الحالة الكردية السورية صراع الإعلام والأعلام
مصطفى عبدو
إن المحاور الناجح هو الذي يفهم مصالح الأطراف الذي يتعامل معها ويحسن تقديرها ثم يعبّر عنها بشكل واضح وموضوعي.فذلك يمنحه قدرة كبيرة على إقناع الآخرين والتفاهم معهم الأمر الذي يقود طرفي الحوار أو النزاع في الغالب إلى التعاون معه وتفهم دوره دون الابتعاد عنه أو النفور منه.
قد يتصور بعض المحاورين أن الحل الناجح في حل الخلافات هو إخضاع الآخرين لسيطرتهم أو هيمنتهم الفوقية وهذا تصور ينقصه الكثير من الدراسة، لأنه من طبيعة كل إنسان أن يعبر عن وجهة نظره حتى ولو بالإصرار والمعاندة وإذا واجه محاولة من أحد لفرض السيطرة عليه وإخضاعه لإرادته سيشعر بمشاعر سلبية قد تدعوه إلى المقاومة والسعي لإفشال مهمته…قبل أيام عدة وفي جلسة متواضعة مع بعض الأصدقاء لاحظت الإصرار والتعنت لدى أحدهم وهو يدعو إلى ضرورة سد جميع أبواب الحوار مع كل من يخالفه الرأي مع ضرورة تهميشه ونكران حقوقه.وهذا ما دعاني للكتابة عن هذا الموضوع نظرا لأهميته القصوى وخاصة في الظروف التي نعيشها اليوم (الحالة الكردية).
وحسب وجهة نظري إذا أردنا أن نحل خلافاتنا مع الآخرين علينا أن نتفهم أن التسلط في الرأي لا يقابله الآخرون بالاستجابة المرنة.. بل سينتهي في آخر المطاف إلى تأجيج النزاع لا إلى حلّه.. لأن محاولات فرض السيطرة على الآخرين التي يبذلها المفاوض ستقابل في الاتجاه المعاكس بمحاولات أخرى من قبل الأطراف للسيطرة والتحكم بالنزاع أو ردّ الخطط المقترحة… ومن هنا فإن من الحكمة أن ننظر إلى جميع الأطراف بصورة عادلة قبل أن نحكم عليهم.. بل ينبغي أن نبذل ما بوسعنا من أجل أن نتفهم دوافعهم لمثل هذا السلوك فليس كل محاولة تقريب فاشلة سببها الآخرون فربما نكون نحن السبب في فشلها لعدم سلوكنا طرق مناسبة فإذا أبدينا بعض المرونة في التفاوض وقدّمنا جانبا من التفاهم وراعينا ظروف الآخرين ومصالحهم لكنا قد اختصرنا المسافة باتجاه الحل مع أجواء سليمة وأعصاب هادئة.
إن أكثر الأزمات تكون في بدايتها صغيرة ثم تكبر وتكبر حتى تتحول من خلاف بسيط في الرأي إلى خلاف كبير يصعب التحكم به.
والسؤال هو: ماذا ينبغي أن نعمل حتى نتجنب حالة الغليان هذه ونمنع من تصاعد الغضب والشعور بالاستياء؟.
إن التواصل والحفاظ على الأجواء الإيجابية بالتزام قواعد الحوار المثمر وعدم ممارسة القهر وفرض سيطرة الرأي من أهم عوامل احتواء الأزمة، هنا لابد من الإشارة إلى إن أغلب أزماتنا تشترك في الجوهر وإن اختلفت في المظاهر والأسباب.
وعليه فإن من الضروري لكل من يريد تصفية مشاكله وأزماته أن يخلق الأجواء المساعدة التي تساهم في فرض التفاهم بدل العراك والصلح بدل الحرب ولعل أول ما ينبغي أن نبدأ به هي محاولة التعالي على الأزمة والترفع عن صغائرها والتحليق فوق الهوامش التي هي في الغالب اندفاعات واستفزازات أكثر من كونها أساسيات.. إن أكثر الأزمات يسببها بعض الأفراد غير المسؤولين أو أولئك الذي لا يملكون نفوساً كبيرة غير قادرة على تحمل الاختلاف والرأي الآخر الأمر الذي من شأنه أن ينعكس سلباً ويورطهم بما لا يليق بشأنهم لذا ينبغي علينا أن نحذر كل الحذر من الوقوع في هذه الشراك التي تسيء إلينا وربما إلى مبادئنا أيضاً .
لذلك ينبغي أن نضع حدّاً لمواقفنا وندرس خطواتنا قبل أي نزاع أو حوار أو خلاف.. فكل خطوة من خطواتنا محسوبة علينا ويجب أن لا نستهين بها.
إذن فلنسع إلى أن لا ننجر إلى النزاع ولندرس إيجابياته وسلبياته قبل أن نتخذ القرار في الدخول فيه أو الابتعاد عنه..
يجب تجنب التسرّع والارتجال في سياستنا والابتعاد عن الاستفزاز.
فلو تتبعنا بعض الأحداث التاريخية والمعاصرة لوجدنا أن العديد من الصراعات المهمة التي تحولت إلى مشاكل كبرى تفجّرت بسبب استفزازات بسيطة.
إذن.. لنقضِ على الاستفزازات التي هي في الغالب هوامش وليست من مهمات الأمور ولكنها تؤجج من نار الحقد والضغينة .[1]