موجة إثر موجة وإنحسار بعد مد
حسين فقه
لا أدري ما المستغرب من دخول الدب الروسي في المعادلة السورية بالشكل المباشر والفاقع هذا ، رغم سيطرته على هذا الملف منذ البداية ، بل هو قابض على حيثيات هذه المعادلة حتى قبل أن تلد الرياضيات هذه المتتالية الدموية السورية ، فمن المعروف أن الدول والمنطقة عموماً هي مراكز ومناطق نفوذ للدول الكبرى ولقد تم محاصصتها بعد الحرب العالمية الثانية وفي أروقة الأمم المتحدة ، وسورية هي أحد مناطق النفوذ الروسية وهذه المحاصصة تم ترسيخها في الحرب الباردة ، ولا أحد يستطيع أن يتجاوز الروس في أي حل أو تعقيد للحالة السورية ، وكل ما سلف هو مواثيق ومعاهدات واتفاقيات دولية محسومة سلفاً ، حتى لو بدا أن الأمريكيون ، يسعون لدحضها وهو ما تبين مؤخراً وبشكل جلي ،
والذي تخلى فيه الكابوي الأمريكي عن دوره المزعوم لصالح الدب الروسي القابض على الحالة منذ تقاسم المنطقة لمراكز نفوذ . ومن المقروء أيضاً سياسياً أن الكثير من الملفات السياسية في المنطقة إرتبطت بالملف السوري على شكل حزمة بل فلنقل إرتبطت بشكل عضوي مع الملف السوري وجاءت خارطة الطريق منذ إعلان الإتفاق الأمريكي الإيراني على الملف النووي والذي رغم تنازلات الإيرانيين فيه إلى حد ما ، ورغم محاولات الاعلام الخليجي إظهاره على أنه إتفاق مخزي للإيرانيين وهو إنهزام لهذا المحور ، إلا أنه رغم كل ذلك يبقى إتفاق على حق التخصيب وامتلاك التكنولوجيا النووية ، سواءً شئنا أم أبينا ، وكان يبدو منذ ذلك الحين ان ملامحاً لخارطة طريق للحالة السورية قد بدأت بالتبلور ، وكل من لم يقرأ المعادلة سياسياً بشكل موضوعي وصحيح ، سيتوصل إلى نتائج تشبه من تعلق بالحلم الأمريكي والخليجي والتركي في المنطقة .
وما هو واضح أن المتتالية الدموية التي بدأت تتجاوز سورية ، بطريقة صحيحة أو خاطئة ، ووفق مانشتهي و نرغب أو عكس ذلك ، لن تتوقف في المنطقة وستصل إلى مناطق يعتقد أصحابها أن الربيع زارهم منذ خمسين سنة ، ودول راهنت على أجنداتها في سورية والتي ستحمل وزر تلك الأجندات، ولكن هذه المرة ضمن أراضيها وفي عقر دارها ، بل و مخادع نومها وعلى شكل كوابيس ، ستسقط البعض منهم بطريقة أكثر إذلالاً مما حدث مع حمد القطري ، و ( ممنوع الإقتراب قطر الموت ) و ( قضاء وقطر ) كما حاول رسمه لنا البعض .
والأيام القليلة القادمة مع ما يحدث الآن ستكمل الصورة الحقيقة ، فبعد كل مد يأتي الإنحسار ، وهذا الإنحسار هو عودة الموجة إلى مركزها الذي إنطلقت منه وبالتالي موجة في العمق والتي ستثبت الأيام مدى هولها وفاعليتها في تركيا والخليج .[1]