هل يمكن لأردوغان معاقبة ألمانيا بسبب اعترافها ب (الابادة الجماعية) للأرمن؟
منذ أن صدر قرار البرلمان الالماني بخصوص الابادة الجماعية وتهديدات أردوغان ومعاونيه جارية على قدم وساق وخرج الساسة الاتراك ومن أعلى المستويات على الاعلام العالمي والتركي يهددون ويتوعدون ألمانيا وخاصة نوابها المنحدرين من دولة بما تسمى تركيا، ووصل الامر بهم الى الخروج الكامل من الاطر الدبلوماسية واللجوء الى سياسة الارهاب المافياوية السياسية بقتل النواب الاتراك، ولهذا نصحت الخارجية الالمانية بعدم زيارة هؤلاء النواب لتركيا لانهم معرضين للقتل والسجن.
وما هو واضح هو أن عين السلطان بصيرة ولكن يده قصيرة فهو بالتأكيد لا يملك الأدوات والوسائل والامكانيات اللازمة للقيام بمعاقبة ألمانيا اقتصاديا لعوامل كثيرة لست بصدد جميعها الآن ولكنني سأكتفي بذكر أهم العوامل والاسباب.
عندما قامت فرنسا بتاريخ كانون الاول من عام 2011 م بسن قانون يجرّم كل مَن ينكر الابادة الجماعية للارمن بحيث أن هؤلاء يتعرضون الى عقوبة السجن لسنة واحدة، أعلن حينها رجب طيب أردوغان الذين كان حينها رئيسا للوزراء، أعلن بعد ساعات قليلة حزمة من العقوبات على فرنسا، ولكن الايام تمر ثقيلة على أردوغان ولا توجد لديه اية امكانية لاصدار مثل تلك القوانين ضد ألمانيا، وكل ما قام به حتى الآن هو استدعاء سفيره من برلين للتشاور محذرا بأن العلاقات الالمانية التركية تنتظرها ( عواقب جدية )، وخطة ابراهيم كالين المتحدث الرسمي باسم أردوغان بشأن الاجراءات التي تقوم بها تركيا لا تزال بانتظار التنفيذ وهذه الخطة ولدت وهي ميتة، والبدء بتنفيذها يتطلب من أردوغان اشعال الضوء الاخضر الذي سوف لن يشع أشعتها على أحد، وعلى ما يبدو اطالة مدة البدء بتنفيذها يتعلق بأردوغان الذي لا يملك الامكانيات الكثيرة لمعاقبة ألمانيا.
في حالة فرنسا فقط تم تجميد العلاقات اعلاميا وعلى أرض الواقع استمرت العلاقات الاقتصادية والعسكرية كالسابق مع انه لم يُسمح بطيران الطائرات الحربية في الاجواء التركية ومرور السفن الحربية في الموانئ التركية. هل ستقوم تركيا بنفس ردة الفعل ضد ألمانيا أنا استبعد ذلك، ولكن بالتأكيد سيكون هناك رد فعل من جانب تركيا وأول رد فعله هو وضع الذنب واللوم على 11 برلماني ألماني ينحدرون باصولهم من تركيا واتهامهم من قبل أردوغان بأن ( دمهم فاسد ) وانهم أذرع ل ال ڀ ك ك وكلامه الاخير يثير الضحك والسخرية فمن المعروف بأن الحزب المذكور هو على لائحة الارهاب من طرف ألمانيا والبرلمان لا يسمح بوجود أذرعة لذلك الحزب بينهم.
وتركيا سوف لن تخاطر بقطع العلاقات مع ألمانيا لأن بركين شريك تجاري مهم لأنقرة فمثلا بلغ الحجم التجاري بينهما في عام 2015 م مبلغ 37 مليار يورو وألمانيا تقع في المرتبة الثانية من حيث حجم الاستثمارات فيها، وهناك حوالي 6000 شركات كبيرة ألمانية كبيرة تستثمر هناك ومن بين تلك الشركات الشركات الرأسمالية الكبيرة مثل:
الخ Siemens, Bosch, Daimler, BASF, Metro, MAN
بالاضافة الى الآلاف من الشركات المتوسطة الحجم، ويعتمد الشعب (التركي) اقتصاديا بشكل كبير على تلك الشركات.
سلاح أردوغان الوحيد الذي يهدد به ألمانيا وخاصة المستشارة ميركل هو اتفاقيته الابتزازية بشأن اللاجئين التي أبرمتها تركيا مع الاتحاد الاوربي في آذار الماضي، فهل سيلجأ أردوغان الى ذلك السلاح واحتمال ذلك ضعيف جدا لان ذلك التصرف سيكون موجها الى ميركل فقط وسيخاطر أردوغان بعلاقاته مع بركسل والدول الاوربية وسيقضي على أمل حصول الاتراك على الفيزا الحرة للدخول الى أراضي الدول الاوربية من دون تأشيرة.
ولتجنب ذلك واعني انهاء قضية الفيزا أعلن بن علي يلدرم رئيس وزراء تركيا قبل يوم واحد من اصدار قرار البرلمان الالماني، أعلن بأن القرار الذي سيتخذه البرلمان الالماني سوف لا يتعلق بمعاهدة اللاجئين المبرمة بين تركيا والاتحاد الاوربي.
وحاليا التعاون العسكري المشترك بالناتو بين برلين وأنقرة لا زال مستمرا كالسابق وهذا دليل آخر بأن السلطان سيتناسى تهديداته الجوفاء ضد ألمانيا كما تناسى خطوطه الحمر التي رسمها لنفسه فيما يتعلق بالحرب الدائرة الآن في روژآﭪا وسوريا.
بالنهاية أردوغان يداه مغلولة برباط قوي ولا يستطيع معاقبة ألمانيا وكل ما يقوم به هو تهديده المستمر ضد النواب المذكورين والخطر الاكبر هنا يقع على زعيم الخضر جيم أوزدمير والنواب الآخرين بالطبع واعتقد بأن ذلك التهديد سيبرد شيئا فشيئا وسيتناساه سلطان القرن الحادي والعشرون.[1]