ما هي القاعدة ومن هم شواذها ؟
كرنفال كولن؛ مجرد استعراض
سيهانوك ديبو
القاعدة الأنسية في منطق الحرية المعرفي تؤكد بأن مدى الاقتراب منها متمثل بمدى استشعار قدوم خطر العبودية وما يترتب على ذلك من أفعال تصل إلى حد الشهادة كي لايكون للعبودية وجود، وأنه كلما تبرز أمام المجتمع (جماعات- أفراد) تجربة أو تجارب جديدة يتسع أُفُق منطقه، شيء أشبه بالتعرف على نجوم جديدة في منطق السماء الواسع؛ لكن؛يشذ من هذه القاعدة أصحاب التفكير الانهزامي والرؤية المهزومة، كما أن هؤلاء الشواذهم أفضل من يثبتون صوابية هذه القاعدة الإنسانية ومفصليتها حين تناول موضوع وغاية وهدف تاريخي كبير كمثل الحرية. وبين مستوى الحرية وأصناف العبودية مساحة تقتصرعلى المتردد؛ والأخير هو الذي لا يرى الحقيقة إلّا ملموسة وبشكل محسوس، من حيث أن عقول هؤلاء تكون منتقلة في الأساس إلى عيونهم بشكل مسبق؛ أي؛ يروون بعيونهم فقط.
في حالة الأزمة السورية يمكن مقاربة ما تقدم أعلاه على متناولي الأزمة السورية بشكلخاص وبشكل عام على السوريين أنفسهم؛ في مجموعات ثلاثة:
الأولى؛ التي لم ترى -من خلال عيونها- ما تم تعبئته من تصورات وأفكار ورؤى وحَشوهِ في الصندوق؛ حينما يهاجر العقل ويستقر في العيون تغدو تلك المساحة أشبه إلى صندوق فارغ يتم تعبئته دفعة واحدة أو على عدة دفعات زمنية. وهذه المجموعة صوّرت مسائل التغيير بعقول الخارجي؛ أذكر هنا؛ ولعديد من المرات بغالبية من كنا نلتقيهم في اجتماعات المعارضة بأنْ كان الحديث عن سلطة العدالة والتنمية في تركيا ومن حيث أنها لن تقبل بأي وجود سياسي للكرد. سألناهم حينها والآن: ماذا عن موقفنا نحن السوريين؟ هل منالمعقول أن يقرر عن شعب سوريا من يفكر بمثل هذا الاعوجاج؟ خاصة؛ إذا ما أدركنا ووفق منطق الحقوق العامة المقرة في كل دساتير العالم بأن الشعوب هي من تقررمصيرها؛ وينطبق ذلك على الكرد أيضاً؛ طالما؛ يمتلك ممثليها مشروعاً لدمقرطة سوريا بالشكل الحقيقي لها.
الثانية؛ مجموعة العبودية؛ هؤلاء مستعدين أن يرهنوا كل سوريا بكل من فيها ويحولوها إلى جغرافية عبيد (تراقيا) من أجل استعلاء السلطة واستعباد الآخرين؛ هؤلاء من دون أسف؛ومن الخطأ أيضاً أن يتم الترميز لهم بأنهم من طائفة معينة أو قوم معين، من حيث أن هؤلاء زمرة وخليط فيه الكرد- بقايا المجلس الكردي، والعرب وجميع المكونات السورية القومية منهاوالطائفية. هدفهم إعادة ما تم نسفه من صيغ استبدادية بات حامليها السابقين أيضاً غيرمتأكدين من ضرورة الحديث عنها؛ حتى الحديث. وهذه المجموعة بحد ذاتها يشكلها طرفي المسؤولية في التدمير السوري (نظام ومعارضة استبدادية له) مع التركيز بأنالمحسوبة على المعارضة فاقت كل أشكال العبودية للخارجي وكل الرغبة الاستعبادية للمكونات السورية الداخلي. لا يمكن الوثوق بهم حتى لو سنحت لهم فرصة أخرى ذات لحظة (مخربطة- عجلاء) كما كانوا فيه.
الثالثة؛ مجموعة تتحرك وفق ثلاثية مترابطة: التوازن؛ التنظيم؛ الانطلاق، وفي مستوى منهذه الثلاثية لها مرجعية فكرية معرفية سياسية. نصيب لو ثلنا بأن هذه المجموعة كانت في مراحل سابقة أشبه من يمشي على خيط رفيع معلق فوق بعد كبير. من يود رؤية ما يحدث على الأرض لا بد أن يرتفع قليلاً. إنها مجموعة الأمة الديمقراطية المقلقة للغير- للمجموعتين بكل من يدعمهم، كما أنها تسعى وفق المجتمعية بكل خصوصياتها على قاعدة الوطن الديمقراطي الذي يتسع للجميع. وقد خطّت هذه اللحظات مسافات كبيرة؛ ضخمة بكل المعاني وإرثها محميٌّ من قيم شهدائها وهم بالألوف ويريدها الحي المؤمن بهذه المجموعة.
كي لا يتم تصوير بناء الجنة الأرضية بأنها قامت؛ لكن العلمية والعملية تثبت أن المجموعة تؤسس للجنة الأرضية المتمثلة بالشرق الأوسط الديمقراطي؛ وهذا سيكون على غروب غيرمعد لأي شروق للنمطية المخبأة تحت أقنعة: الدولة؛ القومية؛ الأمة. ولأنها كذلك نجد النمطيين على أشد حالات الاستنفار والعداء والحصار لمجموعة الأمة الديمقراطية.
لأن الساعة المعطلة تماماً تصدق في اليوم مرتين؛ كما قالها لينين، فإن الستة أعوام القاسية السورية أو سنين القيامة السورية جلبت بالرغم من المآسي أموراً مهمة تكمن فيالتفكير الحر الجديد والحرية بدون رتوش عبودية والفرد الندي بدون رتوش المهمل أوالمنصاع. كما أنها كشفت الأقنعة كلها بدون رتوش أيضاً وأيضاً. وأكدت أخيراً ما يحدثاليوم ليست سوى تأثيرات نماذج النمطية والأفراد والمجموعات النمطية.
فحينما يقول الفيلسوف أوجلان من سجنه: استطعت أن أجعل من إيمرالي بدلاً من مكانللنفي والانحلال إلى مدرسة خلّاقة للحل والاستفادة والخلاص؛ ليس للكرد فقط إنما لسائرالشرق. يعني ذلك – بعملية وعلمية- أن الشرق ومن ضمنها سوريا ومن ضمنها الشعبالكردي بإمكانهم الانطلاق إلى الوجهة الصحيحة المتمثلة بالشرق الأوسط الديمقراطي.[1]