الضربة القاضية آتية “أردوغان”
نجاح فيدرالية روج أفا انتصار للشرق الأوسط الديمقراطي
غسان أدهم
هناك الكثيرٌ من علامات الإستفهام تشوب الإنقلاب الذي حصل في تركيا! هذا الإنقلاب الذي بدء وانتهى بعد ساعاتٍ من إعلانه وخاصةً بعد سيطرة الإنقلابين على هيئة الأركان ومبنى الإذاعة والتلفزيون, والسيطرة على مطار أتاتورك أكبر المطارات التركية، ولكن ما لبث إن تلاشى الإنقلاب وعودة السيطرة من قبل حكومة العدالة والتنمية بقيادة أردوغان على أنحاء تركيا بغضون ساعات, وكأنه سحر ساحر وبدأت عمليات التصفية والاعتقالات, ولكن هل صحيح كما ذكرت بعض وسائل الإعلام وخاصة الغارديان البريطانية بأن الأميركان هم من قاموا بإنقاذ أردوغان؟ وكيف حصل كل هذا في غضون ساعاتٍ قليلةٍ. الغارديان ذكرت بأن القوات الأميركية الموجودة في قاعدة إنجرليك هي التي سيطرت على الأرض والجو في تركيا, بل وقامت بتدمير العشرات من طائرات الهيلوكوبتر, وقتل المئات من الجنود والضباط الأتراك الإنقلابين, وذكرت الغارديان بأن الدولة الوحيدة التي لبت نداء أردوغان من أجل الحصول على اللجوء هي عدوها السابق روسيا, التي كانت تتوعد أردوغان لفترة أكثر من سبعة شهور من القطيعة التي ظن البعض أنها ستدوم لسنوات كما هي حال القطيعة التركية الاسرائيلية, ولكن المصالح كانت سيدة عودة العلاقات إلى طبيعتها, ومنها الملف السوري والملف العراقي والأهم الملف الكردي الذي يتفق عليه الجميع ويتوحدون ضده المتخاصمون حتى لو كانت هناك حربٌ بين تلك الدول. وقد رأينا التقارب التركي الإيراني, والتقارب التركي السوري, والتقارب التركي الإسرائيلي. إذاً العملية شبه لغز محير, لقد تم اعتقال مئات الضباط والجنود وعزل مئات القضاة وعزل الآلاف من رجال الأمن, بل حتى وصل الأمر إلى مكتب رئيس الحكومة, وعزل المئات من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، والمخابرات أخدت نصيبها من الاعتقالات والعزل, كل هذا لم يكتف به أردوغان, بل وصلت الأمور إلى التعليم والأوقاف حيث قام بتوقيف مئات من أساتذة الجامعات وعمداء الكليات, بل وصل به الأمر إلى عزل أغلبية مؤسسات الدولة الحكومية وغير الحكومية, وسحب الرخص من الصحفيين وتوقيفهم عن العمل بسبب تغطيتهم لأحداث الانقلاب.
هل سيكتفي أردوغان بذلك؟ أم أن هناك مفاجئات أخرى وخاصة هم يقولون بأن الإنقلاب لم ينته, وأن هناك جيوباً باقية وخاصة في اسطنبول, أم أنها كذبة من أجل المزيد من الاعتقالات والعزل والتصفيات على هوى حزب العدالة والتنمية, وإنشاء دولة تركية جديدة بنكهة أردوغانية.
اعتقد بأن السياسة التركية الأردوغانية ستفشل بل ستكلف تركيا الانهيار والتفتت وخاصة بعد المشاهد المؤلمة لمنظر الجنود الأتراك من قتل وتعذيب وقطع للرؤوس أمام مرآى جميع العالم بحجة أنهم خونة الأتراك الذين هم جنود الجيش التركي ثاني أقوى جيش في حلف الناتو, وخامس جيش في العالم, هل سيحافظ هذا الجيش على هذه الألقاب أم أصبحت من الماضي بعد ما فعله أنصار أردوغان ونزولهم إلى الشوارع بطلبٍ من أردوغان ذاته والخلية السوداء التابعة له. هؤلاء الذين يقومون بقطع الرؤوس لم يخذلوه بل لبوا نداءه وهاجموا الجيش التركي, وقطعوا الرؤوس ومثلوا بالجنود الأتراك, نعم قد لبى السوداويون نداء معلمهم الذي كان وما يزال يقدم لهم الدعم سواء في سوريا أو العراق أو في قلب أوروبا عن طريق التفجيرات والقتل الجماعي للأوروبيين الذين أصبحوا يحسبون ألف حساب للجماعات الإرهابية التي وصلت إلى عقر دارهم, إذاً حركةٌ جديدةٌ في تركيا حدثت تحت اسم الإنقلاب الذي يثير قيامه تساؤلاتٌ عديدةٌ من صانعيه ومدبريه, وكيف تم إلغاءه في لحظاته الأخيرة, هل كان هذا بمثابة فخٌ لأردوغان؟ أم أنها مسرحيةٌ كما يقول البعض؟ أعتقد بأن أردوغان قد جنى على نفسه والمعركة لم تنته بل لقد بدأت، وكل هذا الذي حصل لم يكن إلا جزءاً قليلاً من السيناريو المعد لمحاسبة تركيا التي عرقلت سياسات دول عظمي مثل روسيا والولايات المتحدة الأميركية ودعمت الأرهاب, وأيضا دمرت سوريا عن طريق حلفائها من التنظيمات الإرهابية, لقد بدء للتو ضرب العدو الأكبر لشعوب الشرق الأوسط وهو الحكومة التركية الأردوغانية, وبدء مسلسل تركي جديد ربما عدد حلقاته سيفوق الألف حلقة من الدمار والخراب على يد أنصار أردوغان وأنصار الجيش التركي الذي انذل إذلالاً لم يسبق له في التاريخ مثيل، تحت أقدام أنصار أردوغان الداعشيين, ربما كثير من القوى أو الاحزاب في تركيا تعارض هذا الأنقلاب ولكن أعتقد هي تعارض الطريقة التي يتخدها أردوغان في معالجة هذا الأنقلاب لا أظن بأن المسألة ستنتهي عند هذا الحد, الجيش التركي لم ولن يسكت على هذا الضيم، بل ستكون هناك كوارث في تركيا سيدفع ثمنها كل من ناصر أردوغان وحتى إذا ضرب الجيش التركي الضربة القاضية لأردوغان فسوف لن يكون هذا الجيش بحال أفضل، لأن هذه سياسة يجب أن يكون فيها الفريقان بنفس الضعف, وأن لا يكون هناك قوي بينهما, هذه معادلة حصلت وماتزال تحصل في سورية، واليمن، وليبيا، والعراق، بين كل الأطراف المتنازعة على السلطة, البعض يظن بأن عودة العلاقات بين تركيا والدول المتخاصمة معها سترجع تركيا إلى وضعها الطبيعي, ولكن ما نراه هو بأن العد التنازلي لتدمير سياسة أردوغان وحزبه قد بدأ, وستحل ملفات عديدة في تركيا ومنها الملف الرئيسي والقضية الجوهرية وهي الملف الكردي, وستكون هناك دول كما قال بعض المستشارين الأميركيين بأنها ستختفي مثل سورية، والعراق، وليبيا, ولكن أزيد على المستشارين الأميركيين بأن تركيا ستنضم إلى هذه الدول التي ستختفي, وسيكون هناك سيناريو جديد للمنطقة بدون أردوغان وحزبه وجيشه الذي أصبح من الماضي, ونفس الخراب الذي حصل في سورية والعراق وليبيا واليمن سيحصل في تركيا, ولكن بشكل أكثر دماراً وتفتيتاً، لأن أردوغان وحزبه سيدفعون الثمن غالياً. وبعد الانتهاء من تركيا هناك دولة أخرى على القائمة ستشهد قريباً وليس ببعيد نفس المصير المحتوم وهي أيضا تلعب نفس دور تركيا من دعمٍ للجماعات الإرهابية, وعدم حلها للقضية الكردية، بالمحصلة انتهى دور تركيا في الشرق الأوسط وسيكون هناك عصرٌ جديدٌ ربما ديمقراطية بالدم على طريقة أردوغانية.[1]