حكومات التظاهرات أشد كفراً وجهلاً وظلماً من حكومات الانقلابات والثورات
عبدالغني علي يحيى
أخطأ علماء السياسة الانقلابات العسكرية جميعها عندما قادت الى الدكتاتورية والخراب ومصادرة الحريات واحيانا الى الحرب، وسحبت التخطئة بشكل غير مباشر على معظم الثورات الشعبية المسلحة أيضاً بعد الوقوف على نتائجها المدمرة بدءا بالثورة الفرنسية ومروراً بثورات الروس والصينيين وبينهما وبعدهما ثورات العالم الثالث. ولكم كان ابن تيمية مصيباً في شرطيه بخصوص عزل الحاكم، الاول اذا كفر والثاني ضمان وضع افضل بعد عزله.
بعد تراجع الانقلابات العسكرية والثورات الشعبية كذلك الى حد كبير في الاعوام الاخيرة، برزت ظاهرة جديدة و بالاخص في الاقطار العربية والاسلامية، وهي الاشد جهلاً وتخلفاً وفقراً في العالم، ألا وهي التظاهرات الالوفية وشبه المليونية التي اطاحت بعدد من الحكام والنظم في تونس ومصر وليبيا واليمن وتسعى الى تحقيق الشيئ نفسه في سوريا، ولقد صفق لها إلا القلة، وسموها (الربيع العربي) لكن سرعان ماحكم عليها بالسلبية والخطأ واحل مصطلح الشتاء العربي محل (الربيع العربي) وثبت ان عمر حكومات التظاهرات اقصر من عمر حكومات الانقلابات والثورات، ناهيكم من انها اي حكومات التظاهرات اسوأ من حكومات الانقلابات والثورات بدليل سقوطها سريعاً في مصر وتونس، وفي اليمن في حكم السقوط وفي ليبيا حكومة فوضى واضطرابات. ورغم هذا يبدو ان العرب والمسلمون لم يتعظوا من التظاهرات، فها هي وقد اندلعت في كل المدن الشيعية في العراق تحت شعار مكافحة الفساد و المسؤولين الفاسدين لكنها لن تكون باوفر حظا من النجاح من مثيلاتها التي سبقتها في تلك البلدان وان نتائجها الكارثية بادية بجلاء للجميع، ولن يستفيد منها سوى الايادي المشبوهة التي تعمل على دفع العراق والعراقيين نحو المزيد من بحار الدم و الى الدكتاتورية واعلان الطواريء وتجميد الدستور والغاء البرلمان، واختتم مقالي هذا بقول لطوني بلير وهو: (اذا تقاطع طلب يرفعه (50) الف متظاهر مع فقرة من القانون فأني التزم الفقرة).
لقد حانت تخطئة التظاهرات الالوفية والمليونية لأن نتائجها اسوا بكثير من النتائج التي تمخضت عن الانقلابات العسكرية والثورات الشعبية. ولا يعني الوجه الاخر لهذا النفي والتخطئة مباركة النظم الاستبدادية الفاسدة.[1]