتاتورية الجائرة، و كأن عندهم الانسان لا شيء امام المادة. هناك صراع محتدم خفيا كان ام علنا في المنطقة و الدول المستعمرة القديمة التي تشارك بشكل خفي و قوي و باسلوب مخادع و بحركات و افعال و ترغيب و ترهيب من قبلالشركات الكبيرة المسيطرة على زمام السياسة الاستعمارية الحديثة و هي تصر على كيفية رسو سفينة كركوك وفق مصالحها. ربما لا يعلم احد بان بريطانيا هي الفاعل القوي في اية خطوة حصلت قديما و تحصل حديثا و فيهذه المرحلة ازدادت تحركاتها و همتها لانها تعتبر نفسها صاحبة الحق و تريد اعادة امجادها و ما استغلته من الثروات وما كان في وقته نتيجة سيطرتها على مقدرات العراق في المرحلة التي انتدبته و سلبت خيراته لمدة طويلة، وهي لحد اليوم تعتقد بان لها الحق فيها. اما تركيا التي تريد اعادة امجاد العثمانية فانها تعمل وفق ما مترسخ في عمقها و لا شعورها و نظرتها الى المنطقة و كانها سلطان كل زمان و صاحبة البيت و لابد ان تعود اليها ما تريد و انها كركوك المدينة التي اُخذت منها عنوة كما تعتقد و تدعي بصراحة في كثير من الاوقات . اما اصحابها الحقيقيين و هم ضعفاء مغدورين لهم ظروفهم السياسية الاقتصادية المعقدة و ليس لهم امكانية و قوة وضع النقط على الاحرف ليعلنوه صراحة بان كركوك تعرضت للسلب و النهب تاريخيا وجغرافيا و ديموغرافيا و لنا كل الوثائق التي تدل و تثبت ملكيتها، و ان من يدعون بصاحبية المدينة المظلومة هم لم يروها تاريخيا الا حديثا وجذبتهم اليها ثورتها و لم يكن سلفهم يعلم حتى اسم المدينة، فقوة الدولة و دكتاتوريتها هي التي فرضت التغييرات التي اصبحوا هؤلاء في موقع يمكن ان يدعوا زورا و بهتانا ما يقولونه اليوم، نعم الكورد وبعد ان حُرّم من الدولة في بدايات القرن العشرين من خلال نقض معاهدة سيفر و حلت محلها معاهدة لوزان، اخذ منه الحق و سلب منه التاريخ قبل المستقبل و غُدر به من قبل المعنيين الاقوياء و المتحالفين بطرق ملتوية و حيل و خداع معلومة لدى الجميع.
اليوم وبعد كل تلك التعقيدات المتراكمة منذ مدة ليست بقليلة فيظهر المزيفون و الطامعون و يدعون زورا و هم يعرفون زورهم و بطلانهم ذلك قبل الاخرين، و العلة الكبيرة في كل تلك الادعاءات و الزيف و التضليل هي وجود الذهب الاسود الذي اصبحا نقمة على اهلها كما هو حال المدن الخرى المماثلة كخانقين و سنجار و الاماكن و المواقع الصغيرة الغنية في كوردسان باجزاءها الاربعة. و ما نعلمه هو التغييرات الكبيرة في مراحل تاريخ هذه المدينة سواء ما رافقت مع التغييرات السياسية العامة للدولة العراقية ام مع تغيير اوضاع الكورد الذي تعرضوا للتسفير و الترحيل و التعريب في اكثر مراحل تاريخهم في هذه المدينة، و هناك دلائل و وثائق لا يمكن لاحد انكارها تثبت احقية الشعب الكوردي فيها في الوقت الذي يجحد الاخرون و بتبجح كبير على كل شي يخص صاحبها الاحق. ما يعمق الامر غصة هو الثقافة الشوفينية التي تحملها هذه الحكومات و النسبة الكبيرة من هذه الشعوب التي تعلم بانها تسرق و تسلب و تدعي العكس.
اليوم نحن في مرحلة مابعد الدكتاتورية كحكومة في العراق فقط و لا نزال في حال الدكتاتورية ثقافة و مرعفة، نرى الطامعين موغلين في ثقافة و فكر الشوفينية التي هي مستقرة في كيانهم و في عمق من مد يده الى الباطل دون ان يهتز بدنه في التاريخ الحديث، و الا عندما لم يُكتشف النفط فلم تكن هناك مشكلة حول طبيعة و تركيبة هذه المدينة و التاريخ يوضح لنا الاكثرية الساحقة لاهله دون اية مشكلة في الامر. اليوم و بعد التغييرات الديموغرافية التي حصلت على يد الدكتاتورية البعثية هناك من يريد ان يصدق الكذب المتكرر الذي اعيد صياغته من قبل الحكومات الشوفينية الطامعة على حساب اصحاب الحق الحقيقيين و يريد غدرا ان يبقي على الباطل، و يريدون بتكرار الكذب ان يصدقهم حتى اصحاب الحق و يترك لهم الامر كيفما ارادوا، و لكن الشعب الكوردي الذي اصبحت قضية كركوك و المناطق المستقطعة قضيته الاخلاقية و الشرف و الكرامة لا يمكن ان يسمح بسهولة لمن يريد الغدر مرة اخرى مستندا على الزيف، و سوف يصح الصحيح مهما كان وراء الزيف و الغدر و الكذب قوة غاشمة.
فكركوك هي القضية المركزية لجميع الشعب الكوردستاني و من يتذكر جيدا الثورات فانه يعلم بانه لم تكن هناك حتى مساومة تكتيكية في هذا الامر و التي اعتبرت كفرا و حنثا بالعهد و الشرف على هذا الحق التاريخي الذي اصبح صلب شرف امة و ماضيه و مستقبله و حقه المهضوم الذي يريد استرجاعه مهما بلغت التضحيات الجسام و التي سالت دماء من اجله و لازال ابناءها مستعدين لتقديم اكثر رغم الفجوات في عقلية القادة الكورد الذي لا يعملون باستراتيجية تتطلبها القضية و حقيقتها، و حتى يطمئن من يتخيل بانه سوف يمد في غدره اكثر فيما يعتقد و يريد ان ينفذ غيه، فيجب ان يتذكر بان ابناء هذه المناطق هم في طليعة الثورات الكوردستانية و كانت عينهم باصرة على كركوك و ان كانوا في اية منطقة اخرى في كوردستان و قدموا الكثير و لازالوا مستعدين مهما ضاعفت التضحيات.
ان ابسط الحلول في هذه المرحلة الت ينعيشها و سيطرة لغة العصر و الحق هو اعتراف من هو وافد تاريخيا و ليس ابان النظام الدكتاتوري فقط باصلهم و فصلهم الحقيقية و يطلبوا مساعدة من اصحابها لضيافتهم و تامين جياتهم.
اما العقل السليم هو التعامل مع الواقع الموجود بفكر و عقلية عصرية تقدمية و عدم انكار الحق و بحوار و لكن دون الدخول في امور زائفة صنعتها الحكومات الدكتاتورية و الادعاء بغير الحق من اجل تضليل المقابل، لان الجميع يعلم بان المدينة لها صابحها الحقيقي و شعبها العتيد و لا يمكن ان يتنازلوا ابدا عن حقوقهم، و ما لحق بها الغدر ازدادت همة ابناءها و قوت ايمانهم بتمسك بحقهم مهما بلغ الامر تعقيدا.[1]