أية معارضة هذه؟ وعن أية شراكة تتحدث؟
كرنفال كولن؛ مجرد استعراض
سيهانوك ديبو
يصدق لفظ المعارضة –حتى اللحظة- على المعارضة السورية (المتبقي من الائتلاف مع بقايا من يمثل المجلس الكردي) في شيء معين فقط متمثل من خلال معارضتهم لأي حل سياسي ولأي مشروع حل وطني معاينٍ للأزمة السورية؛ شهدناهم معارضين للإدارات الذاتية وفي اللحظة نفسها لمشروع الفيدرالية الديمقراطية تحت حجج واهية في أنها تقسيم أو إعلان من جانب واحد وأي شيء من هذا القبيل. مثل هذا الصنف المعارضاتي بات حملاً ثقيلاً على السفينة السورية المنهكة وحان الوقت على المجتمع الدولي وباعتبار الملف السوري بات في عهدته؛ أن يتخذ ممارسات وسياسات أكثر واقعية، كما عليه وجوب التفريق بين من يكرس الأزمة ومن يحلحلها من أجل حلِّها تباعاً ولاحقاً؛ بالأخص إذا كان في نيته وضع تصور حل للأزمة السورية والقناعة باختراق نوعي إيجابي لها. هذه المعارضة وهذا النظام متفقان على رفض الحل السياسي ورفض كل العمليات الميدانية المقضية إليه، وهما في الأساس ما زالا يعيشان في طور الاقتناع البدئي بمفاد أن أية رؤية تضمن عدم انتاج الصيغة الاستبدادية المركزية بمثابة خطر وجودي عليهما. وهذا ما يفسر اتفاقهما على رفض الحل الفيدرالي الديمقراطي وعلى جميع النقاط العملية والميدانية العسكرية المتعلقة بالحل؛ كما اللغط الكبير والسجال العنصري المحموم الذي يتطاير حقداً من خلال أحاديثهم؛ تصريحاتهم؛ مواقفهم ومن خلال بعض من القنوات الإعلامية المتحولة إلى نفاذيّة للفتنة والتحريض والعلل. ويكاد الأمر يتعدى من هم المحسوبين على مثل هكذا معارضة إلى المحسوبين في المجال الثقافي؛ وهؤلاء –بأغلبهم- انقسموا انشطارياً فيما بينهم؛ قسم إلى جانب داعش والنصرة بكل من يرتبط بهما وقسم إلى الأحزاب والجماعات الطائفية في طرفها النقيض كحزب الله وغيره من يرتبط به أو من ترتبط بها. كما أن هؤلاء وحين الانشطار لم يلتفتوا –لحظة- إلى انتمائهم الظاهري لل(التقدمية) و(اليسارية) و(العلمانية). مشكلة كبيرة حينما يصرون بأن ما يحدث في سوريا هي موقعة ثالثة من حروب الطائفية بعد موقعتي الجمل وصفين.
يمكن إيجاز حديث هؤلاء (معارضة الصدفة) على طول فترة الأزمة السورية بأنه/م الأكثر ارتجالية والأكثر تناقضاً مع أنفسهم أولاً ومع تطلعات الشعب السوري أخيراً. ويبدون فاقدي البوصلة مرغمين السير في التيه؛ لم يتعرفوا حتى اللحظة ما هي الثورة بل ما هي المعارضة. ويقزمّون أنفسهم بأنفسهم إبّان كل خطوة عملية. يبدون مع النظام ويزايدون عليه في مركزية سوريا المستقبل؛ حين طرح نموذج اللامركزية الديمقراطية المتمثل في الوحدة الاتحادية (الفيدرالية) لسوريا؛ من حيث أنهم في حقيقة الأمر مهددين لوجود سوريا برمتها. ويظهرون اليوم في أسوأ حالاتهم ويعلنوها بأنهم مع داعش في الرقة كما كانوا معه في تل أبيض/ كري سبي وكما هم الآن مع تفريخات داعش والنصرة في مناطق الشهباء ما بين جرابلس ومنبج، وإذا تعذر الأمر فإنهم مع بدون الرقة كلها حينما يتم الحديث عن تحريرها على يد قوات سوريا الديمقراطية بفصائلها التسعة وعشرين فصيلاً (كرداً؛ عرباً؛ سريان آشوريين؛ تركماناً وغيرهم).
نقولها بشفافية كبيرة؛ أكثر من اشتبك مع وجود النظام الاستبدادي وماهية السلطة المركزية وعارضه هم من أعلنوا الإدارات الذاتية بمضمون الفيدرالية الديمقراطية، وأكثر من عرّوا (معارضة الصدفة) هم من حاربوا ويحاربون الإرهاب القاعدي وهم أنفسهم المتوجعون المتأففون المتاؤِهون من تحرير أي شبر سورية من بنادق بعض الدول الإقليمية كتركيا وغيرها والمتمثل بداعش والنصرة على يد قوات سورية الديمقراطية. وهذه حقيقة الطريق الثالث؛ كلما تجسدت بدت الواقعات الطارئة في وضع العري والإفلاس، و يلح الطريق الثالث وينفتح باستمرار على جميع القوى الديمقراطية في سوريا من ضمنهم قواعد المجلس الوطني الكردي وقيادتهم التي تجد نفسها في صفها وفي صف هذا الطريق؛ خاصة؛ بعد تبيان المصائب والكوارث التي أوصلتهم بعض من الشخوص الواقفة بدون حياء إلى جانب النصرة؛ وهؤلاء هم شخوص حان وقت نتحهم وإبعادهم من كل تمثيل وهم بالأساس أساس عرقلة أي عمل مشترك سابق؛ فهم مجرد مجندين منفذين لأجندات الغير. وأنْ يركبوا سفينة الحل بكل ما يحملون من قناعات وأفكار يعتقدون بها؛ كما الآية الكريمة التي خاطب فيها النبي نوح عليه السلام ابنه (يا بني اركب معنا ولا تكن مع القوم الظالمين).
حينما تقود مرأة حرة خمس عشر ألفاً من المقاتلين الثائرين الأحرار ضد داعش وبغاية تحرير شمال الرقة وصولاً إلى عفرين؛ يعني أن الثورة في أعظم حالاتها، لأنها تعني بأن حروب الحرية ليست موجهة ضد أية اثنية أو جماعة قومية أو ملة أو طائفة أو دين؛ إنما من أجل احقاق الحق وارساء العدالة الاجتماعية؛ كما يقول مؤسس الأمة الديمقراطية أوجلان.
قيادة مرأة كردية حرة ضد تنظيم داعش المدعوم من دول وجماعات وأحزاب ومستثقفين؛ يعني البحث والاصرار على العلمانية الديمقراطية. هذه بصراحة هدف الطريق الثالث وهدف حربه؛ والمغزى القيّمِ والقيمي على مبدأ الشراكة والتعددية في معركة المصير؛ الذي يصر عليه أن يكون موجوداً.[1]