ترامب و الشعوب المغلوبة على امرها و منهم الكورد
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5339 - #10-11-2016# - 20:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
يبدو ان المفاجئة الترامبية قد اشغلت العالم في هذا الوقت اكثر من غيرها، و يدلي كل متتبع بما لديه، ويرى و يطرح ما لديه حول التغييرات التي تحصل في المرحلة المقبلة، و وفق ما يلقاه من الاعلام و ما اظهره دونالَد ترامب للجماهير المنتخبة، و الجميع على دراية كافية في الفروقات الشاسعة بين الجماهير فكرا و تعبيرا و انفعالا و ما يمكن ان يصل الى الحالة التي توصف بندم على فعل ما بدا من الذات في مرحلة معينة، و تختلف كل هذه الامور بين الجماهير بشكل عام التي تنتخب وبين الاصوات المفكرة و المتتبعة للسياسة و التاريخ، وما يهم العام لما يمكن ان يحدث نتيجة اي اختيار دون تسرع او انفعال . و هناك العديد من الامثلة حول ما اختارته الجماهير في ساعة غضب او انفعال و من ثم ندمت بعد التاني و ابعدته اي ما انتخبته في الوقت المناسب . الا ان الدولة المؤسساتية الراسمالية الاولى في العالم، و ما تتضمن و تملك من المؤسسات المهتمة و الملمة بهذه القضايا المصيرية و منها الانتخابات، و هي الية ديموقراطية ناجحة نسبيا لاختيار الرئيس و كيفية امرار ما هو المضر بالمصالح العليا للشعب الامريكي من جهة و ما يمكن ان يقدم البلد او يكون مناسبا لها في تسيير امور الدولة في المرحلة التي يتراس فيها البلاد ضمن ما يحتاجه العالم من الفكر و الخلفية و الشخصية المعينة، و التي من المفروض انها درست و طبخت في تلك المطابخ اصحاب القرارات المتعلقة بالامن القومي للبلاد، و الاهم في الامر و هو امام العين قبل اي تحرك او قرار هو مصلحة الشعب الامريكي و الدولة المريكية الحاملة للثقافة و الفلسفة الراسمالية القحة و ان كانت على حساب جميع دول العالم قاطبة .
مؤسسات الفكر و المعاهد العلمية السياسية و الكمية الضخمة من الدراسات التي تجري حول المواضيع و منها مسالة الرئيس و ما يمسه من كافة النواحي، و من هو المؤهل و المناسب للمرحلة و ظروف الشعب العام و مذاق الجماهير و توجهاتهم، كلها ضمن العوامل التي تضع نفسها امام المؤسسات العليا المهتمة بالامن القومي و ليس شخصية المرشح و نظرته و خلفيته فقط . المعلوم ان الجماهير و ما هو عليه الراي العام و التوجه المبني على الظروف العامة من الامور التي تُدرس كي تقع عليه نتيجة الانتخابات لما تديرها و تريدها تلك المؤسسات الرسمية المهمة و السرية . و عليه، تكون سياسات الرئيس الجديد ضمن اطر صلاحياته المحدودة له دون الخروج من محددات الامن القومي و المصالح العليا و ما يمليه عليه المستشارون الاخصائيون لابسط الامور التي تواجهه .
من خلال تلك العملية المعقدة و ما يتبناه الرئيس للخوض في اية مسالة، يمكن ان ندرس و نرى ما يتعامل به الرئيس الجديد دونالد ترامب مع الشعوب المغلوبة على امره و منهم الشعب الكوردي، على الرغم من ان ما تلقيناه من الافرازات البدائية لما صرح به اثناء حلمته الانتخابية من انه يتعامل مع الدول اكثر من الشعوب، و لكنه تكلم بشكل خاص عن الشعب الكوردي لما له المس المباشر بما تعمل عليه امريكا في المنطقة و ما يهمها ضمن المعادلات و المخططات البعيدة المدى .
ستكون علاقة الدول الاربع التي انقسم عليها الكورد مع بعضها و مع امريكا بالذات مختلفة عن بعضها، و يمكن ان تتغير وفق التطورات بعد الهدوء و ما تتفاعل به المعادلات و منها ما يجري من العمليات العسكرية الخاصة ضد الارهاب، و كيف تكون فيه الخارطة السياسية المستقبلية للمنطقة كامر ستراتيجي حيوي بعيد المدى، و ما تفرضه المصالح الامريكة قبل اي شيء ضمن السياق الذي تسير عليه امريكا، و هو الثابت في كل مرحلة و عهد و في ظل حكم اي رئيس و ليس ترامب فقط . عندما تنتخب الجماهير شخصية مثل ترامب، و هي لا تعي شيئا او لم تحمل اصلا مساحة في عقليتها ما نسميها بالمسؤلية الكبرى و ليس بقدر ماهي التي تقع على المنتخب ذاته من ما يمكن ان ندعيها بالمسؤلية الصغرى الخاصة بذاته الفردية فقط . اننا ندرك ما على ترامب و غيره فعله، بعيدا عن الدعايات و ما طرحوه من الترويجات في الحملة النتخابية و التي يفرض نسبيا من الالتزام بها عند التطبيق على ارض الواقع . و عليه يمكن ان يتعامل الرئيس في اكثر الاحيان ما تفرضه الجهة التي تتعامل معه، و هذا ينطبق على الشعوب و منها الشعب الكوردي . اي كيفما كان واقعه و كيف كان ثقله و ما لديه من الاوراق التي يمكن ان يستخدمها كما هي الدول للتاثير على المصلحة الامريكية، في حينه يمكن ان نقرا تعامل الرئيس الامريكي مع شؤنهم و يتعامل مع ما يحملونه من الاهداف . الكورد في هذه المرحلة ليسوا بمستوى يمكن التفاخر بهم شعبا و قيادة ، لكونهم فشلوا في الوصول الى حال يمكن ان يفرضوا انفسهم و يكون لديهم ما يمنع امريكا من التراجع عن تعاملها معهم . و عليه، كل ما يمكن ان نصل اليه خلال قرائاتنا بما تحمل من احتمالات كثيرة و منها خطرة سواء كان الرئيس ترامب او غيره، الا ان الاختلاف الطفيف بين ترامب و غيره هو من ما يحمله من شخصية جدلية مثيرة و مدى التزامه بصلاحياته المحصورة في الحلقة التي تفرض عليه التحركات او خرقها ربما، و هذا ما يدع اي متتبع ان لا يكون متيقنا من ما يذهب اليه من التوقعات حول تعامل الرئيس الجديد مع شعبه . المخيف في امر ترامب انه اكد على ما يهم الداخل الامريكي و ما يعمل عليه قبل اي شيء اخر، و هو الاستراتيجية الاولى لديه . وان اهتم بما يهم الدول قبل الشعوب، فانه قد يضر بالمصالح المتفرقة للشعوب التي تختلف عن ما تهتم به الدولة التي تضمهم، وهذا ما يمس الشعب الكوردي و مصلحته و مستقبله قبل اي شعب اخر.[1]