الحالة الكردية السورية صراع الإعلام والأعلام
مصطفى عبدو
أصبحَ العالمُ أجمع مقتنعاً بأن حكومة العدالة والتنمية لا تقيم وزناً أو اعتباراً لأحد, وهي ماضيةٌ في تنفيذ مخططاتها العدائية لشعبها ولشعوب المنطقة, بل وأحياناً تذهب بعيداً في التنكر لأصدقائها وتقوم بتحديهم أحياناً, معتمدةً في ذلك على الإرهابيين مرةً وعلى اللاجئين مرةً أخرى, وكأنها تريد أن تفرض إرادتها وآرائها على المجتمع الدولي أجمع.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذا التمادي لا يقابل بموقفٍ دوليٍ حاسمٍ أو حتى بإجراءاتٍ فعالة, والأمثلةُ كثيرةٌ وواضحة فالولايات المتحدة الأمريكية تعرضت أكثر من مرة لتحديات تركية في ظل حكومة العدالة والتنمية (إغلاق مطار أنجرليك مثالاً) فماذا كان الرد الأمريكي على ذلك؟
طبعاً لم يتعد مجرد اللوم والعتاب وبعض التصريحات التي لا تقدم ولا تؤخر, وبالطبع هذا ما شجعَ النظام التركي للمضي في تعنتها وفي تحديها لمشاعر العالم, والإقدام على تحديات جديدة للمجتمع الدولي, وكان آخرها الأسلوب الذي قابل به اردوغان الحركة الانقلابية التي حدثت مؤخراً. فلم يضيع الوقت قام بقتل المئات واعتقل الآلاف من الضباط والعسكريين والقضاة واساتذة الجامعات وحتى المدنيين لم ينجوا من وحشيته.
إضافةً إلى اعتقال الخصوم السياسيين بل وحتى اولئك الذين ترتاب السلطات في أن آرائهم مغايرةٌ لآراء النظام بغية التخلص من أية معارضة جديدة. ومن جهةٍ أخرى توجه إلى إمرالي حيث يقبع قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان فشدد من العزلة عليه. ولا يستبعد على أردوغان أن يضيق هذه العزلة إلى تهم الانقلابيين وربما يذهب إلى اتهامهم بمحاولة تصفيته أيضاً. وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها اردوغان إلى مثل هذه الأعمال, كما أنها ليست المرة الأولى التي أصبحت مكانته محفوفةٌ بالمخاطر. ولكن الوضع هذه المرة يختلف وينطوي على خطرٍ يفوق توقعاته وهو خطرٌ يحدق ببنية النظام التركي وتركيبتها.
نعم لقد تجاوزت حكومة العدالة والتنمية كل الحدود وهي تعمل على تشجيع الإرهاب وتهيئة الظروف المناسبة لتوسيع نشاطاتهم في جميع أنحاء العالم, وتساعد على ولوجهم إلى سوريا البلد المجاور صديق الأمس.
وفي ظل مثل هذا التشجيع والدعم للإرهابيين ارتفعت أصواتٌ من الداخل التركي تحذر من مغبة هذا العمل, وتحذر من حرب أهلية في تركيا بين ما يسمى بالعلمانيين والقومويين من جهة, وبين المتدينين واخوان المسلمين من جهةٍ أخرى.
لقد أصبح من الواضح أن العدالة والتنمية تعيش أزمات سياسية متلاحقة داخلياً ووصلت إلى مرحلة (صفر أصدقاء) خارجياً.
وإن هذه الأزمات لم تنتهي بل هناك مسألة ملحة تطل برأسها وهي المسألة الكردية والتي فرضت نفسها بقوة, وتطالب بحلٍ لها بطرق ديمقراطية مبنية على التعايش المشترك ووحدة المصير.
لكن للأسف رغم كل ما يبذل من جهود لم يزل البعض ينتابه الأهواء والخلافات والتدخلات والمصالح الضيقة, ولم نزل نتفاجأ بالبعض هنا وهناك يحاول الإساءة إلى المشروع الديمقراطي الذي نسعى إليه للوصول بالمنطقة إلى بر الأمان ويتشارك ويتعايش فيها جميع المكونات.[1]