تشويش اردوغان في المرحلة الانتقالية للمنطقة
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5461 - #15-03-2017# - 11:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
يبدو انه لا مثيل له في التخبط و الزعيق والنعيق و الكلام البذيء غير الدبلوماسي في تاريخ الرؤساء المحترمين كما يقوم به اردوغان اليوم وعشية الاستفتاء على حصر السلطة بين صلاحياته الخاصة في تغيير النظام الى الرئاسي في تركيا، سواء كان ما يقوم به ليس الا ترويج لما يجري و يريده لصالحه و ان وقع العكس، او ناتج عن فشله في التوصل الى حال تمكنه من التقرب من الاتحاد الاوربي و ياس منه ايضا، بعدما انتابته شعور بانه لا يمكن ان ينجح في مساعيه في ذلك الاتجاه و غير مساره و التفت شرقا عسى ان يستفيد من فتات ما يتبقى من غداء ابناء اصله من جلدته الصفراء في الشرق الاقصى و روسيا ايضا .
ان كان يتهم اهم مؤسسة داخلية لديه و هو العدل بالكذب و الافتراء علنا، و يصف المسالمين بالارهابية و الدول التقدمية الانسانية بالنازية، و يعلم جيدا بانه هو راس البلاء في هذا كله، افليس هذا قمة التخبط و التشويش السياسي غير المسبوق لدولة تعتبر نفسها صاحب تاريخ عريق . اليوم يبان للمتتبع بان بداية خطوة اردوغان نحو الرائاسة قد اصابها الخلل و لا يمكن ان ينجح في توجهاته و اصبح على مرمى سلبيات نزواته التي اجتمعت و تهيات لضربه نتيجة اخطائه، و هو اصبح في مقدمة من يمكن ان تضرب به هذه السلبيات التي تجمعت من انتكاسات اردوغان قبل الاخرين في بلده .
يفعل اردوغان في هذه المرحلة ما بوسعه لكي يمرر الاستفتاء لصالحه، معتقدا بانه يلقى منفذا لخروجه من المحنة التي اوقع نفسه فيه بحركات داخلية و خارجية، و لذلك لا يهمه ما يضر بافعاله المستقبل التركي و علاقاته مع الاخرين، لذلك تراه و كانه حقا جنّ و لم يكن بهذا المستوى من الرعونة فيما سبق .
لو تمحصنا الوضع في تركيا و قارنناه مع نحواكثر من قرن، و بالضبط منذ نهاية الامبراطورية العثمانية، و الدرس الواضح منه فهو؛اننا نتيقن بان هذه الفترة الانتقالية لا يمكن ان تعود الى سابقاتها و كما كانت روحا و قالبا باي شكل كان لاسباب عديدة، منها؛ ما وضع اردوغان بلاده فيه، بوضعها بين خيارين؛ اما النظام الرئاسي من اجل شخصه و طموحاته او الفوضى في نهاية المطاف كما تدلنا كل المؤشرات الصادرة من هناك في كافة المجالات .
ان الخلافات الكبيرة بين تركيا و الاخرين او بالاحرى بين اردوغان و دول اوربا قد وصلت الى حد لا يمكن ان نعتقد بانها من حمى الترويجات الانتخابية التي تجري في هذه البلدان فقط، وهذه التي قد تصل الى اكثر من اثنتاعشرة عملية انتخابات خلال هذه السنة، و في مقدمة الاسباب عملية الاستفتاء التركي . ان العرف الدبلوماسي لم يدع اية دولة ان تتكلم بهذه البذائة امام من يخالفها في اي وقت و مرحلة كانت كما يتكلم اردوغان في هذه المرحلة، و قد وصلت الحالة الى تلفظ الكلمات السوقية و كانه لازال يعيش في طفولته و ان كنا نحترم ما كان فيه طبقيا .
التخبط واضح و بيّن، لقد اصطدم بجدار منعه من التقدم نحو منبج فاراد التكتيك بتوجيه الانظار و دفع بالقوات الكوردية السورية التابعة له و للسيد البرزاني الى منطقة سنجار للتغطية على فشله هناك . غير ان ما يفعله ازاء الدول الاوربية قد خرج من الدائرة المسموحة له اثناء الانتخابات و الترويجات و ما يسلكه خارج التعقل، لا بل يمكن ان يعتقد الكثيرون بانه وضع نهاية قاطعة لعلاقاته مع الاتحاد الاوربي، و تيقن بانهم لا يقبلوا بدكتاتور او من يتصرف بسلوك الدكتاتورية من دخول عتبة الاتحاد الاوربي مهما كان . و عليه؛ ان اردوغان يفكر بانه يمكن ان يوصل الوضع الى اخر الخلافات، و يفكر بانه ليس لديه شيء ليخسره لانه منع من تحقيق ما يريد من اوربا . و عليه؛ لا يمكن الا ان نقول ان التشويشات الاوردغانية الحالية التي يفتعلها بايديه و حركاته البهلوانية ليست الا بداية نهاية الشوط الاخير من تعجرفه و ميلان سفينته نحو الهاوية في حكم تركيا مهما ادعى و حاول و استخدم كافة الحيل و الخداعات السياسية و بشتى الوسائل، بالتجارب من هذا النوع من التهور ماثلة امامنا في الماضي القريب و في هذه المنطقة بالذات .
ومن جانب اخر، يعلم اردوغان جيدا ان المنطقة تعيش في مرحلة انتقالية مصيرية تارخية، فيريد ان يكون له الموقع المهم كما كان ابان اتفقاية سايكس بيكو و ما فعلته تركيا من اجل قطع جزء كبير من الكعكعة، و نجح في نهاية الامر تقريبا باتفاقية لوزان السيئة الصيت و ظلمت بها تلك الدول المشاركة فيها الشعب الكوردي، وهو يعاني من افرازاتها لحد الساعة . و اضافة الى ما يعقتده اردوغان بان دور تركيا لم تعد كما كانت من اهمية استراتيجية ابان الحرب الباردة ،في كافة الجوانب، و لا يسع السلطان الا ان يشوش و يتخبط ليثبت وجوده الذي لا يمكن ان يعود ببلده الى ثقلها، و اصبح في حيرة من امره و نراه كيف يتراوغ بين روسيا و امريكا و لم تفده حتى هذه المراوغات السياسية المكشوفة، بعدماانعكست الظروف الموضوعية بالسلب على اهمية بلاده.[1]