من هو المراقب الرئيسي و المساعد في القضية الكوردية ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5486 - #09-04-2017# - 16:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
لا نزيد شيئا ان قلنا ان القضية الوحيدة بعد محاربة داعش التي تهم الجميع دون استثناء لترتيب اولوياتهم في المنطقة في هذه المرحلة و بعدها هي القضية الكوردية بفروعها العديدة . اصبح الكورد عاملا و ثقلا فرضوا انفسهم على الحسابات الدقيقة لما يجري و تخوض فيه الكبار من الدول عدا الدول الاقليمية التي تعتبرها قضيتها، و هي القضية التي ما يمكن ان تعطي اية معادلة من نتائج الا بوجودها، وفي مقمدتها ما تفرزها معطيات نتائج الخطوات السياسية لجميع اللاعبين على الساحة الشرق الاوسطية في نهاية الامر .
تقتضي الخطوات المتسارعة لتوجهات القوى المختلفة علينا ان نستدل من وراءها ما المحسوب للكورد في كل خطوة، لانها لا يمكن ان تكون ذات اثر دون الحساب لما يخص الكورد من جميع النواحي . بمعنى ان الحسابات و المراد في النتيجة المطلوبة لاهجاف الكبار استراتيجيا و ما تصاحب الخطوات العامة لكل تكتيك سياسي الذي يتطلب احيانا افعال و حوادث عسكرية كاشارة لتغيير السياسات او توجيهات عملية على الارض لحث الاخر على المطلوب ، و لبيان الموقف و اشهار التغييرات التي تفرضه المسيرة المستديمة للخروج من الحال باحسن حال لكل مراقب، و كما شاهدنا القصف الصاروخي الامريكي لمطار الشعيؤرات بعد اتهام سوريا باستخدام الاسلحة الكيمياوية، و لم نكن نرى مثل هذه الخطوات ابان سلطة اوباما مهما كانت افعال سوريا .
هنا يمكن ان نفرق بين عمل و اهداف كل طرف عالميا كان ان اقليميا في المنطقة،و ما يضمر كل منهم من الاهداف للقضية المثيرة دائما و هي الكوردية التي اصبحت العامل المشترك لدراستها مع القضايا المرحلية و الدائمية الاخرى جميعا دون استثناء . اي لا يمكن الخروج من الحسابات المرادة للتعامل مع داعش تكتيكيا الا و يفرض استراتيجيا التعرج للقضية الكوردية في بحث و دراسة المطلوب لانهائه، و هكذا في التعامل مع الدول في المنطقة من قبل القوى العالمية والتعامل مع موقف كل دولة و مصالحها و نظرتها الى الكورد و قضيتهم .
المراقبون السياسيون الذين يلعبون في الخفاء و في القليل من الاحيان جهارا، فانهم لا ينكرون ان قضايا المنطقة قد تداخلت و اصبحت الحلول النهائية في نهاية الامر لكل منها وقعا كبيرا على الاطراف التي تخصه القضية و على النتائج المفترضة التي يمكن ان يستحصلها كل مراقب جراء تفاعله مع اي حدث او عملية او خطوات سياسية، و فيما تتمخض فيه المنطقة من الناحية السياسية والعسكرية بما لها من الارتباط الوثيق بما يمس الاقتصاد و الموارد الطبيعيةالضخمة الموجودة في المنطقة و التي تهم المراقبين قبل اي شيء اخر . و من القضايا التي تفرض الخوض فيها بشكل مسهب من قبل المراقبين و فق المستجدات من المواقف المختلفة للحلفاء و الاعداء للمراقبين الكبار هي القضية الكوردية التي اصبحت تفرض نفسها اكثر بكثير من السابق .
اذن، لو اردنا توضيح من هم المراقبين الرئيسيين للقضية الكوردية، ونستوضح ما تفرضه مصالحهم عليهم التعامل معها بكل جدية؛ هما الولايات المتحدة الامريكية و روسيا قبل الدول الاقليمية التي تعتبر القضية تخصها دون غيرها . فان المراقبين الكبيرين و ان تراقبان الوضع بشكل عام الا انهما ايضا تدققان الخطوات اليومية لكل طرف و ما تؤثر كل منها على توجهاتهما و اهدافهما و ما تريدان التوصل اليه في النهاية، و انهما تحددان عندهما الخطوات التي من المفروض ان يتخذها كل طرف دون تخطي المساحة المسموحة له في مسيره حسب ما تتطلبه مصلحتهما المصيرية . و ان اختلفا احيانا في التكتيكات فانهما متفقان على الامور الاستراتيجية التي تخصهما، و هذا ما يستوضح لنا مدى بعد بعد عودة الحرب الباردة للسياسة العالمية التي تتبعها القوتان او القوى العالمية البارزة الكبرى . اي القضية الكوردية و ان كانت الاطراف الداخلية التي تعتبر نفسها اصحابا لها، غير متوافقين في امورهم و لم يتعاملوا لحد اليوم مع المستجدات وفق ما تهم شعبهم و تفيدهم الا ان الظروف الموضوعية الناتحة من السياسة العالمية الجديدة للقوى المؤثرة على المنطقة باكملها تقع لصالحهم و ان اضروا هم بها كثيرا لحد اليوم مستمرين على اخطائهم الجسيمة . فالمراقبين الدوليين الذين يتفاعلون مع ما يجري في منطقتنا اصبحوا مظطرين بفعل و امر مصالحهم ان لا يهمشوا الكورد في اية خطوة لهم و وفق ما يتخذون من الافعال السياسية بمحركات مختلفة و يستخدمون فيها القوى المحلية باقل كلفة و اكثر ربحا في سياساتهم العالمية، و بالاخص امريكا التي اصبحت تدير السياسة العالمية لها وفق نظرياتها الاقتصادية و اصبحت العولمة السياسية امرا واقعا مفروغا منها من قبل السياسية الامريكية الجديدة .
اي المراقب المؤثر الاكبر هو امريكا و سياساتها المتعددة الجوانب و بمضامين مختلفة الشكل و ومتوحدة الهدف و المراد . وعلى الرغم من بروز خلافات امريكة روسية ضئيلة على المسار اليومي للتعامل مع مجريات الامور في المنطقة الحارة التي يعيش فيها الكورد، فان توافقهم المصلحي العالي بات مكشوفا في الامور الاستراتيجية، و لا يمكن ان نتوقع الابتعاد عن العمل المشترك الا اذا حاولت احداهما التغاضي عن المعهود او التباعد من اجل الوصول الى ما هو المطلوب من جانب واحد و غير المطلوب لدى الاثنتين معا و ماهو لمصلحتهما العامة عالميا .
و عليه، فان المراقب العام للقضية الكوردية الذي يساعده الطرف الاخر، اي امريكا و روسيا، قد يلتقيان في نقطة مشتركة واحدة ازاء القضية الكوردية و لا يضر الوصول الى نتيجة ايجابية او تحقيق الهدف الكوردي المنتظر باي منهما و يسيران على مخططهما ان لم يتمكن الموالين لهما من دول المنطقة من الحركة الالتفافية حول تحركات الاثنتين في تسيير الامور--ن و به يمكن ان يصلوا بما يفعلون نحو ما ينتج عوائق امام التعامل المراد من المراقبين مع القضية الكوردية. الا ان الحواجز الكبيرة التي تقف حجر عثرة امام تحركات الدولتين تركيا و ايران للوقوف امام اهداف القضية الكوردية على حال دائم منذ فترة، و ان كان الكورد بانفسهم يصنعون بعض منها و يساعدون هؤلاءفي تحقيق مرادهم لاسباب داخلية انانية تخصهم و منها امور شخصية و حزبية اصبحت العامل المساعد لتلك الدول في نجاح مهامهم و تحقيق اهدافهم . و به يضعون العراقيل امام مسيرة المراقبين فيما ينوون لخدمتهم و لما تفرضه مصالحهم و ليس من اجل عيون الكورد انفسهم، كما نعلم هذا ما تفرضه المصالح و السياسة الصحيحة في كل زمان و مكان .
فان اكبر المعيقين في المنطقة لما ينتظره الكورد هما تركيا اولا و من ثم ايران، و لكنهما في حال يمكن ان تفرض الظروف العامة التي تاتي بها الكبار من الدول المعنية من وضع العوائق الكبيرة امام خطواتهما الدافعة لمنع الكورد من الوصول الى مبتغاه . فالمراقبين المحليين من المنطقة هم من الممانعين لما تفرضه المراقبون الكبار في تسيير امورهم في المنطقة ومنه بناء ارضية للحلول التي تفيد السياسة العالمية لهما و ما تفرضه المستجدات على خطواتهما من ما موجود في المنطقة من قضية الكورد كعامل استراتيجي لنجاح عملهما و الداعش كهدف تكتيكي وقتي في سياستهما الخاصة .
اذن، المطلوب هو قراءة المتغيرات من قبل الكورد انفسهم و ازاحة المعوقات الذاتية التي بنوها امام اهدافهم بانفسهم، و لا يحتاج الوصول الى النهاية السعيدة للشعبهم الا التعامل بعقلانية مع السياسات العالمية التي وقعت اخيرا في مصلحتهم في هذه الفترة بالذات، و لا نعلم ما تخبئه المرحلة القادمة التي ربما لن تكون كما هي الحال للكورد الان، و به يمكن ان تطمس قضيتنا عهودا اخرى في بحر الظلمات.[1]