ما الموقف الكوردي المثالي من ازمة العراق الحالية ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5137 - #19-04-2016# - 14:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
ان قيّمنا الواقع بحيادية دون اي مبالغة او تسويف كما يفعله الصحفيون و السايسيون على حد سواء في هذه الايام نتيجة الاعتماد على مجموعة مصالح ويتصرفون بدوافع شخصية و حزبية بحتة خاصة بهم او باحزابهم، و ادخلوا بمثل هذه التصريحات والمواقف و الافعال العراق الى المتاهات الحالية التي لا يمن لاحد ان ينكرها، و الخروج منها صعب جدا ان لم يكن مستحيلا دون افرازات مؤذية جدا .
يبدوا بعد اكثر من عقد و نيف من سقوط النظام العراقي، ان العراق يتقدم خطوة هنا و في مجال ما ويتراجع و يتاخر خطوات هناك نتيجة المحنة التي يوقعوه بها جراء الصراعات السياسية الداخلية اولا و اخيرا، و اقول اخيراهذا ايضا لان الاولى بالداخل و الساسة ان لا يجعلوا من الخارج عاملا و مسببا و حجة لما هم فيه و يهمون في تنفيذه و ان لم ينجحوا فهم الوحيدون الذين يجب ان يتحملوا المسؤلية .
من خلال متابعتنا للواقع الاجتماعي و طبيعة العراقي و نظرته و خلفياته و تراثه و التراكمات الفكرية و العقيدية المتوارثة التي يتمتع بها، اننا نتاكد بانه لا يتقارب من البعض او يخفف من مشاكله او جدالاته و صراعاته الذاتية الا ان شعر حقا بوجود دافع وحيد و هو اما وجود من يتربص به او يلمس حقا وجود عدو او ان مرر عليه الساسة وجود خطر حقيقي او صنعوا له الفزاعة او عدوا و ان كان وهما . اي الدافع هو محاربة الاخر بمجرد صنع العدو له، وتوحده هذا ليس مبنيا على الدفاع عن النفس كما يمكن ان يفهم البعض . اي المهم هو الهائه بوجود الاخر المتربص او اشغاله به، و يمكن ان يتراصف و يوحد نفسه قليلا كان ام كثيرا وفق وجود طبيعة و نوع الاخر المتربص و نياته و ما يتمتع به .
هذا اي صنع الفزاعة ان كان موجودا بنسب مختلفة في الشعوب الاخرى و تعتمد عليه المؤسسات الاستخباراتية و المخابراتية الكثير و خاصة في دول العالم الثالث من اجل الخلاص من حدوث مالا يفيد السلطات فيها، فان العراق غارق فيه سياسيا و اجتماعيا ايضا بشكل عام و خاص و هو يسير وفق مثل و الحكمة الجميلة!! (انا و اخوي على ابن عمي و انا و ابن عمي على الغريب) و هذا يطبق فعليا مابين المذاهب وا لاعراق الموجودة الان في العراق، و لا تمت هذه الميزة و الصفة العامة بالمواطنة بشيء من قريب او بعيد .
العراق يعيش اليوم في ازمات عدة اقتصادية و سياسية و ثقافية و حتى اجتماعية خطرة وجدت نتيجة كل تلك التغييرات التي حدثت خلال العقد المنصرم . بانت و طفحت الى السطح ماكان مستورا و مغطاة بطرق و اشكال غير ملائمة او مؤقتة، التعصب الديني المذهبي العرقي ليس ناشيء و منبثق خلال لحظات او ساعات او سنين او عقد او عقدين، او من فعل الواقع الجديد كما يدعي البعض بل كان موجودا في كل العصور الماضية، لذلك عملت عليه السلطات المتعاقبة دون ان يحس به احد و بالاخص النظام البعثي السابقعمل وفقها بالتاني و الهدوء و من غير اية ضجة .
كتبنا كثيرا و نعيد، لم يكن ابن المحافظات الغربية كابن الجنوب و لم يكن ابن كوردستان كالاثنين الاخرين ايضا من كافة النواحي، و الفروقات واضحة، بل عملت عليه السلطة بنجاح و تمكنت من فرض الفروقات في المواطنة و بنت افكار، وان تحسس منها الكثيرون من المثقفين، و خلقت درجات مختلفة من ما يمكن ان نسميه تدرج المواطن العراقي و وزعهم الى درجات متفاوتة جدا، و لكن البعض يقول العكس اليوم لكونه يعيش في ازمة اخطر، او لا يدرك ان ما فيه العراق نتيجة تلك السلبيات التي افرزتها افعال السلطات السابقة وكان النظام السابق في مقدمة الجميع .
و بناءا على ما عرضناه، فكيف لكل طرف من الموزائيك العراقي ان يتعامل مع الموجود الناشيء من القديم الحديث . و هنا اتكلم عن الكورد و ربما اعود في كتابات اخرى عن الاخرين من الشعب العراقي .
المعلوم عن الكورد و تعامله مع ما يجري في العراق بانهم ربما يجمعهم التعصب العرقي الذي يتمتعون به بدرجة ما اقل مما يتمتع به غيرهم، و هم اكثر منهم كما هو المؤكد و المسلم علميا لان الكثير منهم ابناء الثقافة الاتية من التعصب الصحراوي نتيجة الاحتلال الجزيري للعراق ابان الفتوحات او الاحتلالات الاسلامية . و عاش الكورد دون ارادته تحت خيمة دولة قومية اخرى في اكثر مرحلة مرارة له من تاريخه، و ان عاش في كنفهم الا انهم لم يحسبوا لخصوصيته في اية مرحلة كانت من تاريخه، لذا و بعد اكثر من ثمان عقود متتالية تحمل كل ما يَقال عن الاستعمار الداخلي من الدولة ذاتها و الخارجي من ما احتله الاستعمار البريطاني و معه المكونات الاخرى و مسه ما تدخل به الاخرون من دول الاقليم و فُرضت عليه افرزات و نتائج الحروب و المآسي التي مرت بها دولته المركزية ومع ما فعلته هياي الدولة المركزية به قصدا اضافة لما جرى للجميع، و هو يعيض هكذا خلال كل هذه العقود المتعجرفة الضاغطة عليه.
اذن كيف هو التعامل المثالي من قبل الكورد و بهذه الخلفية المريرة سياسيا مع ما يمر به العراق خلال هذه المدة و الايام، و ما يحدث لا لم يشهده العراق من قبل و لا يمكن ان يحدث مستقبلا .و لا يمكن ان نقول بانه يجب ان يستغل ما يجري و ما متوفر من الفرصة، الا انه يجب ان يسايس ايضا وفق ما يتطلبه واقعه و مصالحه ، كيف ؟
قبل ان نقول رأينا، يجب ان نقول بان الكورد بانفسهم و في داخلهم ليسوا بافضل من العراق ان لم يكونوا اسوأ منه، من الناحية السياسية و الاقتصادية بشكل خاص، فهم غير موحدين و لم تسر العملية السياسية و التجربة الكوردستانية بشكل سليم بل شابته النقوصات و النغوصات و ابتعدت عن كل السمات و الصفات التي تدفع الى نموه و تقدمه ، لا بل تراجعت عما كانت عليه قبل سنوات، و اقتصاده فاشل و لم يتمكن من توفير ابسط حقوق المواطنين، و تُفرض عليهم سلطة دكتاتورية فاسدة همها الوحيد تامين مصلحة عائلة وحزب و حلقة ضيقة دون النظر الى المستقبل و ما يهم الشعب بشكل عام . و يعلم الجميع ما هو فيه اقليم كوردستان من الازمات الحالية، و عليه يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار كل تلك الخلفية الذاتية ايضا في كيفية التعامل مع المركز العراقي اي بغداد و ما يجري فيه اليوم .
انني ارى فيما فيه العراق من الازمة التي تخنق الجميع يجب على الكورد اما ان يغامر و يفعل ما يضمن مستقبله و وفق ما لديه من النقاط القوة و الضعف و يعلن عن مايؤمن به من بناء و ما يقر لدولته الخاصة و يحقق امال شعبه القديمة الجديدة، و يسير في مسار و ان كان غير مضمونا، و لكن و ان لم ينجح لا يمكن ان يترتب عليه اكثر من ما هو فيه اليوم من الافرازات الاتية من المركز و تعامله معه من قطع الميزانية و الاستعلاء في هذا الوقت و هو غارق في المآزق و كيف يكون غدا عند انفلاته منها . او يعود سالما مسالما كما كان و يخضع كليا الى ارادة المركز و يعود في الخطوات البسيطة الخاصة التي اتخذها في شانه الخاص نتيجة امر الواقع، و يكون بمثابة انتكاسة على اكثرية الشعب المطلقة المؤمنة بالاستقلال و بما ضحى من اجله . و يعلم الجميع ان لم يتخذ خطوة من هذا القبيل و باي اتجاه منهما سيكون مهتزا من جميع النواحي لو سار الوضع والواقع كما يسير الان و يضع نفسه في الخطر الاكبر .
اي التعامل المطلوب مع ما يجري من الفوضى العارمة التي لا يمكن ان يشهده البلد مرة اخرى كما هو عليها الان، ويمكن ان يعتمد الكوردعلى الاستراتيجية المختارة من قبل الاقليم و ليس على وفق ما تحتاجه بغداد في هذه الايام، و العائق الوحيد الخطر هو عدم التنسيق و التجانس بين الجهات و هذا ما لم نشاهده لحد الساعة و التعاون على مستوى مرضي .
اذن، خلاصة الكلام هي: اما التقاطع في هذا الظرف و بكل ما يمكن التحمل من اجله او التراجع عن ما كان عليه الاقليم خلال هذه المدة كي يتساير مع بغداد و يرضى بما يُعطى له من جميع النواحي، و الطريق الثالث و هو السير على ما يحدث كما سار عليه من قبل دون تخطيط و تنفيذ ما يقع عليه في بغداد دون ارادته وبنظرة و اعتبار غير مقنع في قرارة ذاته، و هذا ما يمكن ان ينتج الاخطر و لم يعلم نتائجه احد و مستقبله غير مضمون . اي الواقع العراقي الفوضوي الذي نعتقد بانه يستمر لمدة ليست بقليلة يحتاج من الكورد ان يتخذ خطوات استراتيجية باتجاه معين و ان يختار احد الهدفين الاستراتيجين اما الانفصال او الانصهار في النهاية.[1]