من خلق فوبيا الكورد لدى تركيا
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5620 - #25-08-2017# - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
لم نسمع كلاما او تصريحا لدى مسؤلي تركيا الا و يتضمن هدفا واحدا و اكثر اهمية لديهم و هو وقوفهم ضد طموحات الكورد و خوفهم الكبير من تحقيق الكورد لاهدافهم ليس داخل بلدهم و انما اينما كانوا، و انهم فقط من يعتبر وضع عراقيل امام ضمان الحياة الحرة الكريمة للكورد في اولوياتهم . و هلعهم الدائم من اية خطوة اينما كانت ان اعتقدوا بانها تؤدي الى تقدم القضية الكوردية في اية بقعة كانت يدع الجميع بان يعتقد بان تركيا قد تولدت لديها فوبيا الكورد سياسيا دون ان تعلم ذلك او لا تريد ان تعلن عنها او تتجنب من وصفة لتجرعها علاجا لما هي فيه .
لماذا وصلت حال تركيا الى اصابتها بمرض مزمن و قلق دائم و فوبيا يستعصي عليها حلها، انها هي السبب و ربما عقليتها و ما تفكر فيه دائما من امكانية سيطرتها على المنطقة و تريد استعادة مجدها العثماني و قيادة العالم الاسلامي، مما يحدو بها الى ان تجزع من مجرد اسم الكورد لكونهم في مقدمة ما يمنعهم ان يخوضوا ما يريدون خارج حدودهم بالراحة التامة، و انما كلما ارادوا تخطي عتبة حدود تركيا سياسيا اعادتهم القضية الكوردية الاولى في بلدهم الى حدودهم دون ان ينبسوا ببنت شفة او يفكروا يوما في الحل الجذري، الا انهم يتآكلون في داخلهم و يتراجعون امام الضغوطات الداخلية و الخارجية في هذا الجانب .
انها دولة تدعي بالمساواة في قرارة نفسها و هي بعيدة عن تلك السمات الحداثوية و تفرض ما لا يستسيغه الكورد و المكونات الاخرى عليهم سياسيا، و لا يمكن ان يحس الكورد بالمواطنة و في داخله احساس بالاغتراب و عدم الامان و فقدان الدولة .
اما لماذا تعقّد الامر على تركيا اكثر من غيرها فله اسباب كثيرة و منها:
*وجود العدد الاكبر من الكورد ضمن حدودها من جهة و تلمسها من وحدتهم الفكرية و العقيدية و الايديولوجية اكثر من المناطق الاخرى و لازالت تركيا على اعتقاد بانهم نواة بناء الدولة الكوردستانة في المنطقة .
* لدى الكورد الموقع الاستراتجي الاهم في تركيا و المنطقة بشكل عام و يتوفر في جغرافيتهم الموراد الطبيعية و البشرية الاهم المطلوبة للحياة المدنية التقدمية و بناء كيان ذاتي رغم كل المؤثرات السلبية طوال قرن تقريبا على حياتهم و ممارسة الدولة لكل الطرق و الاساليب لتفرقهم و تشتت قواهم من اجل ان لا يبقوا وحدة واحدة، الا ان الوحدة الفكرية و العقيدية التي يتمتعون بها جعلت ان تذهب محاولات تركيا من هذا الجانب ادراج الرياح .
*الوضع الاجتماعي المتراصف و قوة وحدتهم و ما يتميزون به من السمات و الصفات المتميزة الدافعة لهم في التقدم رغم عدم توفر الظروف الموضوعية، مما جعل ان يكون لتركيا مخاوف مستقبلية كبيرة اكثر من حاضرها و عدم الاستقرار الدائم و الخوف من المستقبل و هذا من اهم الاسباب الذي يؤدي الى ان يصاب اي كيان بالفوبيا من اي موضوع كان و ماذا ان كانت قضية معقدة شائكة يحس اصحابها بالغبن والاجحاف بحقهم .
*عدم اطمئنان تركيا سياسيا بشكل مما جعلت القضية الكوردية تقض مضجعها ينبع من انعدام خلافات كبيرة بين التنظيمات الكوردية السياسية كي تلعب عليها كما في الاجزاء الاخرى من كوردستان، مما يحسس هذا تركيا بان سواعدها معصوبة بالاصفاد من كل الجوانب .
*اصاب تعاملها مع الكورد بخيبة امل ذاتية كبيرة عندما اصطدمت بشروط اوربا في طلبها للانضمام اليها، و كان في مقدمها الديموقراطية و حقوق الاسنان و وضع الكورد كعامل اهم، فولدت هنا ايضا احساسا كبيرا بالخوف مما دفعت الى الاصابة بفوبيا الكورد.
و عليه يمكن الاعتقاد بان تركيا لها الاسباب الموجبة لاصابتها بفوبيا الكورد نتيجة ما تعيش فيه من الخوف الدائم والجزع مما تحسه، و من ثم ما يتعارض الموجود كورديا مع طموحاتها الاكبر و احساسها الدائم من فقدانها لتلك القوة والثقل و الهيمنة التي كانت تتمتع بها في تاريخها، و تعتقد بان الكورد و ما يسببونه لها من الضعف الداخلي نتيجة مطالبتهم الحقة جعلها ان تعتقد بان قاعدتها السياسية و اهم عامل لتحركها خارجيا هشة غير قابلة بان تكون دافعا للتقدم في تحقيق طموحاتها اكثر من حدودها، و لهذا فهي تعيش في تناقض سياسي دائم و احتارت ما بين ضمان وحدتها الداخلية او الاندفاع نحو الخارج من اجل ضمان تحركاتها اينما ارادت و كيفما فكرت .
و عليه، انها تعتقد كلما فكرت و درست ما تريده من تحقيق الاهداف الستراتيجية لديها، فانها تصطدم بعامل وحيد اكبر من غيره و ما يعتبره انه المعرقل الوحيد لديها و هو الكورد و قضيتهم، و عليه اصبح الكورد عقدة كبيرة لما سببوا لها الفوبيا الدائمة.[1]