وجهُ الخيانةِ القبيحْ
عن الجذر المعرفي والسياسي للأزمة السورية؛ وعن الحلول (2 من 2)
حصر إطلاق النار على الشيخ مقصود بدلاً من وقفه
سيهانوك ديبو
هل جبهة النصرة هي المعارضة المسلحة (المعتدلة)؟ لن يتوقف تكرار السؤال حتى زوالها وزوال كل معتقديها من سوريا، لأنه في الأساس لن يكون الشعب السوري؛ لحظة واحدة؛ أمام حل لأزمة البلد وفق مساره السياسي حتى أفول التنظيم الإرهابي المسمى بجبهة النصرة إضافة إلى داعش وكل مرتبطيها إنْ فكرياً أو سياسياً أو تنظيمياً. لأنه بالأساس غير مُعّدٍ لسوريا أن تبقى في حال بقاء وعاءات الفكر العدمي وبواتق الانهيار ونفاثات الظلام؛ شيئين لا يُستطاع الجمع بينهما مهما يكن: هؤلاء وسوريا الديمقراطية.
لا يمكن اعتباره الصدفة (أساساً؛ لا محلات للصدفة في الثورات وفي كل الحياة بشكل عام) أن يتم قصف الشيخ مقصود وارتكاب المجزرة التي صارت بها قبل ساعات وفاقت الثلاثين مدنياً؛ بينها وبين المتبقي من أصوات الائتلاف الذين يصرون أن النصرة هي من المعارضة المعتدلة ويجب دعمهم، ودعا اليوم هدهد رئيس الائتلاف الجديد (ممثل إحدى أحزاب المجلس الوطني الكردي) بمهزلته ودعوة الشباب بالانضمام إلى جبهة النصرة وفق الرغبة القاصرة الحاقدة والصغيرة جداً، وأنْ تتم دعوة أبناء الجلدة وأبناء البلد كي يكونوا إرهابيين؛ لا يمكن اعتبار ذلك إلّا الخذلان والسقوط الكبيرين. لقد بيّنت الثورة السورية ومنها الفكرية؛ الحجم المرعب لكميات التفسخ الكبيرة المعششة في معظم الطبقات السياسية السورية المعارضة؛ وظهورها لاحقاً في أول ظهور بمشهد شرائح صغيرة عفنة حافظت بل قوّت من تمركز الأنظمة الاستبدادية في سوريا، والأكثر من خدمته وتخدمه؛ وخاصة في مسألة اصرار هذه (المعارضة) على شرعنة جبهة النصرة. وهي بذلك تقوم بدور الصدِّ لقرارات الشرعية الدولية وتصنيفها الإرهابي لهذه الجبهة، ومن ناحية أخرى تلعب دور قناة تمرير طقوس غريبة إلى المناخ العام السوري والذي كان ينبذ بأغلبه كافة أشكال التطرف الديني والمذهبي؛ وأخيراً السياسي، كما أن الفئة المناصرة لجبهة النصرة وبالأخص (أكراد النصرة) يعلمون بأن طابع الكرد المدني لا يوجد في أدنى مساحة له أية أمكنة لمثل دماميل القيح الفكري وطفيلياتها النتنة –كالنصرة- أن تستحوذ على حواضن لها في البيئة المجتمعية الفكرية والذهنية الكردية؛ وهي ليست إلّا مجرد حفر خارجية يتم ردمها، وطفح يتم معالجته جراحياً من خلال كنسها من قبل الروافع النهضوية المغيّرة.
المجلس الوطني الكردي برمته والمهيمن عليه من قبل أكراد النصرة أو أكراد الائتلاف أو أكراد أنقرة؛ بات في أيامه الأخيرة بمعرض الفسق والرذيلة ونفق الخيانة؛ وعلى الوطنيين منهم –أيا كانوا وفي أي حزب منه ينتمون- أن يتبيّنوا ذلك ويبيّنوا إما هم مع النصرة وداعش وإما مع العالم وسوريا والكرد في سوريا، اليوم قبل غداً، النهار قبل ليله؛ خاصة بعد مجزرة الشيخ مقصود هذا اليوم ووقوف بعض من المهيمنين عليه إلى جانب القتلة والمجرمين والمرتزقة ضد جميع مكونات روج آفا وجميع أطيافهم وقبلهم ضد الشهداء ومرابطي خنادق الشرف ومعارك الكرامة والتغيير في وجه من يتم قصفهم من مناطق محسوبة بشكل رسمي على المعارضة، والتي غدت محلات لارتكاب المجازر والقتل ضد المدنييّن، وأن يتم استغلال وقف اطلاق النار الذي حرص عليه جميع مكونات قوات سوريا الديمقراطية من أجل تدعيم داعش والنصرة والكتائب المرتبطة بهما؛ يعني ذلك جواب واضح إفلاس هذه المعارضة أو إفلاس أذرع داعش والنصرة السياسية وانتقالها –دون مواربة- إلى مواجهة ضد الشعب وضد الحل السياسي بمجمله، وأن الوجه القبيح للخيانة ظهر دون رتوش ….. دون قناع.[1]