ضياع الشعب الكوردي بين التطبيل و التضليل
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5493 - #16-04-2017# - 18:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
لو نُخرج السلطة الكوردستانية و دورها من دائرة حياة الشعب الكوردستاني منذ انتفاضة اذار 1991 و لحد اليوم لربما كانت حياة الشعب الكوردي هكذا او افضل، ان لم نحسب ما كان تفرضه الاعداء من استغلالهم للمكانة المعنوية لوجود السلطة وما لها في حينه . الا ان الظروف السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية لكانت كما هي اليوم او حتى افضل في جوانب عديدة منها .
لنجزء ما نقوله الى ما نقصده بتفصيلاته . بعد الانتفاضة مباشرة وقعت كوردستان تحت رحمة الحصار الاقتصادي المباشر للسلطة الدكتاتورية في بغداد و انقطعت عن الشعب الكوردي تقريبا كل الاتصالات الخارجية و ما تمسها، و تحمّل الشعب المغلوب على امره نتيجة ايمانه بما ناضل دوما من اجله، الى ان توضح له ما يحدث وراء الستار من قبل الاحزاب الكوردستانية، و تيقن بان ما يسير عليه هؤلاء ليس المامول و لحين اوصلوالاوضاع لحد الحرب الداخلية او ما يمكن ان نسميها بالحرب الاهلية الطاحنة في ظرف لم يكن يتوقعه العقل و فكر الانسان السوي . انت الشعب الذي خرجت من تحت نير الاعداء الغادرين و المجحفين بقضيتك، و ان كان الياس من الحال بشكل غير نهائي، و انت شعب لم تبني لك كيانا او اعتبارا بشكل رسمي و معترف، و تعيش تحت رحمة الظروف الدولية التي تطلبت الواقع و متطلبات قرار مجلس الامن المرقم 688 من الحفاظ على المنطقة المحددة وفق مقررات الامم المتحدة، بعد التشريد و التهجير الذي حصل بعد حرب الكويت و الانتفاضة الاذارية .
هل يعقل ان تكون انت في وسط الطريق او في بدايته، و تبدا في خطوات التراجع بفعلك و يدك و انت ضحيت بالالاف من الشهداء من اجل هذا اليوم الذي تمنيته . انه جنون بعينها و لا يمكن ان يحدث لدى اي شعب يكون له قيادة واعية عقلانية حكيمة و محنكة و له الخبرة على الاستشراف و الاستقراء لمستقبل المنطقة و ما يمكن ان يحصل للشعب بهذه الخطوات . صراع الاحزاب وصل الى قمته و لم يتدخل احد في وقف ما يودي بالشعب الى الحضيض داخليا او خارجيا الا في الوقت الضائع، و ما فرضت اطالة الحرب هي مصالح العديد من الجهات، و بعدما وصلت الحال الى احتمال الوصول الى تهلكة النفس والذات، بالاخص القادة المتنفذين المتحاربين و المتصارعين لعقود من اجل مصالح ضيقة التي لم تصل الى ما يهم الشعب بذرة، جلسوا و عضوا اصابعهم و ندموا على ما فعلوه بعد خراب البصرة .
لقد تكالب العديدون على الكورد في تاريخه و لكن اذى الذات اصبحت هي المهلكة و وصلت الى حال كادت ان تؤدي الى الانهيار المماثل لما حدث في انتكاسة ثورة ايلول ، لولا مصلحة الجهات العالمية التي تعمل وفق الاستراتيجية المدروسة لديها لهذه المنطقة بما فيها ما يسم الكورد و موقعهم و تاثيرهم على مخططاتهم الاستراتيجية و خططهم العلنية و السرية .
ما نقصده هنا نحن اليوم و ما يبدر من القادة المتنفذين و السلطة الكوردستانية المتمثلة بالحزب الديموقراطي الكوردستاني بشكل خاص قبل الاتحاد الوطني و حركة التغيير، لكونه يحتكر اكثر مواقع السلطة التنفيذية و منها المالية و العسكرية و العلاقات الخارجية و الثروات و الاليات، وبيده المنافذ الرئيسية للخروج من الواقع المزري الذي اوصل الشعب بيده اليه نتيجة سلوكه و عقليته و تعامله مع الواقع الكوردستاني من منظور ما يهمه بشكل خاص فقط دون اي بعد نظر لما يهم الشعب الكوردي و مستقبله .
ان السطلة الكوردستانية وقعت في اخطاء كبيرة و اثرت بدورها على سبل الوصول الى الهدف و تحقيق ما يهم مصير الشعب، و لكنها انزلت بما فعلت و سارت عليه الشعب الى الحضيض . و على الرغم من توسع فرصة التقدم بخطوات ثابتة لنيل المطلوب استراتيجيا الا ان هذه الاحزاب الكبيرة من حيث الحجم و القزمة من حيث الفكر و العقلية و الاداء و الحفاظ على كيان الامة الكوردية، لم تنتهز الفرص بشكل ايجابي و فوتتها دون ان تضع مصلحة الشعب و مستقبله بعين الاعتبار . و هي تحركت وفق تكتيكات حزبية مبنية على اهداف و مصالح شخصية و حزبية ضيقة لم تخرج من اطر شعاراتهم اللفظية البالية التي لم تكن عند مستوى تحقيق المبادي العامة و الهدف العام و هو تحقيق حق تقرير المصير الذي راح ضحيته الدماء الغزيرة . و بعد ان ادركوا بانهم هم المسببين لما وصلنا اليه و ان ندموا لكن كان بعد فوات الاوان و خارج الوقت و المرحلة التي كانت عليهم استغلالها، و عليه وصلوا الى حال لا يمكنهم ان يفعلوا شيئا الا ضمن التكتيكات و الاهداف القصيرة الامد، و عليه بدءوا بالتضليل لتغطية اخطائهم و نتائج ما اقدموا عليه من الخطوات الفاشلة غير العقلانية و استهلوا المراحل ما بعد الادراك بخداع الشعب بوسائل مشبوهة و بطرق مكشوفة، و منها محاولتهم كسب عاطفة الناس من خلال التزمير و التطبيل بلحن الاستقلال الذي اصبح شعار الربيع السنوي للقيادة الكوردية، اي وصلت حالهم الى ضياع و خرج الامر من تحت ايديهم، و ضيعوا الشعب بين التطبيل و التضليل بادعاءات مختلفة و في مقدمتها الاستفتاء و الاستقلال رغم ما اضاعوا هم الفرص و الوقت لبناء المقومات الرصينة لبناء الكيان الخاص بالشعب الكوردي، نتيجة خلافاتهم و اخطائهم و عدم ادراكهم لما تتطلبه المراحل المتلاحقة و اهتماهم الضيق بما كان تتطلبه و تفرضه الامور الصغيرة و الجزئية لكل مرحلة دون النظر الى الهدف الاسمى و ما يمكن العمل من اجله . و عليه امضوا هذه الفترة الذهبية بين التطبيل و التزمير و التضليل . و لم يبق الا الوقت الضائع و لا يمكن استغلاله بهذه العقول التي اضاعت اكثر الاوقات الملائمة، فكيف بها ان تستغل الوقت الاقل الباقي و المسموح للعب الاقوى و الظروف الصعبة التي تواجههم اليوم بعدما افلت المرحلة الملائمة، و ليس عليهم الا مواجهة المرحلة الاصعب . انهم قضوا على الكثير من الامال بعدم ادراكهم لما جرى ومشوا بما افرزته نوازعهم الخطرة وبها اثروا على مصير الشعب الكوردي او الى حدما ضيعوه، والغريب انهم لم يدركوا ما فعلوا و واصلوا على التضليل بعد كل خطوة خاطئة من اجل التغطية ومحاولة دفن افرزات نتائج اخطائهم الكبيرة . و عليه لم تظل الثقة المطلوبة التي يمكن ان يوليها الشعب بهم من اجل تحقيق امالهم . فلا يعلم الشعب اليوم الى اين سائر بهذه العقول المتخلفة المبتذلة التي تحكمه اليوم و هي ليست بمستوى حتى المراحل الغابرة لحكم اية بقعة كانت . اذن ضعنا بين الخطا و التضليل و التزمير و التطبيل و دفنت الامال بتكتيكات مرحلية ساقطة في مكانها . و يمكن ان ننتظر الابخسمما نعتقد لو سرنا على ما سرنا عليه من قبل، و ما نراه هو هو دون اي تغيير من اي جانب يمكن ان نحسه.[1]