عنوان الكتاب: إشراك القيادات الدينية العراقية في عملية السلام والمصالحة خلال مرحلة ما بعد #داعش#
اسم الكاتب(ة): آن وينسكوت
مكان الأصدار: الولايات المتحدة
مؤسسة النشر: معهد الولايات المتحدة للسلام
تأريخ الأصدار: 2019
إن لدى الفاعلين الدينيين في العراق على اختلاف انتمائهم الديني والطائفي تأثيرا كبيرا في الوعي الجمعي، ويَنظر لهم المجتمع باعتبارهم أصحاب دورٍ في تعزيز سير البلاد نحو السلام. ومع أن إشراك الفاعلين الدينيين في جهود المصالحة لا يُعدُّ في حد ذاته ضمانة لنجاح تلك الجهود، لكن الأكيد أن استبعادهم منها سيؤدي إلى إخفاقها. وإن الأقليات الدينية تشكل جزءاً مهماً في هذا المشهد المعقد. ولا شك أن التصدي للتحديات التي تواجه الفاعلين الدينيين أمرٌ ضروريٌ لتعزيز جهود السلام والمصالحة المنطلقة من الاعتراف بتعدد الأديان.
لقد تضمن البحث الذي انبثق منه التقرير الماثل إجراء 571 مقابلة شبه مقننة. وقد أجريت المقابلات بين أواخر 7102 وأواخر 8102 في عدد من المدن والمناطق المحيطة بها. هذه المدن هي بغداد، والبصرة، وديالي، ودهوك، وأربيل، وكربلاء، وكركوك، والموصل، والنجف، والسليمانية، ومحافظتي الأنبار ونينوى. وتبين نتائج البحث أن العراقيين يوافقون، بل بالأحرى يرغبون رغبة حقيقية، في إشراك الفاعلين الدينيين في العديد من الجهود الرئيسية المتعلقة ببناء السلام. من أمثلة هذه الجهود مكافحة التطرف والطائفية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الأديان الأخرى، وتعزيز المصالحة الاجتماعية على المستوى المحلي، وتمثيل المواطنين فيما يتصل برفع شكاواهم إلى الجهات الرسمية. بالإضافة إلى ذلك، فقد كشفت الدراسة الماثلة عن وجود عدد من النزاعات ذات الأبعاد الدينية داخل الديانات والطوائف المختلفة وفيما بينها، وأن الفاعلين الدينيين قد يلعبون دورا مهما في التخفيف من حدة هذه النزاعات .
فضلا عن ذلك، تعتبر المواقع الإلكترونية والمدونات والوسائط الأخرى مصادرَ أساسيةً للإرشاد الديني. كما أن للقنوات التلفزيونية الدينية والمحطات الإذاعية والشخصيات الدينية تأثيرا كبيرا في وعي المواطنين على مستوى صياغة المواقف والتصورات المختلفة. في نفس الوقت، فقد لوحظ بروز اتجاهٍ جديدٍ آخذ في الصعود يتمثل في بروز حركات دينية تضم أعضاء من ديانات وطوائفَ مختلفة. من الأمثلة على ذلك الطريقة الصوفية الكسنزانية وحركة الداعي رباني في ديالي اللتان تضمان مريدين وأعضاء من السنة والشيعة. ولعل ذلك ما يتيح الفرصة لقادة هذه الحركات لريادة جهود المصالحة فيما بين الطوائف المختلفة .
وإذ يسعى بناة السلام وصنّاع السياسات لتأسيس شراكات مع الفاعلين الدينيين العراقيين والمؤسسات الدينية ضمن سياق جهود بناء السلام، فعليهم أن يكونوا حساسين لطبيعة المجتمعات الدينية والفاعلين الدينيين، وهي طبيعة معقدةٌ بكل تأكيد. عليهم أيضا أن يحرصوا على ضمان إشراك جميع الأطراف، وأن ينتبهوا لتأثير هذا الإشراك في وضع الشرعية المتصورة التي يحظى بها الفاعلون الدينيون.[1]