حسين جاويش مثال المثقّف الثوريّ
h-cما كانت الطليعيّة التثقيفيّة الثوريّة بكلمة سهلة على أحد ما من مدّعي الثقافة والتنوير في عصرٍ يودّ كلّ من هبّ ودبّ من الباحثين عن الطبقيّة العاجيّة عن شهرة المثقّف، حيث ضجّت صفحات النت والتواصل الاجتماعيّ بأقلام أولئك المدّعين من حملة أقلام الابتعاد عن الواقع وعن المجتمع، من لغة فوقيّة استعلائيّة لا تنسجم مع الثورة المجتمعيّة التي تطوّرت بفضل المثقفين الثوريين الحقيقيّين، حيث كان الشهيد هركول (حسين جاويش) رائدهم، وعنوان المثقّف الثوريّ.
كان الشهيد المفكّر الأديب هركول مثالاً حيّاً للمثقّف الثوريّ الذي استطلع أن يربط القول بالفعل، استطاع أن يحمل لواء العريسيّ الذي أعدمه جمال باشا السفّاح، وكان مثالاً حيّاً للكواكبيّ الذي نفاه العثمانيّون، وخليل مطران وكيفارا وغيرهم من المثقّفين الحقيقيّين، كان يشابه عبد الرحيم محمود الشاعر الفلسطينيّ الذي قال:
– سأحملُ روحي على راحتي وأُلقي بها في مهاوي الرّدى
– فإمّا حياةٌ تُسِرُّ الصّديقَ وإمَّا مماتٌ يُغيظُ العِدا
كان يمتلك من المعرفة والتجربة والخبرة والثقافة ليكون طليعيّاً في الحقل الثقافي الثوريّ، وقد أدرك دوره في التاريخ، وظلّ يقدّم ويعطي دون منة على شعبه، فلم يستطع أن يصمت عن الكردياتيّ المزيّف ففضحه في السجل الأسود، وغيرها من الكتب الفكريّة الأخرى، وقد كان مصرّاً على فكرة أنّ حقوق الشعب الكردي والديمقراطية مرتبطة فيما بينها بشكل ديالكتيكي جدليّ، وأكّد على أنّه لا يجب أن ننتظر من الآخرين أن يعترفوا بنا.
لقد درّب عناصر في وحدات حماية الشعب من المكوّنات غير الكرديّة، وكان قياديّاً في تلك الوحدات، على الرغم من أنّه كان كاتباً فكريّاً وأديباً، وكان في السجن عندما كان أولئك المعارضون الائتلافيون بعثيين في الحكم، فلم يستطع أن يكون مثقّفاً سلطويّاً تابعاً لأوامر تأتيه، لم يستطع أن يكون إمّعةً أو مثقّفاً مخرّباً كما حال هذه الثورة التي فضحت الكثيرين الذين كانوا يرتدون قناع الثقافة، لقد استطاع أن يكون ضمير الشعب، وأن يكون أداة في خدمة المجتمع، لا أداةً في خدمة السلطويين الدولتيين الذين يسعون إلى إرضاء الدول الأطراف والمركز لتمرير مشاريعهم الدولتيّة التي تخدم فئة من المجتمع على حساب عامّة الشعب.
لم يحفظ التاريخ أولئك المثقّفين الذين أدّوا دوراً سلبيّاً في المجتمع، بل لعنهم التاريخ، وظلّت تلك الأسماء التي ساعدت في تنوير المجتمع مكتوبة بأحرف من نور، مع أنّ معظمهم قد استشهد أو مات من الجوع والعطش، أو أحرقت كتبه كابن رشد والحيّاني، أو مات بين الكتب كالجاحظ، ولم يستطع أولئك المزوّرون أن يزوّروا تاريخ المثقفين الثوريين مهما حاولوا من تلطيخ سمعة عمر الخيام ونسبه إلى الدولة ومؤيّديها.
لقد استشهد (حسين جاويش الأديب، هركول المقاتل) في الذكرى الرابعة في ثورة التاسع عشر من تموز؛ ثورة روج آفا؛ ثورة الشعب ضد الدولة[1]