أردوغان وحلمه بالتحول الى حاكم مطلق
طفولة بائسة على طرق الهروب من الحروب
شحّذ أردوغان اسنانه وأظافره ليتحول بالرعب والارهاب الى حاكم مطلق وسلطانا للقرن الواحد والعشرين وذلك باعلانه لحالة الطوارئ عقب الانقلاب الفاشل المزعوم الذي حدث بتاريخ #15-07-2016# م، اقولها انقلابا مزعوما فقد كنت يوم الانقلاب ومنذ منتصف الظهيرة متواجدا في مطار استنبول وشهدت بعيني تواجد الدبابات والمظاهر المسلحة والعسكر والشرطة حوالي مطار أتاتورك قبل أن يحدث الانقلاب بأكثر من ست ساعات وكأن أردوغان كان على علم بذلك، انه فعلا انقلاب مزعوم وقد يكون مفبركا بدقة ليحقق أردوغان من ورائها التحول الى حاكم ودكتاتورا مطلقا يكون له الكلمة الاولى والاخيرة في كل شاردة وواردة ويستولي على ما تبقى من صلاحيات البرلمان ورئيس الوزراء والوزراء.
انها الساعة الثانية والنصف من صباح يوم الخميس الماضي وهو الموعد الذي دخلت فيها تركيا حالة الطوارئ، حيث أن انصار أردوغان كانوا يحتفلون هناك في ساحة التقسيم باستنبول وسط سماء محمرة بكاملها بأعلام تركيا، وقد يعتقد المرء عندما ينظر هناك بأن فريق كرة القدم التركي قد انتصر في احدى مبارياته الهامة ضد بطل العالم في كرة القدم.
هناك حيث ان المائات من الاقنية التركية والاقنية العربية ومن ضمنها قناة الجزيرة القطرية كانت تبث بشكل مباشر وتشير بشكل مكثف الى انتصار أردوغان على الانقلاب، هناك بامكان المرء مشاهدة عربات الباعة المتنقلة تنتقل من مكان الى آخر لبيع الذرى والكفتة ومختلف الاكلات التركية وسط احتفال أنصار أردوغان على الانقلاب المزعوم الذي لم يُعرف تفاصيله الحقيقية لحد لآن، الجمهور هناك غاضبون على الداعية فتح الله غولان دون أن يعرف أحدهم ان كان هو المسؤول عن الانقلاب، انه الفكر الرعاعي الجمعي الذي يستخدمه أردوغان حين اللزوم.
فتح الله غولان الذي يعيش في أمريكا متهم الآن من قبل أردوغان بتدبير الانقلاب ومطلوب من أمريكا لتسليمه الى تركيا ولكن لا دلائل دامغة على تورطه بالانقلاب حتى الآن.
أردوغان بيّن بأن سبب اعلان حالة الطوارئ لتسعين يوم هو لتطهير الدولة من انصار غولان علما بأن تطهير أردوغان نفسه من الارهاب الذي مارسه بشكل خاص ضد الكورد يتطلب استعمال كامل المياه في نهري دجلة والفرات، ولكن الحقيقة والواقع هو أن حالة الطوارئ يقوّي حكم أردوغان ويحوله الى سلطان وحاكم مطلق ليقبض بمخالبه وأدواته البعيدة عن الديموقراطية التي كان يتشدق بها، ليقبض بها على كل مفاصل وأعصاب وجسم وعقل السلطة، انه شخص نهم للسلطة الى آخر الحدود، وهو يهيأ الآن الطريق مستغلا الانقلاب لكي يتمكن مستقبلا الحكم بشكل مباشر دون الرجوع الى أحد، فحالة الطوارئ التي أعلنها صدّق البرلمان عليها في نفس اليوم وبزمن قياسي ودون شد أو جذب في البرلمان أو تأخير يُذكر.
في نفس اليوم أعلنت الحكومة بأنها سوف لن تلتزم بقوانين حقوق الانسان الاوربية بشكل كامل وسوف تعمل بها بشكل جزئي علما بانها وقّعت منذ زمن بعيد على تلك القوانين، وبرر نائب رئيس الحكومة نعمان كورتولومش ذلك بقوله أن فرنسا لجأت الى تلك الخطوات بعد عمليات باريس الارهابية التي حدثت في نوفمبر الماضي حيث أُعنت هناك حالة الطوارئ ولكن الواقع ليس كما أدلى به هذا المسؤول التركي، واستدلاله بذلك هو نوع من التشويه والتضليل الاعلامي ففرنسا التزمت بشكل كامل بقوانين الحقوق الاوربية حينها، والآن باستطاعة أردوغان الهجوم على الحقوق الاساسية على كل شخص لا ينتمي الى حزبه وطرده من العمل والوظيفة ليحوّل تركيا الى دولة لحزبه فقط لكي يحكم الى الابد وبشكل مطلق.
منذ لحظة الانقلاب المزعوم وحتى الآن لا يتوانى أردوغان عن القائه الخطابات التحريضية الانتقامية ضد أنصار غولان الذي يتهمه بانشاء كيان موازي للكيان التركي، الى درجة بأنه سيوافق على اعادة العمل بقانون الاعدام، بل وانه تخطى كل الاعراف الدبلوماسية للرؤوساء حينما أعلن بأنه ينبغي أعدام الخونة وعدم اطعامهم لسنوات طويلة، وأعتقد بأنه حينما سيتم الاعادة بهذا القانون سيكون له مفعول رجعي، ليستطيع أردوغان اعدام زعيم ال ڀ ك ك قبل هؤلاء الانقلابيين من أنصار غولان.
يخاطب أردوغان جمهوره وكأن ذلك الجمهور لا يفقه من السياسة شيء وهو يكرر لمرات عديدة في اليوم أقواله ( لا تهتموا )، ( سوف لن يكون هناك التراجع عن الحقوق في حالة الطوارئ … سوف لن نتراجع عن الديموقراطية خطوة واحدة … ألخ ) وهو يناقض نفسه بنفسه ويناقض أقوال المسؤولين الآخرين.
في الحقيقة أن أردوغان يريد أن يبين للعالم وبشكل خاص لانصاره بحفلاته السياسية هذه، يريد أن يُظهر عضلاته السياسية والعسكرية وبطولات أنصاره بعد أن أُهين في الانقلاب المزعوم وهو يشعر الآن في قرارة نفسه بأنه جُرح وذُل وهو صاحب الكلمة الاولى والاخيرة في تركيا.
والحقيقة الاخرى قبل الانقلاب هو أن أردوغان كان قد قام بكل ما يحلو له قبل حالة الطوارئ بعدة أشهر، قام بطرد كل شخص من الوظائف الرسمية عندما كان يُشم منه رائحة غولان، وقبل حالة الطوارئ قام بطرد عشرات الآلاف من أنصار حركة غولان وبدون اية اجراءات قانونية تذكر، فعلى الرغم مثلا بأن المظاهرات كانت مسموحة قبل حالة الطورائ من قبل منتقدي الحكومة الا أن الحكومة قامت بقمعها بخراطيم المياه وبالغازات المسيلة للدموع وغيرها من الاساليب، كما قامت أيضا بقمع تجمعات ومظاهرات مثليي الجنس بنفس الوسائل.
وأما ما حدث في شمال كوردستان فحدّث ولا حرج فقد قام بتدمير اجزاء واحياء كبيرة من عدة مدن كوردية بل وانه دمر سور آمد التاريخي وفعل ذلك امام نظر العالم وبدون أن يلجأ الى اعلان حالة الطوارئ، بالنهاية أردوغان يلجأ الى خطوات رهيبة ليحكم بشكل مطلق ويلعب بالنارالسياسية وسيلتهمه نار السياسة ان بقي يصر على انكار حقوق الآخرين وعلى رأسهم حقوق الكورد الذين يعيشون على أرضهم التاريخية قبل وجود أجداد أردوغان في تركيا بآلاف السنين.
سيف دين عرفات[1]