المؤتمر السادس لل PYD الدلالات والأبعاد
ابراهيم بركات
بحضور حشد سياسي وإعلامي لافت لم يشهده تاريخ روج آفا من قبل افتتح حزب الاتحاد الديمقراطي PYD أعمال مؤتمره الدوري السادس في العشرين من الشهر المنصرم بمدينة رميلان تحت شعار {من روج آفا حرة نحو سوريا ديمقراطية}, لكنه كان استثنائياً بهذا الزخم من الاهتمام والحضور وخاصة الوفود القادمة من باشوري كردستان حيث ناهز 70 شخصية قيادية من الأحزاب والقوى السياسية، وفي مقدمتهم ملا بختيار القيادي البارز في الاتحاد الوطني الكردستاني وكمال كركوكي القيادي في حزب الديمقراطي الكردستاني– العراق وغيرهم مع مواكبة لافتة من قوات البيشمركة من الرتب المتوسطة والعناصر.
كذلك كان لافتاً حضور وفود من فرنسا والدنمارك والنرويج وتونس ومصر والسودان ووفود من الأحزاب الكردية في روج آفا وأحزاب والقوى المعارضة السورية.
المشهد كان كرنفالاً ورغم الحراسة المشددّة غير أن الأجواء كانت حميمية خارج أطر الرسميات في فترات الاستراحة. من هنا يمكننا القول بأن الPYD نجح في هذا الحشد السياسي، والملفت أيضاً أن الPYD لم يستثمر هذا الاهتمام والحشد لغايات الحزبية الصرفة وتجيير كل ذلك له وحده بل كان خطابه واضحاً حين خاطب مكونات روج آفا وتركيبته الاجتماعية ككل وليس وسطه الحزبي بعينه أو الشعب الكردي فقط، وفي قراءة أولية لتقرير السياسي المقدم للمؤتمر والذي تلاه الرئيس المشترك للحزب الأستاذ صالح مسلم
نجد بأن الPYD متوازناً في خطابه السياسي، واقعياً في ممارسة نهجه السياسي وفق المعطيات على الأرض وتبنيه لنظرية الأمة الديمقراطية بمنظومتها المتكاملة التي تجسدت في الإدارة الذاتية الديمقراطية والتي يشهد للحزب بأنه تبنى قيامها وانطلاقتها ببراعة، واضحاً في خياراته على ضوء متطلبات المرحلة وتحدياتها واستحقاقاتها الراهنة واللاحقة.
ومن خلال أعمال المؤتمر وما جرى في الكواليس من نقاشات حامية بين المندوبين أثبت حزب الاتحاد الديمقراطي أنه صاحب مشروع ديمقراطي طليعي يعتمد على تنظيم المجتمع وتحويله إلى طاقة فاعلة كونه يمتلك إرادة حرة بانتهاجه نهج مغاير لما كان سائداً ومتداولاً في السابق.
وفق هذه الركيزة خاطبت آسيا عبدالله الرئيسة المشتركة للحزب الحضور بالقول :
(ثورة روج آفا بفلسفة الأمة الديمقراطية والسياسة الديمقراطية المنتهجة للخط الثالث المقتبس من فلسفة قائد الشعب الكردي #عبدالله أوجلان# )
أما آلدار خليل عضو اللجنة التنفيذية لحركة المجتمع الديمقراطي، فكان واضحاً وصريحاً في مخاطبته لمن داخل الإدارة الذاتية أو الآخر المختلف حين قال: (أثبتت هذه الحركة أنها تمتلك استراتيجية قوية تعتمد على فكر وفلسفة عصرية جديدة بعيدة عن التقليد والتكرار وما نؤمن به نحن في “TEV-DEM” هو أنه لا يمكن تجاوز أزمات الشرق الأوسط وسوريا بالاعتماد على الحلول النابعة من المنطلقات القوموية لمصالح دينية ومذهبية متعصبة، إنما الحل هو الحياة المشتركة والتعايش بين جميع المكونات، ونأمل من ال PYD بأن يعتمد عليه في المرحلة القادمة أيضاً ويطوّر هذا النموذج ليمثل حقيقة الأمة الديمقراطية، أن استمرار تبني ال PYD لهذا المفهوم في هذا المؤتمر سيكون له أهمية بالغة لعموم المنطقة).
إذاً حزب الاتحاد الديمقراطي لم يسعى إلى عقد مؤتمره كيف ما كان، وأياً يكن النتائج طالما يتمتع بقوة تنظيمية بين المجتمع، وطالما يمتلك القدرة على استحواذ الشارع، وتحديد اتجاهه،
بل أراد أن يكون مؤتمره محطة يرسم آفاق المستقبل، بمسؤولية أمام الشعب والتاريخ طالما ارتأى أن يكون الطليعة الواعية المدّركة لحساسية المرحلة وخطورتها وما تحيطها من المخاطر نتيجة المتربصين بهذه التجربة الذين لن يألو جهداً لوأدها، ومن التنظيمات الإرهابية التي تحاصر روج آفا.
ناقش المؤتمرون كل شاردة وواردة فكرياً وسياسياً وتنظيمياً بكل مكاشفة وشفافية، فاتسمت النقاشات بروح عالية من الديمقراطية وروح المسؤولية، وكي يلعب المؤتمر وظيفته المعهودة في التجدد النضالي والثوري.
وهنا أشير إلى أكثر من موقف صادفته قبل المؤتمر وأثنائه يحمل في طياته أكثر من دلالة فبقدر الشعور بالمسؤولية لدى المؤتمرين كان بذات القدر التواضع والبساطة سمة التي سادت العلاقات داخل أروقة المؤتمر منها:
حين دخلت برفقة مجموعة من الإعلاميين قاعة المؤتمر قبل بدء أعمال الافتتاح بحوالي ساعة تفاجئنا بوجود الأستاذ صالح مسلم في القاعة مع اثنين من أعضاء الحزب فقط فكان مثالاً للتواضع والالتزام كونه تحت قبة المؤتمر عضو في الحزب ليس أكثر.
كما لاحظنا أكثر من قيادي في حزب الاتحاد الديمقراطي وهو يجلس في الصفوف الخلفية بين المندوبين يتابع أعمال المؤتمر بكل الاهتمام .
[1]