العام الدراسي الكردي الجديد و عقدة النقص القديمة لدى الكردي
منير شيخي
في بداية عقد التسعينيات كنت في زيارة لصديق و هو كاتب و شاعر كردي فذ ، كان له حينها أكثر من أربع كراسات شعرية و العديد من الدراسات في معظم الدوريات الكردية منها و الكردستانية و العربية. و عندما سألته عن أخر أعماله ، بدأ بعرض كلامي عن ما نشره ، و كانت هذه عادة يتبعها معظم المثقفين قبل عصر الإنتريت و مازال البعض يمتهنها و مدمن عليها حتى الآن – .
الغريب جدا”إن صديقي الكبير نهض ليأتي بمنجزاته ، و جاء و في جعبته كما” جيدا” من الدوريات و المجلات و الجرائد ، لكن أول و أكثر ما كان متشوقا” و متحمسا” ليعرضها لي و مدعاة للفخر و السرور عنده هو ما نشر له في الملحق الثقافي لجريدة الثورة السورية و كانت قصيدة شعرية باللغة العربية في ركن صغير بمساحة ﻻ تتعدى مساحة علبة دخان الحمراء القصيرة التي كان يدخنها.
و تحدث بشوق كبير عن هذا الإنجاز الحقيقي و العظيم -بنظرة – بدأ بعدها بعرض ما نشره في الدوريات الأقل شإنا” – الدوريات الشبه حقيقية – كمجلة كولان العربي و المثقف التقدمي و الأجراس و برس و سوركل و الحوار ….إلخ. ما جعلني أطرح هذا السؤال الكبير ( على نفسي بطبيعة الحال كي ﻻ أفسد على صديقي فرحته بإنجازه العظيم ).
لماذا يجد الكردي عادة في كل ما يعود للأنظمة المتحكمة به بكونها أشياء حقيقية و ينظر إلى ما ينتجه العقل و المؤسسات و الأحزاب الكردية بكونها تشبه الحقيقية أو تحاكيها في أحسن حال و خلبية في أسوءها .
و جعلني في الوقت نفسه أجري مقارنات سريعة في كل مناحي الحياة بالنسبة للكردي و للأنظمة الحاكمة و المتحكمة به.
للمثال ﻻ الحصر : – علي حسن المجيد (علي الكيمياوي) كان شوفيرا” لتكسي إجرة * في الموصل قبل أن يعينه صدام حسين وزيرا”للدفاع على رقاب العباد و كان معظم الكرد يجدونه في قرارة إنفسهم بكونه وزيرا” للدفاع العراقي بكل ما للكلمة من معنى، بينما كانوا يستغربون و يتعجبون في الوقت نفسه من أن يلقب شخصية عظيمة كملا مصطفى البرازاني بالجنرال.
ما جعلني أخوض في هذه الذكريات و المقارنات هي مناسبة اليوم و الذي يصادف بداية العام الدراسي الجديد في #روج آفايا كردستان# و بداية النظام التعلمي الجديد باللغة الكردية و الذي هجم بشراسة من قبل البعض.
لا أجد تفسيرا” لماذا يتمنى بعض المرضى و يدعون جهارا” أن تبقى تلك الأسماء الدخيلة عن ثقافة مجتمعنا الكردي ليتعملها أطفالنا رغما عنهم ك (باسم و رباب و ميسون و عمي منصور النجار) و يرفضون بل و يحاربون إن يتعلم أطفالنا اشياءهم بإسمائها التي رضعوها مع حليب أمهاتهم ك(جودي و ميديا و همرين و mele dedik) .
لماذا الإصرار على أن يبقى أطفالنا”يتعلمون أشعارا” لسليمان العيسى و علي عقلة عرسان بدلا” من جكرخوين و مﻻ أحمدي نامي. بئس العقل ذلك الذي يجد ثقافة الأخر المستعمر و الوافد أكثر نضجا” و حقيقية” من ثقافته الأصلية و المتجذرة في أرضه وتكوينه.
………………….. * عرضي لمهنة شوفير التكسي ﻻ يعني التقليل من طبيعة المهنة بطبيعة الحال.[1]