المثقف الكوردي بين عقله الداخلي و خياله الخارجي
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5908 - #19-06-2018# - 09:42
المحور: القضية الكردية
انه يريد الديموقراطية المطلقة لكوردستان ويدعي الخبرة و المثالية التي لا يشق لها غبار و انه المتفوق من الناحية الثقافية السياسية و ادعاءاته المثالية و تعمقه في خيال دون ان يحتسب للمساحة او الاطار الجغرافي السياسي الثقافي الاقتصادي الذي يتواجد فيه. و كان رجله على ارض كوردستان و مخيلته في اية دولة متقدمة و ربما لم يزرها يوما او عاد لكي يبيع ما اقتنصها من الثقافة السطحية هناك دون ان يقارن ما يريد مع ما موجود و هو يعيش في ظروف ذاتية لا يحس بها، مع الموانع الظروف الموضوعية المحيطة بمكانه.
انه المثقف الكوردي الحائر بين السياسة و الزمان و المكان. انه ينتقد و ارجله تتطاير في الهواء و يتكلم دون ان يدري بانه يتخيل او يحلم و كل ما يفعله هو محض كلام لم يقدم و لا يؤخر من شيء. نعم انه اصبح تابعا لجهة سياسية دون ان ينتمي اليه تنظميا, اصبح منتميا للعقلية القاصرة المحدودة الرؤى دون ان يعلم بما هو عليه, اصبح يفكر مناطقيا و حزبيا و فئويا و يدعي عكس ذلك و كان الامر لا يحسه الاخرون.
هذه هي حال المثقف الكوردي الذي اختلط عليه الامر بين السياسة و الثقافة محاولا العزل بينهما بالقوة و مترددا في سلوكه ازاء ما يفرض عليه البقاء في مساحة ما تفرضه السياسة و ما يتخللها من المعوقات الكثيرة نتيجة لما هو عليه في كوردستان.
لماذا لم يسال المثقف الكوردي نفسه بعد طول المعاناة التي تحمله مع الشعب او ربما دونه او حرر نفسه منها بشكل واخر؛ لماذا لم ينظر الى الارض قليلا و يتماهى مع الواقع افضل من الطيران في الهواء الطلق باعتباره ربما اسهل له من الاحتكاك مع الموجود على الارض. اليس من المفروض ان يكون اكثر تعمقا و جوهريا في تفكيره و يكون دائما في متن الموضوع اكثر من غيره, اليس عليه ان يقيّم الواقع كما هو و يحدد الممكن في السير بين كل تلك التراكمات المعيقة للعمل السياسي و للمثقف و الشعب الكوردستاني بشكل عام, اليس عليه ان ينفصل او يكون الى حدما غير مطابق تفكيرا و سلوكا و تصرفا مع اي سياسي او مؤيد لحزب ما بعينه, او على الاقل انه من حقه الانتماء لاي تنظيم و لكن عليه ان لا ينكر ذلك كي يتفهم من ينصت له على الاقل ما يقول و انه من منظوره كمثقف سياسي تنظيمي و ليس من مثقف مستقل مجرد.
اننا امام مجموعة من المثقفين الذين يرون الثقافة فقط في الانتقاد دون الاحساس بالمسؤولية وما تفرضه حال كوردستان و ظروفها الخاصة التاريخية السياسية الاقتصادية و ما تتسم به و فرادة نوعية ظروفها الذاتية في العالم. انه المثقف الذي يعيش لحظته فقط و انه يتكلم و كانه يعيش في دوله مستقلة ذات سيادة او لا يؤمن بدولة خاصة لكوردستان و لكنه يرفض ان يعطي الحق للنسبة المطلقة من الكورد في ايمانهم بحق تقرير المصير, انه لا يفرق بين وجود الدولة وانعدامها فيما يعتقد بانها مهامه الخاصة.
المشكلة الرئيسية للمثقف الكوردي ان كان لنا الحق في تحديد وجود المثقف الكوردي، انه يعيش عقلا و فكرا و خيالا في عالم مثالي يتخيله غامضا عينيه لما حوله, و احيانا معمي عن ما فرضته الظروف من اجل تعصب ما حزبي او مناطقي او غرور متوارث لدى مجموعة شاذة موجودة منذ مدة تعتبر نفسها هي صاحبة الامر و انها هي التي لها الحق في اعتبار نفسها المجموعة المثقفة الوحيدة على ارض كوردستان و ليس لاحد اخر ان يحل محلها او يعتبر مواكبا لها.
و اعلم ايها الطائر,عندما تتعمق في التفكير و تعود الى حالك كما انت و تبتعد عن التخيل و الحلم, لم تجد الا واقعا خربا و ثقافة مشوهة و فكرا لم ينضج بعد لتصادمه مع المعوقات التي تجعلك انت هكذا طريا غير ناضجا او يمكن ان نقول ساذجا و غير متقبلا لما هو الموجود لتعنتك او ربما لتعاليك دون ان تستفيد او تفيد غيرك. انك تخلط بين الموجود السياسي و الثقافي في مساحته و تنتقد من يفعل ذلك في بقعة اخرى من كوردستان, انك تمدح و تصف شخصية و تقدسها و تنتقد التقديس بذاته و التبجيل حتى لمن بجلهم التاريخ, انك تنتقد باقذر اسلوب وطريقة للادعات الصغيرة من المناطقية و الحزبية و لا تعلم بان توجهاتك و سلوكك غارق في الامر بنفسك, انك تدعي سذاجة الافكار و التوجهات و الاهتمامات الاخرى و لا تعلم بانه لازلت تطير عاليا وتتخيل دون ان تعلم بانك انت من تصف نفسك بشكل دقيق و دون ان قصد. لا تقيم ذاتك و تسير و كانك على الطريق الصحيح و عندما يقيّمك الاخر تتفاجا بل تصدم و كانك تقع من اعالي خيالك رافضا لما هو الحقيقة في ما يُقال عنك او ما تواجهه. انك الموصوف بالمثقف الكوردي الخيالي العائش في كوردستان و خياله في مناطق اخرى و ربما في حالة زمانية تاريخية سابقة او في خيال لما يمكن ان يصل اليه هو دون ان يلتفت الى الموجود حوله او الى موقعه على الارض على الاقل. و ليس امامنا ان نقول ليس لك ايها الشعب الكوردستاني غير الله من ما انت تتلقاه على ايدي سياسييك و ما يسمون بمثقفيك.[1]