كيف يمكن حل مشكلة كركوك ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5483 - #06-04-2017# - 15:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
كان بامكان عدم حدوث اية ضجة حول رفع العلم الكوردستاني في مدينة كركوك لو تعمق القادة المحنكين في كيفية التعامل مع قضايا المناطق المتنازعة عليها و التي لم تمد السلطة المركزية اليد اليها و رحلها من مرحلة لاخرى متقصدة ذلك، و عقد الامر اكثر يوما بعد اخر، و كان هدفها عسى و لعل تلقى مرحلة من الهدوء في العراق كي تفرض اجندتها فقط، و الا فانها كان بامكانها على الاقل البدء بالخطوة الاولى من المرحلة الاولى لتطبيق المادة 140 من الدستور من خلال التفاوض للوصول الى التطبيع لا ان تتركها كما هي منتظرة نزول الحل من السماء او هادفة الى استغلال وقت ملائم لها و الذي لم يحن بعد لفرض اجندتها الخاصة بدلا من تنفيذ ما جاء في الدستور . و في المقابل فان السلطة في اقليم كوردستان اكثر اهمالا بل منشغلة في الخلافات الكبيرة بين الجهات السياسية و ما يهم القادة و حزابهم فقط دون النظر بجدية الى القضايا المصيرية الحاملة للشحنات العصبية لدى من استفادوا منها طوال السلطات السابقة، وهذه هي العوامل الخاصة التي تؤدي الى ما لا يحمد عقباها ابدا .
كان من المقرر ان ينتهي هذا الجدل و ما تحوم حول كركوك من اجندات داخلية و خارجية في نهاية عام 2007، الا ان السبب واضح في عدم حلها انها لاسباب سياسية متعددة الجوانب، و منها خارجية تريد فرض ما تريد على الحكومة المركزية بشكل و اخر مع وجود توجهات مخالفة للبعض او متناقضة للمكونات العراقية و ما تحمل من العصبية و عدم الاستناد على الحقيقة و التاريخ في مواقفهم، بل تحركهم توجهاتهم و مواقفهم وفق ما تدفعهم الايديولوجيا و المصالح الضيقة و تبعيتهم لهذا و ذاك اقليميا .
لم يكن هناك اية فقرة حول تراجع القوى حول تطبيق هذه المادة و البديل المقترح في حينها، و عليهفان تراجع الحكومة حتى في تشكيل لجنة خاصة بها و تركتها لعامل الزمن يعتبر مثلبة لها . و ما كان على السلطة المحلية او اقليم كوردستان الذي لم يفكر هو ايضا في البديل المناسب ان يجدوا ما يجبروا المركز على تطبيق هذه المادة بشكل سياسي و عقلاني، كما كان بالمكان من خلال اتخاذ خطوات مهمة، منها انذار و تنبيه الحكومة المركزية حول القضية لو لم تتعامل معها بجدية و انه سوف يكون عنده البديل المناسب لها و كما تفعل الحكومة المحلية لمحافظة كركوك الان من رفع العلم الكوردستاني بشكل رسمي و امكان اقتراح العودة الى حضن اقليم كوردستان باقتراح من مجلس المحافظة كما هو العمل القانوني الذي لا يعارضه الدستور العراقي و لا اي شيء اخر عدى ما تريده بعض الجهات ان تعتمد على توازن القوى و تدخلات الدول الاقليمية . اي الخطوة التي اتخذها محافظ كركوك متاخرة جدا و كانت مفاجئة و دون سابق انذار الذي كان بالامكان ان يقوم به قبل سنوات، و به كان بالامكان الضغط على المركز كي يركن بجدية في التفكير لايجاد خطوات الحل وفق المادة الخاصة بها دون خضوعها الى امر المعادلات و السياسة و الاوضاع العراق الداخلية واراء المكونات و مواقفهم و توجهات دول الاقليم كما حدث منذ سنوات .
لقد رفع الكورد علمهم الخاص على المحافظة و لهم الحق في ذلك، بعد تقييم ما قامت السلطة المركزية به خلال تلك السنين التي تركت القضية دون اي عمل قانوني و تركتها لمن يمكنه ان يتدخل فيها . و على الرغم من انها خطوة قانونية يستند على الدتور و القوانين النافذة و لا يحتاج الى ضجة و تشنجات داخلية و اقليمية من قبل تركيا بالاخص التي استغلت ما يحدث من اجل كسب اصوات لتغيير الدستور التركي، و يصرخ و يزعق اردوغان و بح صوته و التقط عملية رفع العلم فرصة سانحة كي يظهر و كانه راعي شؤون دول المنطقة و ما يحمل من الافكار التي سوف تضر بنفسه دون ان يعلم، و كما حدث للدكتاتوريات و الانظمة الشمولية التي تنوي تركيا ان تصل اليها ان مرر تغيير الدستور لصالحه .
ما حدث بالامس كان بالامكان ان يحدث منذ مدة طويلة، و ان اثارة المواقف و ما وجدناه اليوم كان يدفع الجميع للعمل الجدي حول حل القضية بسلام و امان في وقته ايضا، و تحت ضغوط اصحاب الحق الذين اعلنوا ايمانهم بالحل السلمي وفق المادة الدستورية القانونية الخاصة بالقضية، و بينما كانت الجهات المقابلة الكثيرة منها العراقية و الاقليمية تريد ترحيل القضية و فرضت ذلك كي تدفع بصنع عراقيل و تمنع بها الخطوات المطلوبة و المعلنة خلال المادة الدستورية لحين انتهاء الفرصة لفضها بالقوة او فرض اجندات مجحفة تغبن بها حق المكون الكوردي كما يحدث لحد اليوم .
اما الحل، انالايجابية الاولى قبل اي شيء اخر في هذا الامر الجديد، ان الخطوة التي جاءت دون تخطيط او دراسة في التوجه و الزمن، جاءت كمحرك و دافع نحو توجيه الانظار من جديد حول القضية اولا، و ان كانت عفوية و ربما شخصية نتيجة عوامل اخرى داخلية او حزبية، الا انها ربما تجد الحل النهائي لو استمرت الجهات في التقدم بخطوات جريئة حول الالتزام بما يفرضه الواقع المستجد بعد الخطوة الاولى و ما جابهت من المواقف المختلفة من جميع الجهات . فان كان المركز يهمه حل القضية بسلام و امان فان امامه الفرصة في حل القصية خلال ستة اشهر فقط لا كثر، و ان تقدم على تطبيق خطوات المادة 140 دون اي تلكؤ او تماطل سوف يخرج الجميع بحل مقنع في نهاية المطاف، الا انه لو تناور او تملص بشكل او اخر انه سوف يتجابه مع البديل الواقعي على الارض و ما يمكن ان تقتنع به الاكثرية من سكان المدينة، فانه الحل المناسب و العامل الدافع الى فرض الحل المناسب فرضا و لم يدع اية فرصة للتناور و التماطل و التكتيك و هناك من يحمل المسؤلية المطلوبة لحل القضية التارخية نهائيا, و ربماان واجه الاصار على الباطل فيمكن ان تصل في نهايتها الى الوسيلة العسكرية لفض المشكلة على حال ما، و هذا متوقع لما يؤمن به الكورد و اصروا عليه في محاولاتهم في اخذ حقوقهم في الثورات المتعاقبة بشكل كامل بعيدا عن الجزئيات و دون اي تنازل عن حقوقهم المشروعة، و بازاحة التغييرات الديموغرافية المتتالية التي اقدمت الحكومات المركزية الاقدام عليها دوما، فان لا يمكن بقاء الاجحاف الذي حصل للمكون الكوردي في المدينة خلال العقود المنصرمة ال مالا نهاية . اي، بهذه الخطوة، اي رفع العلم الكوردستاني فرض الحل الممكن و فتح الباب امام تطبيق المادة 140 بشكل نهائي او الانضمام الى اقليم كرودستان باستفتاء مباشر لسكان المحافظة، حتى و ان كانت المواجهة العسكرية احدى الاحتمالات و الشعب الكوردي اهل للتضحيات كما يعلمنا التاريخ ذلك . و لكن القيادة العراقية و ما يمكن ان تتصف بالحكمة و الاعتبار من التاريخ بعيدا عن المزايدات السياسية التي تتصف بها بعض الشخصيات الموتورة او الاحزاب المصلحية او الجهات الموالية للدول الاقليمية و ما يهم مصالحها و ليس المكونات العراقية كافة، يمكنها ان تتصرف بما يرضي الجميع من خلال التعامل مع القضية المعقدة المتشابكة بحسن النية والحق و ليس بما تتطلبه السياسات الانية، و به يمكن ان يكون الحل ممكنا و ان كان صعبا . و لكن من يصل اليه فيسجل له مجدا تاريخيا و ما يضمن عدم اهدار الدم او الاقدام على الحل الناقص الذي يجعل القضية ملغوما و تبقى على حالها عرضة لكل الاحتمالات على الدوام، و هذا جيد لمصلحة العراق باكمله و بمكوناته التي دفعت الكثير من الدماء لهذا كثيرا . و اول الشروط لمن يريد الحل النهائي العادل هو اهمال مصالح القوى الاقليمية و ضغوطاتها قبل اي شيء، و من ثم البت في التفاوض و عدم الحساب للثقل و النسبة و امكانية اية جهة من جهات التفاوض، و العمل بجدية دون ترحيل القضية او التهميش او التاجيل في حل القصية نهائيا كما حصل منذ عقود و ما فرض بالقوة عاد بسهولة و بفرص الى حاله الاولي دون اية جهود، و لا يصح الا الصحيح في النهاية و يعود الحق الى اصحابه مهما تبجح المغرضون و المصلحيون.[1]