السخطُ من السياسة الأمريكية… أين سَتُوصِلُ بتركيا؟
رياض يوسف
بغض النظر ما إذا كان اردوغان هو المدبر والمخطط لهذه المسرحية التي حدثت في تركيا والتي سميت محاولة انقلابٍ عسكريٍ في تركيا, والتي جرت في الخامس عشر من شهر يوليو/ تموز 2016, إلا أنها حدثت تغييراً لا يستهان به في تركيا وبرأيي التغييرات الكبرى قادمة وإن طالت قليلاً, وإنما ستظل مترابطة وتأتي كاستمرارية لنتائج هذا الانقلاب.
وهذه التطورات ستأتي كردة فعلٍ على كل عمليات التوقيف والملاحقات الأمنية وطرد المدنيين من الوظائف مثل الحكام والقضاة وعمداء الجامعات, بل تعدى هذا بكثير حيث طالت الاعتقالات التعسفية المؤسسات المدنية والتربوية ووسائل الإعلام في تركيا كافةً بشكلٍ لا سابق له في تاريخها.
سواءً كان هذا الانقلاب مدبراً أم لا؟! فإن اردوغان على رأس حكومة العدالة والتنمية قد تمكن من القضاء على الرؤوس الكبيرة المعارضة له في تركيا, من خال اعتقالهم وزجهم في السجون بانتظار ما قدر لهم اردوغان.
تمكن اردوغان من تصغير حجم هذه المعارضة العسكرية من جهة, والعلمانية المدنية من جهة أخرى لصالح الدولة الإسلامية على غرار الدولة العثمانية, التي تحاول منذ استلام اردوغان دفة الحكم أن تعيد أمجاد السلطة العثمانية التي لم تكن تقبل أيَّ رأيٍ أو معارضٍ لها ولسياستها القومية والإسلامية المتشددة.
بات واضحاً إن اردوغان استغل هذه الانقلاب بشكلٍ جيد من ناحية القضاء على المعارضين له ولحزبه في الدولة, حيث سيتمكن من الفاق تهمة الخيانة على كل معارضيه وبالتالي إعدامهم ” هذا إن سُمِحَتْ له ولبرلمانه الموافقة على هذا الحكم”
وسيتم زجهم في أقبية السجون, وليتمكن من تبرئة نفسه من هذه الحرب الجائرة التي يقوم بها هو وحزبه في المناطق الكردية منذ ما يقارب السنة, وتوجيه أصابع الاتهام إلى قادة الجيش الذين تم اعتقالهم في تركيا بتهمة الانقلاب.
ولكن كل هذه التحركات الاردوغانية والمخابراتية في تركيا لا يعطي الضمانة لاردوغان وحزبه بالاستمرار في هكذا سياسة, وليس بعيداً أن يبقى الصراع في تركيا فقط صراعاً مدنياً سلمياً لأن هناك توقعاتٌ كبيرةٌ من خبراء استراتيجيين تقول وتتوقع بأن تركيا ليست خالية أو بعيدة من تطورات واضطرابات و ردّاةُ فعلٍ مسلحة لاحقة تصل بها الحالة كما هو الوضع في سوريا والعراق.
ونتيجة تصرفات حكومة اردوغان تجاه عناصر الجيش, واعتقالاتهم التعسفية للقريب والبعيد عن هذا الانقلاب, بالنتيجة ستذهب تركيا إلى حربٍ شعبيةٍ داخلية, وستؤدي إلى نتائج وخيمة أكثر عنفاً وقساوةً من الوضع القائم في العراق وسوريا.
حيث ستلجأ تشكيلات ومنظمات معارضة إلى العنف ضده من خلال القيام بعمليات داخل المدن التركية الكبيرة, وبالتالي ستحل الفوضى وعدم الاستقرار كل أرجاء تركيا.
لذا يجب على اردوغان أن يعود إلى المعارضة, وأن يتعامل معها بشكلٍ أوسع ويفتح الباب من جديد أمام محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني, وأن يعيد تفعيل البرلمان بإعادة مشاركة نواب حزب الشعوب الديمقراطية لأجل إيجادِ حلٍ سياسيٍ سلميٍ للقضية الكردية في تركيا، وإقامة علاقات أخوية طبيعية مع الكرد في سوريا وسحب جميع عصاباته ومتطرفيه من سوريا والمتمثلين بداعش وغيرها, والتوقف عن دعم الإرهابيين عسكرياً, وعدم السماح لهم بالدخول إلى سوريا بشكل عام, وإلى مناطق سيطرة الكرد على وجه الخصوص, وذلك من أجل علاقات حسن الجوار والتعايش السلمي المشترك لكافة الأطياف في المنطقة. عندها فقط نستطيع القول بأن الباخرة التركية بقيادة اردوغان ستقود البلاد إلى بر الأمان, وإلا وبحسب التوقعات والتطورات ستكون الحرب الأهلية هي الخيار الأقرب إلى الواقع.[1]