لماذا ترجمت كتاب الشخصية المحمدية الى اللغة الكوردية؟ (2)
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 6063 - #24-11-2018# - 17:23
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
كما هو المعلوم عن هذا الكتاب الشيق و المعتبر انه كُتب في ظروف اجتماعية و ثاقفية و اقتصادية خاصة في العراق, اي ذلك العراق في انئذ من المرحلة و ما كان عليه، بحيث لم تؤثر قيد انملة ما فرزه الواقع و ما توارثه طوال القرون على خلفية الكاتب في انشعاله بهذا الكتاب و لم يبدر منه اي خوف او شكوك او حذر اوحساب لهذا و ذاك على حساب حيادية و علمية الكتاب، و كما اعتقد ربما لكونه واقعي، لانه يعلم بانه لم ينشره الا بعد رحيله. ما يهمنا هو المجال الثقافي التنويري الذي اعتمده في تلك المرحلة التي اتسمت بالعقلانية في الفكر و العقيدة و العمل في اكثر الاحيان، و الاهم هو جوهر الكتاب و الهدف الذي كُتب من اجله و اهمه هو تنوير العقل الفرد في هذه المنطقة الموبوءة بالكثير من الامراض على الرغم من ما يعتبرها البعض المرحلة الذهبية مقارنة مع الوضع الحالي ( و لهم الحق في ذلك عند المقارنة). لم يحسب الكاتب مصلحته و حياته الخاصة على العكس مما هم عليه حال كافة المثقفين و منهم الكتاب في المرحلة الحالية، وهذا هو العامل الرئيسي للتخلف و عدم الابداع و المراوحة في المكان ذاته في هذه المرحلة الصعبة.
الاهم من كل ذلك هو الكتابة بحيادية تامة دون التاثر بالخلفية الذاتية كانت ام ما تفرضه السلطة و السياسة و الواقع الموجود، و كان همه الوحيد هو الوصول الى الحقيقة و ان كان بيان جزء او زاوية مضيئة من الحقيقة يحتاج لجهود مضنية و هذا يحتاج لامكانيات كبيرة الا ان للتواصل على اصرار المجتهد في الوصول التام الى حقيقة مقنعة قد يجتاز به كافة العراقيل امامه.
هذا الكتاب و ان كان الميول او المؤثرات الاجتماعية قد عتم جانب قليل جدا من اركانه دون قصد او بالاحرى معتقدا بانه الاصح، الا انه كان واقعيا و لدرجة كبيرة لم يلمس ما كان يفرض نفسه كالخلافات المتعددة بين مكونات المجتمع و لم يشر ابدا الى الخلافات الجذرية العميقة التي طفحت الان وكانت موجودة ايضا في تلك الفترة و التي صنعت عواقب كبيرة امام التنوير في منطقتنا، كل ذلك من اجل احتيازه العبور فوق مخلفاته و افرازاته السلبية.
هنا و انا كمترجم و من اجل الاستناد على الصدق الذي تميز به الكاتب و لنقل متن و فحوى الكتاب كما هو اعتمدت على حتى الجزئيات الدقيقة فؤ جوهر الكتاب لنقله كما هو دون اية شائبة، و لم استخدم حتى الفروقات اللغوية الكثيرة بين اللغتين و الموجودة بشكل واضح و العمل على تناولها بما يفيد الفهم هو المطلوب للترجمة في نقل الكتاب الى القراء. اي تحملت العبء الكبير و ما اعتقده من الانتقادات التي اتلقاه’ و على الرغم من انني اعتقد سوف ادفع ضريبة غالية و كما حدث لي من الاعقات قد تؤدي تغيير كبير في حياتي الخاصة على حساب حريتي في مثل هذه الظروف التي اعيشها و ما نحن فيه ثقافيا فكريا و اجتماعيا، ليس في كوردستان فقط و انما في العراق و المنطقة بمجملها.
ما لدي من الانتقادات العلمية الصغيرة جدا للكتاب و وفق توجهاتي و اعتقاداتي و المستوى الثقافي المتواضع الذي اتمتع به لم يؤثر على الترجمة، كما توضح لي ذلك و من بعد التقييم الذي قام به عدد من الملمين المثقفين بهذا لاشان، و هذا ما اسعدني اكثر من الترجمة و النتيجة التي تحصل بعد صدور الكتاب بذاتها. حتى ما عندي على الكتاب لم يدفعني الى الاعتقاد بانه انحرف عن الطريق الصحيح لجوهر الكتاب او الغرض العلمي منه.
و نظرا لحساسية الموضوع الذي يتناوله الكتاب في هذه المنطقة و لكي لا اتهم بالتدخل في ثناياه اصريت على ان انقله حرفيا من اجل بيان الحقيقة التي يقصد بها الكاتب في هذا الكتاب قبل اي شيء اخر كما يعلن في اكثر من مكان فيه. و على الرغم من تكرار بعض المواقف و القصص الا اني آثرت على ان انقله كما هو ايضا دون ان اعبره وان تيقنت على ان قطعه لم يؤثر عليه فقط و انما مفيد للكتاب و الهدف منه ايضا.
لم اخضع لنصائح الكثير من الاصدقاء المعتدلين فكريا في امكاني العبور على بعض من المتكررات، الا انه في النهاية اجنازيت ذلك ايضا و نقلته كما هو و لم اخذ بنصائحهم هنا، و اعتذر منهم لانني لم اخذ برايهم و موقفهم و تناقشت معهم دون ان اعمل بما نضحوا من حرضهم على اهمية ذلك، و ان كان هناك من المفروض علميا ان اعمل بما نصحوني به، الا انه ايضا و من اجل امانة النقل كما هو لم افعل شيئا ازاء الجوهر و حتى التفصيلات و السرد المتكرر في الكثير من الاحيان و الذي يمكن ان يؤدي الى ملل القاريء تركته كما هو على حاله . و لم اكتب حتى التعليقات الضرورية حول ما تيقنت من وجوب كتابة التعليقات لتوضيح الامور وفقا للمستجدات التي حدث في هذا المضمار وخلال العقود ماوراء طبع الكتاب لحد الان الا قليلا جدا وللضرورة القصوى من اجل الفهم الاكثر و الاعمق لجوهر الكتاب. و لكنني كنت بصدد ما هو الادق في نقل المعنى لجوهر المقصود و لتلاشي الشكوك الممكن ان تتبادر الى ذهن القاريء في مكان ما، فعليه استخدمت كلمات شتى من اللهجات المختلفة للغة الكوردية من اجل اغناء الترجمة، بعدما ادركت انه الحل المقنع لفك الالغاز اللغوية و اهمية ذلك في التاثير الايجابي اللغوي و من اجل الفهم الكامل لفحوى المقصود من اصل الكتاب الى القاريء بلغة الام.
ان الكتاب طبع في العقد الرابع للقرن العشرين و وفق تلك المرحلة و ما كانت عليه فانه كُتب بعقلية و فلسفة تنويرية حرة و تعامل مع الموضوع بكل حرية و بالاخص مع شخصية تاريخية جدلية حساسة مثل محمد الذي يشغل ما بقى من ابعاد ما عمل عليه طوال قرون و كيف تناوله الكهنوتيون من جهة و الباحثين العقلانيين اصحاب نظرة انسانية للامور الفكرية الفلسفية من جهة اخرى بعيدا عن الايديولوجيا التي اصبحت الشغل الشاغل للمصلحيين من الشيوخ و الملالي و الفقهاء الذي تعتمد حياتهم الخاصة على ما يدره موقفهم المتعدد المصلحي عليهم من الاموال و اعتمادهم معيشيا على ما يحصلون منه و يقتنون باسماء و اداعاءات مختلفة.
و عليه لابد ان اعتز بهذا الكتاب و ترجمتي له من جوانبه المتعددة الفلسفية و الفكرية و ما يهم الجميع دون اي استثناء, و لي الفخر اني اقدم هذه التحفة و المنبع الصافي للفكر و ما يشغل المجتمع الاسلامي منذ قرون طويلة ولم يبحث في ثنايا ما تطرق اليه الرصافي كما هو الا القليلون جداد, و عسى انني وضعت حجر على جدار التنوير لمجتمعاتنا الشرقية المختلفة التركيب و بخلفيات متنقاضة حد التضاد في اكثرها.[1]