قيم الكورد لا تسمح باهانة الذليل
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5213 - #04-07-2016# - 13:41
المحور: القضية الكردية
كما يقول الشاعر يحيا العزيز بعزته شامخ الراس و الا الذليل يموت في عز ذله ، و من عاش شاف في دنيته كل الاجناس . القيم الثابتة التي تثبت في كيان الفرد لا تاتي بين لحظة و اخرى بقدر ما ياخذها من منابع عدة . و هكذا للمجتمع المتوارث للتاريخ السياسي الاجتماعي ياخذ منه قيما من الصعب التكهن بمدياتها او مدة صلاحياتها لانها، لا يمكن تحديد زمن انطلاقها او بقائها لانها ليست بحالة مادية .
القيم التي يتميز بها الشعب الكوردي في كوردستان، كثيرة ومختلفة و ليس عليها غبار من جانب ايجابياتها تجاه الاخرين من خارج المكون ذاته . و من اهمها و ما نريد ان نوضح مدى ما يستحقه هذا الشعب دون تعصب او تحيز له؛ هو احترام الغريب و التعاطف مع الاخر و عدم الضرب تحت الحزام وما يتصف من البسالة او الشجاعة وجها لوجه امام اشرس عدو، ولازال مستمرا فيه كما يثبته لنا التاريخ الحديث ايضا .
بداية الانتفاضة في اذار عام1991 كان الشعب الكوردستاني في وضع مزري اقتصاديا، و كان يبحث عن لقمة عيش و يحصل عليها بصعوبة ، الا انه لم يقصر مع الجنود الاسرى او الذين سلموا انفسهم للشعب و خدموا و استضيفوا و تم ردهم من قبل البيشمركَة بعد اداء مستوجبات الضيافة الى اهلهم سالمين، و لم يتصرفوا بعمل مشين من موقع القوة و لم يثاروا لشهدائهم و هم اكثر شعب موتورين و لم يبطنوا حقدا بل لم يعمل الانتقام فعلته في كيانهم شيئا ما يُذكر .
هناك من الشعوب الشرسة، هنا اقول الشعوب و ليس الحكومات كما معلوم عنهم بانهم جميعا كانوا بالقباحة ذاتها، تعاملت هذه الشعوب مع الكورد في حال ضعفه بابشع الافعال، و لتاريخهم المليء بصفات المزرية و ليس قيما يكون لها تاثير مباشر على تعاملهم مع الاخر في وقت الضعف و الذلالة و على العكس من الكورد و ما يملكون من الترحم و عزة النفس . و لا اريد هنا ان انكر لكل قاعدة شواذ، و انما اتكلم بشكل عام .
الشعوب الرئيسية الموجودة في المنطقة فيها من القوميات الرئيسية التي لها صلة و تعايش مع البعض و هم الفرس و الترك و العرب و الكورد بشكل عام . و بعيدا عن الانحياز اننا يمكن ان نرتب هذه القوميات وفق القيم الفاضلة و الفاسقة و الرذيلة .
اننا يجب ان نعترف بان للتقدم المتنوع الحاصل في مسالك الحياة و التغيير الحاصل في جوهرها، تاثير مباشر على الانسان و قيمه، و ما وصلت اليه منطقتنا له تاثير مباشر على السمات و القيم بشكل مباشر على الرغم من تخلفها لحد اليوم مقارنة بالمناطق الاخرى، لانها تلتزم بما توارثته اكثر من اية منطقة اخرى في العالم، نتيجة الالتزامات الدينية المسيطرة على الحياة و التقاليد و العادات الموجودة، و عليه فان الثار و التعدي في وقت الضعف و استغلال الاخر لازال ساريا و توارثته القوميات من الدين المسيطر الا وهو الاسلام الذي اخذ معظم القيم من الجزيرة العربية القاحلة و كا كانت مسيطرة عليها . و لا يمكن انكار من اتى حديثا و سيطر وجاء بالجمل بما حمل من منطقته الاصلية سواء الشرق الاقصى كان ام جنوبا .
اليوم نرى الكورد يعيد تاريخه في كل من كوردستان الجنوبية و الغربية، و نراه كيف يتعامل مع الاخر المذلول بقيمه الاصيلة كما فعل من قبل و على العكس من ذلك نرى الاخر المسيطر صاحب الدولة كيف يؤكد بانه لا يملك من تلك القيم الا نذرا يسيرا . سلوك الجيش التركي و تعامله مع الشعب الكوردي في كوردستان الشمالية تؤكد ما نقوله، و لا يمكن ان تخرج تلك الممارسات عن ما يتمتع به الجندي من ما هو ناشيء عليه في اسرته و بيئته اضافة الى اخلاقيات المؤسسة التي تربى فيها .
و عليه يجب ان نؤكد هنا بان من يمتلك كل هذه القيم الحسنة و هو يناى تحت وطئة و غدر المحتل المعتدي سيثبت جدارته في تحقيق اهدافه مهما كانت، اليوم كان ام غدا، و الحياة لا تسير الا لخدمة الانسانية و هي التي زرعت في الكيان الكوردي البشري على الرغم من كل معاناته . الا انه داخليا و مع نفسه لا يمكن ان نحس بنفس تلك الدرجة من القيم، و هذا عين التناقض الموجود فيه، فلقي الفرد الكوردي من ابن جلدته من الويلات ايضا، و حتى عندما كان احد الطرفين ذليلا و في موقع الضعف و الهوان، على العكس من تعامل الكورد مع الاخر و هو في تلك الحالة .
ما ذكرني بهذه القيم هو تعامل الجيش التركي مع الشهداء و الجثث التي تقع تحت ايديهم و هم يمارسون ما ليس فيه ذرة من القيم و الاخلاق التي يدعونها في العلن .
لم يبق الا الفضل و لا يصح الا الصحيح مهما امتلك الخاطيء من القوة كما نرى في كوردستان الشمالية من الحالات المشينة على ايدي الجيش التركي ما يثبت همجيته التي لا تدل الا الى ما تمتلك اصحاب تلك الافعال من الرذائل و الفسق و الخساسة والحقارة والدنائة و السفالة و الفجورو الانحطاط و الوضاعة، كل تلك السمات عكس ما يمتلكه الكورد من قيم عالية الا و هي الفاضلة الباهرة الباهية المشرقة السامية الشريفة المزروعة في كيانه . تراه وجها لوجه امام شراستهم و ما يمتلكون من القوة كدولة عضوة في الناتو ويترحمون بهم عندما يقعوا في الاسر او في وقت الذلالة . هذه هي الفروقات الواضحة في القيم الراسخة في كيان كل طرف منهم.[1]