المؤامرات لا توقف الثورات المجتمعية
شاهوز حسن
تمر علينا هذه الأيام ذكرى 15-02 المعروف لدى شعبنا باليوم الأسود، حيث تعرض في ذلك اليوم من عام 1999م القائد آبو للأسر من خلال مؤامرة دولية شاركت فيها أكثر من 30 دولة ضاربة بعرض الحائط كل القوانين الكونية وتخلوا فيها عن ما يتباهون به بشكل يومي من حقوق الإنسان.مر على المؤامرة سبعة عشر سنة وتدخل المؤامرة عامها الثامن عشر وما يزال قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان في ظروف الأسر التي لا مثيل لها حيث أنه يتعرض منذ البداية لإجراءات خاصة تعرف بنظام إمرالي ولا يوجد مثال له في مكان آخر في العالم ويبقى القائد لوحده في تلك الجزيرة وعدا ذلك يتعرض لحالات التجريد بشكل خاص من فترة لأخرى وهكذا يكون نظام التعذيب في إيمرالي مضاعفا، رغم كل ممارسات التعذيب الخاصة المتبعة على القائد إلا أننا نراه يتجاوز ذلك ويتغلب على تلك الظروف بتحقيق نموذج فريد من المقاومة التي أذهلت العدو قبل الصديق.
قدرة القائد آبو على إفشال المؤامرة وتطوير النضال الثوري في كردستان والمنطقة أصبح تاريخا جديداً لشعبنا الكردي والقوى الثورية والديمقراطية في المنطقة والعالم. وحقيقة ثورة روج آفا أكبر إثباث على هذا التطور الثوري الحر والديمقراطي ويوما بعد آخر يتطور النضال الثوري في كردستان والمنطقة بفضل الثورة الذهنية التي خلقها القائد آبو رغم ظروف الأسر. وما يتطور اليوم من ثورة في باكور أيضاً يستند إلى نفس الأسس ورغم الهجمات الوحشية للفاشية التركية إلا أن مقاومة شعبنا في باكور أصبحت مشعلاً ثورياً ونار الثورة ستنتشر في كل مناطق باكور وتركيا مع الربيع القادم.
المؤامرة الدولية استهدفت القائد آبو لأنه كان تعبيراً عن حالة ثورية فريدة وطور ثورة كردستانية مستقلة وحرة ومنذ البداية اعتمد القائد آبو على الإمكانات الذاتية وحلل ظروف تقسيم كردستان واستعمارها وحدد طريق الثورة الكردستانية الديمقراطية وخاض الشعب الكردي بطليعة حزب العمال الكردستاني نضال الحرية في مواجهة أكبر جيش في المنطقة.
القضية الكردية التي تشكلت مع معاهدة لوزان وتقسيم كردستان إلى أربعة أجزاء كانت حاضرة دائماً في صراعات المنطقة لكن النظام العالمي منذ ذلك الحين لم يسمح بحل القضية الكردية وتآمر على الشعب الكردي وانتفاضاته لصالح الدول القومية الحاكمة على كردستان. فالنظام العالمي بقطبيه طوال عقود القرن العشرين عموماً وطوال فترة الحرب الباردة بخاصة، كان له مواقف سلبية تجاه أي تحرك من شأنه أن يؤدي إلى إحداث تطور إيجابي لصالح الكرد في المنطقة. الشعب الكردي كان وما زال الشعب الوحيد في العالم الذي لم يثر كل ما تعرض له من ممارسات وحشية ومجازر وسياسات صهر وإذابة، أي اهتمام من جانب المؤسسات الدولية، سواء كان في عهد عصبة الأمم أو الأمم المتحدة، رغم اعتراف الأخيرة رسميا بحق الأمم في تقرير مصيرها. لن نعثر على موقف دولي واحد ينصف الشعب الكردي ويعبر عن إدانته لممارسات الدول الأربع بحقه.
لذا فإن النظام العالمي لم ينصف الكردي وتحامله على حركة الحرية الكردستانية كان لسبب تطوير نضال ثوري يسعى لتغيير الأنظمة القائمة منذ الحرب العالمية الأولى ولهذا لم يكن تحامل النظام العالمي على الحركة لم يكن اعتباطياً بل كان بهدف الحفاظ على نظامه الذي أسسه في الشرق الاوسط.
إذاً الهدف من المؤامرة كان ضرب وتهميش أكبر قوة ثورية في المنطقة تملك دعماً جماهيرياً وقوة عسكرية متمرسة ومشروعاً قائماً على قيم تنبع من صلب الثقافة الأصيلة لشعوب المنطقة. وقائد الشعب الكردي يؤكد أن أحد أبعاد المؤامرة ضده كانت لأنه ابن المنطقة أي الشرق الأوسط حتى أن الدول المتآمرة كانت تصف القائد بصلاح الدين العصر الذي أفشل مخططات الغرب في حينها وكذلك القائد أوجلان أفشل مخططات الغرب في المنطقة ودائماً سعى القائد لتطوير النضال الثوري بشكل مستقل وحر يعتمد القيم الثقافية والمجتمعية لشعوب المنطقة.
الموضوع الهام الآخر هو مشاركة الأطراف الكردية من باشور في المؤامرة الدولية حيث أن اتفاقية دبلن بين الديمقراطي والاتحاد استندت بالدرجة الأولى على مشاركتهم في المؤامرة ضد القائد آبو وأنها لم تكن المرة الأولى التي يشاركون فيها في التآمر أو الحرب على حزب العمال الكردستاني حيث أنه في عام 1992 م أيضاً شاركوا بشكل مباشر في الحرب إلى جانب تركيا بهدف القضاء على الحركة الثورية في كردستان. لكن جميع محاولات التآمر باءت بالفشل ورغم تبدل الظروف إلا أننا نرى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني في باشور ربط مصيره مع الدولة التركية ويشاركها في كل سياساتها ضد شعبنا في باكور وروج آفا حتى أنهم حولوا باشور إلى مستعمرة تركية اقتصادية وسياسية وعسكرية أيضاً.
بالعودة إلى يومنا سنرى أن نضال شعبنا وفق نهج وفكر القائد آبو حقق انتصاراً عظيماً مع ثورة روج آفا في #19-07-2012# م حيث أن شعبنا الكردي في روج آفا تعرف على القائد آبو لأكثر من 20 عاماً وطور نضاله الوطني والديمقراطي وفق نهج القائد آبو وبذلك تشكلت أرضية صلبة لتحقيق ثورة ديمقراطية في روج آفا وسوريا. رغم كل الهجمات التركية ومرتزقتها وذيولها السياسية ممن يسمون ذاتهم كرداً إلا أن الثورة الديمقراطية في روج آفا أصبحت مثالاً يحتذى به ويوماً بعد آخر يتحقق الاعتراف من قبل القوى الدولية العظمى. ومما لا شك به أن ثورة سوريا الديمقراطية وثورة الشرق الأوسط الديمقراطية ستتحقق بنهج القائد آبو وهذه حقيقة واضحة ويوماً بعد آخر تلتف شعوب المنطقة حول فكر ونهج القائد آبو لأنه يمثل حقيقة نضال الحرية والديمقراطية ولا يمكن حل قضايا المنطقة بغير هذا النضال.
القضية الأساسية اليوم بالنسبة لشعبنا في كل الأجزاء هي تحقيق حرية القائد آبو لأن التجارب أثبتت أن النشاطات المختلفة والفعاليات التي لا تتمحور حول حرية القائد تفتقر إلى المعنى والقيمة وتبقى بعيدة عن التوصل إلى نتائج إيجابية من وجهة نظر آمال وطموحات شعبنا في الحرية والاستقلال. وذلك لأن آمال الكرد وطموحاتهم تنعكس تماماً في شخصية القائد وحقيقة القيادة في كردستان. القائد آبو لم يستلم راية النضال من أحد قبله ولم يستند إلى مخزون نضالي غني ومكاسب كانت قد تحققت لمصلحة الشعب الكردي قبله إن مثل هذا الشيء لم يكن موجوداً أصلاً على العكس كانت الساحة الكردستانية مستسلمة لحالة من الإحباط واليأس وكانت سياسيات الصهر والإذابة قد بدأت تعطي ثمارها لمصلحة المستعمر، وأن الذين كانوا يتظاهرون أحياناً بأنهم ملتزمون بالقضية، لم تكن مواقفهم تتعدى محاولات الحصول على بعض الفتات أمام أبواب المستعمرين دون أن تكون لمواقفهم وصيغهم التنظيمية وسلوكياتهم الحياتية أي تأثير إيجابي على القضية، وعلى العكس كانوا طوال الوقت يحرصون على إعاقة أي تطور نضالي من شأنه أن يتجاوز معاييرهم حتى وإن كان ذلك عن طريق التعاون المباشر مع العدو. على هذا الأساس فإن القائد آبو لا يعبر عن شخصية عادية فتحت له بعض الخصائص التي يتمتع بها الطريق لأن يلعب دوراً قيادياً في كردستان. القائد آبو يعني إيقاف عملية الإذابة والصهر، يعني إيقاف حالة الاغتراب، وانطلاقته تعني بداية النهاية لحالة الاستعمار على كردستان. إن اسم القائد آبو يرتبط عضوياً بقضية وجود الشعب و كلما تحقق من تطورات ومكاسب لصالح الشعب الكردي في العقود الأخيرة مبنية تماماً على الأسس التي وضعها هو. على هذا الأساس فإن الموقف من الهوية الوطنية الكردية والموقف من إيجاد حل للقضية الكردية والموقف من بناء مجتمع حر وديمقراطي في كردستان، الموقف من كل هذه الأمور سواء كان إيجابياً أو سلبياً يحدده الموقف من القائد آبو وحريته. ولا يمكن الفصل بين طرفي هذه المعادلة. الأعداء يدركون ذلك ويسلكون طريق استهداف القائد آبو للنيل من وجود الشعب الكردي بأكمله. وبالتالي فإن كل المحاولات المبنية على الفصل بين قضية حرية القائد آبو وحل القضية الكردية هي محاولات مشبوهة الغرض منها الالتفاف على المطالب الحقيقية لشعبنا. وإن كل موقف يدعي بأنه يتعاطف مع الشعب الكردي دون أن يقترن بالدعوة إلى إنهاء نظام التعذيب المطبق على القائد في جزيرة إيمرالي هو موقف مشبوه لا يتعدى محاولة لخداع شعبنا. لأن كل المواقف المشبوهة هذه تهدف إلى تجريد الشعب الكردي من القوة القيادية حتى يتسنى لهم توجيهه وفق ما تمليه مصالحهم.
إن عظمة القائد آبو تكمن في قدرته القيادية على السير في الطرق التي يرسمها هو وليس الطرق التي يحددها أعداؤه، تكمن في معرفته لتحديد أولوياته رغم كل التحديات. والمحاولات التي تهدف إلى تغييرها وتضع أمامه أولويات أخرى تعتبر ثانوية بالنسبة لإيجاد حل للقضية الكردية. كان من الواضح أن الهم الرئيس للقائد حتى في محنته تلك وفي ظروف التصعيد وأجواء الدعاية المعادية والاستخدام المفرط للعنف باختصار في ظروف الطوفان، هو القيام بمسؤولياته تجاه الشعب وإيجاد وسائل وأساليب تحول دون نجاح المؤامرة وعكس الوضع إلى انتصار تاريخي للشعب وقضيته العادلة. مع دخولنا العام الثامن عشر للمؤامرة الدولية علينا التأكيد على أن النضال ضد المتآمرين يتم من خلال العمل المتفاني في سبيل بناء مجتمع حر ديمقراطي قادر على إدارة ذاته والدفاع عن قيمه وعلى رأس هذه القيم تأتي القيادة والنضال في سبيل حريته.[1]