وقع اردوغان في وحل غروره
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 6280 - #04-07-2019# - 14:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
انتشى الرئيس التركي اردوغان من افرزات نجاحه النسبي اقتصاديا خلال الفترة السابقة و بعدما طال امد بقاءه رغم اخطاءه اغترّ و لم يراجع نفسه، و الانقلاب العسكري ازداده قوة و ملأ الفراغ الذي بدأ يتوسع في كيانه السياسي نتيجة ما انتجته نرجسيته الشخصية و غروره المتزايد، الا انه لم يفكر بان هذه النجاحات النسبية التي حققها حالة مرحلية ان لم يسر بما يمكنه ان يتقدم بشكل طبيعي لبلاده، و في هذا لم يتعض من الذين كانوا قبله من القادة من مختلف المشارب و ازيحوا في نهاية المطاف.
يمر اردوغان باصعب مراحله و كانت خسارته و حزبه في انتخابات اسطنبول ضربة موجعة و يمكن ان تكون قاتله لحياته السياسية المستقبلية، و حتما هي بداية نهاية صعود منحنى شعبيته التي تاثرت بعد ان حوّل البلاد الى النظام الرئاسي و توسع صلاحياته لحد الدكتاتورية باسم الديموقراطية التركية الخاصة. و مازاد الطين بلة هو خطواته الانية الخاطئة التي اتخدها نتيجة ما امضى و قرر اثر تلقيه لتلك الضربات المتكررة و كرود افعال عليها و بشكل ارتجالي، و اليوم ازداد عنجهية و اخطائا بعدما تلقى الصدمة و هو يسير ناويا الانتقام عن خسارته بطريقته الخاطئة التي ازدادت من انغماسه في الوحل الذي صنعه بنفسه لنفسه.
اراد لفت الانظار عن خسارته بافعال و عمليات عسكرية داخلية وخارجية و من ثم العمل على وضع حد بشكل جنوني امام الفائز في انتخابات اسطنبول و كأن العملية الانتخابية خصوصية فردية لا تمت بالحياة السياسية العامة و لازال يريد وضع عراقيل امام امام اوغلو و هكذا يزداد عنجهية و به يبعد نفسه بشكل متواصل عن الشعب و هو حائر لا يعلم بانه يسير على الطريق الخاطيء محاولا تعويض ما خسره دون فائدة. لو راجعنا نحن الخطوات التي اتخدذها من قبل الى حد انه حول النظام بما يناسبه شخصيا نرى انه ازداد غرورا بعد ان تمكن من تنفيذ كل ما اراد دون ان يواجه عائقا يرده الى عقبه و يصحيه من غفوته اثر افرازات نرجسيته و غروره، اما اليوم و بعد حيرته نتيجة ما حصلو بدلا من المراجعة و تقييم الذات لبيان اخطائه السابقة فانه دخل في اخطا متتالية لم تكن تحصل لولا الخطوات الخاطئة السابقة الى اتخذها بشكل عام في البلاد و ليس في اسطنبول فقط، و يمكن ان يكون هذا خسارة اردوغان بشكل مطلق و يمكن ان يحتسب تعثرا لحزبه على ايدي رئيسه، او بالاحرى انه استخدم هذا الحزب لتنفيذ مهامه الشخصية وتحقيق طموحاته الشخصية، و فرض وضعا داخليا لحزبه وهو في اسوا حالاته و سيشهد تغييرات و سيتلقى ضربات يمكن ان يضعه في حده و مكانه المناسب.
ما حصل في اسطنبول يمكن ان يُقال عنه كما ذكر الاعلام التركي بانه انقلاب الشعب التركي الابيض على توجهات اردوغان الشخصي و ليس فوز لامام اوغلو فحسب. و يحتسب على انه بداية النهاية لهيمنة و عنجهية اردوغان و يمكن ان يعلم مصيره بنفسه اكثر من غيره و عليه يتخبط و يزيد اخطائا و تخبطا يوما بعد اخر. و هو بداية ظهور بصيص الامل للشعب التركي من انهاء الافعال البهلوانية لرئيسه الذي اراد اعادة هيبته بخطواته المتاملة في اعادة الهيبة الشخصية املا بعودة النظام التركي العثماني الجديد، الا انه خسر نفسه قبل تحقيق طوماحته الشخصية التي فضّلها على مصالح الشعب و مستقبله.
و عليه لا يمكن ان نتوقع تصحيح مسار السياسة التركيةفي هذا الوقت بهذه القيادةالعليا طالما بقيت تحت امرة اردوغان بعدما راى الشعب بانه يسير الى الامام بشكل عشوائي و هو ملتفت الى الوراء باستمرار، و به سيستمر في تكرار ما اقترفه من الفعال البعيدة عن ابسط متطلبات السياسة و النظام الديموقراطي، و بعد ان يتراوح فيقع هو بنفسه في الوحل في اخر الامر دون ان ينقذه احد. و من المتوقع ايضا الى جانب ذلك ان يحصل تغييرا كبيرا او انعطافة سياسية في تركيا نتيجة اخطاء السياسة الخارجية التركية التي يمكن ان نتوقع بداية تغيير مسار السياسة العالمية في المنطقة او حدوث انقلاب كبير في مسار المعادلات التي بقت ثابتة لحد ما طوال العقود.
ان ما يفكر به اردوغان اليوم هو الانتخابات المقبلة و كيف يعيد ثقة الناخبين به و بحزبه و ينعكف على العمل من اجل عبور هذه المرحلة دون افرازات اكبر و به يتخبط نتيجة الضربة القاسية التي تلقاه و ما يفرض هذا ان يعيد الاخطا،ء و يمكن ان يحصل على النتيجة العكسية و يفقد توازنه و يقع نهائيا، و لكن هذا ليس بامر نتوقعه ان يحصل بين ليلة و ضحاها و انما طالما انزلق و وقع في الوحل فانه يحاول الخروج و انقاذ نفسه باية طريقة كانت و عليه لا يخرج الا بمساومات سياسية و خطوات متعجرفة ما تزيده عزلة مع الشعب في نهاية الامر، و ما يبرز اليوم من ظهور بدلاء له و احزاب جديدة ليس الا بداية و لا يمكنه ان يحل هذا عسكريا كما فعل في خلال الانقلاب المزعوم و انهى غرائمه دون ان يبرز معارضا جديا و تماهى معه الكثيرون و حتى اضداده مستغلا الوضع و متماديا على حتى هيبة بلده التي تكونت خلال العقود من الناحية الديموقراطية و الخصوصية التي تمتعت بها. و به يمكن ان ننتظر التراجعات الكبيرة بعد تناقص شعبيته و حزبه و ظهور بديل له و لقيادته خارج و حتى داخل حزبه، و لا يُستبعد حدوث مفاجئة على شكل انقلابات رغم ان مرحلة الانقلابات قد مر عليها الزمن و لم يعد هناك ما يدفعنا ان نفكر بان حالة استثنائية تحدث في هذا الامر، و عليه يمكن نتوقع بان يكون هناك انقلاب سياسي و ليس عسكريا و يذهب به راس اردوغان سياسيا الى الابد.[1]