ال PYD من روح التجدد والأفكار الصائبة الى ملامسة ضمائر الشعوب
دلبرين فارس
تقوم فكرة العنصرية والتفاضل بين البشر على أسس ضعيفة وشبهات واهية، وقد حاول أصحابها أن يلتمسوا لها غطاء فلسفياً ودينياً وقومياً وإيديولوجياً وعلمياً، وهي منهجية من المنهجيات التي تقوم عليها السلطة والتسلط (الحاكم والمحكوم –السيد والعبد).
لم تكن نظرية التفوق العرقي نظرية فلسفية تسبح في سماء الخيال بعيداً عن الواقع, بل تجلت في مواقف العداء والاحتقار للشعوب والمكونات التي لم تتدول, وبقيت تعاني من السياسات الجائرة على يد أصحاب الدولة ، وقد استغلت استغلال بشعاً لفرض ثقافة أوأيديولوجية تمتهن الإنسان لعنصره وجنسه.
المحتوى العلمي والفلسفي الذي تستند إليه تلك النظرية، وتقديم دراسة علمية تُعنى بأصل الفكرة وجذورها، ثم تقديم لمحات عامة لقانون المساواة والعدالة الإنسانية على المستوى الدولي لم يحد من تنامي وتمدد ظواهر التفوق والتمييز بكل صوره العملية العنصرية، سواء بشكل ظاهري أو باطني، إنّ البعض ممن يدعون العلمية وخاصّةً من يتسلمون دفة القيادة السلطوية، يقومون بترويج الكراهيّة العنصريّة، وذلك من خلال الإستغلال والتجهيل والتفقيروتصنيف المجتمع وممارسة كل أشكال الترهيب والترغيب، ومن خلال التحيز لمذهب تفاوت البشر والتمايز العنصري بين البشر، القائم على آساس – العرق – اللون – الجنس – الأصل القومي – اللغة – أو الديانة في أحيان كثيرة، والأمر لم يقتصر على أصحاب هذه النظريات فقط بل طال حتى بعض النخب الفكرية المتثقفة التي نهلت من نفس مناهل السلطة وهم سليلوا أنظمة القمع والاستبداد.
ولعل من أبشعْ أعمال العُنصريّة التي مورست على مرّ التاريخ هي تجارة الرقيق التي مُورستْ ضد البشريّة منذ ظهور ما يسمى ب(المدنية المركزية) السلطة ومفهوم الدولة المركزية, حيثُ كان يتمّ الإتجاربالبشر كأي سلعة ويمارس بحقهم أبشع أشكال الإهانةً (استملاك الإنسان كأداة) وأصحاب هذه النظرية أوجدوا لها شرائع وقوانين إلهية ووضعية حتى أصبحت واقعاً في العقل الجمعي الإنساني ولو بصور وأشكال مختلفة ونمت بشكل جلي واستشرى في عصرالمدّ الرأسمالي الديني والعلمي ،ما حدث ويحدث في (الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأوروبا، والأمريكيتين)من تمييزعنصري واضطهاد للبشر والبشرية هو استمرارلسلوك وذهنية أصحاب النهج العنصري.
ومن الجدير بالذكر أنّ أحد أسباب الحرب العالميّة الأولى والثانيّة المروعتين، والحروب الأهلية المشتعلة في الشرق الأوسط وافريقيا، تدخل في منهجية العنصريّة والتنكر لمبادئ الديمقراطيّة، أيضا إذا ما تطرقنا إلى الحروب الأهليّة التي اندلعت، نراها كانت قائمة على الكراهيّة العُنصريّة القائمة على أساس الدين والعرق واللون والثقافة، فضلاً عن أعمال الاغتصاب والتعذيب المرافقة لتلك الحروب وغير ذلك من الأعمال التي تمثل انتهاكا جسيماً لكرامة الإنسان ويحط من شأنه كمخلوق عاقل.
جاء في نصوص ومبادئ الأمم المتحدة وهيئاتها ( لا تؤثر وحدة الأصل على أي وجه، في كون البشر يستطيعون ويحق لهم أنْ يتغايروا في أساليب العيش، كما لا تحول دون وجود فروق بينهم مصدرها تنوع الثقافات والظروف البيئيّة والتاريخيّة، ولا دون حقهم في الحفاظ علي هويتهم الثقافيّة)-( تتمتع شعوب العالم جميعا بقدرات متساوية على بلوغ أعلى مستويات النمو الفكري والتقني والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي)-( تعزى الفروق بين إنجازات مختلف الشعوب بكاملها، إلى عوامل جغرافية وتاريخيّة وسياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة وثقافيّة، ولا يجوز بأية حال أنْ تتخذ هذه الفروق ذريعة لأي تصنيفٍ متفاوت المراتب للأمم أو الشعوب)، كل نظريّة تنطوي على الزعم بأنّ هذه أو تلك من الجماعات العنصريّة أو الأثنية هي بطبيعتها أرفع أوأدنى شأناً من غيرها، موحية بأنّ ذلك يمنح جماعات معينة حقْ التسلط أوالقضاء على من تفترضهم أدنى منزلة، أو تؤسس أحكاما قيمية على أي تغايرعنصري، هي نظريّة لا أساس لها من العلم ومناقضة للمبادئ الأدبيّة والأخلاقيّة للإنسانيّة والتي هي مبادئ مؤسسة لهيئة الأمم والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان.
ووفقاً لما نصت عليه مبادئ ونصوص وصكوك تلك المنظمات المعنية فهي تشمل العنصريّة التي تمارسها الدولة أو أية مذاهب أو نظريات عنصريّة، وأية مواقف تحيزيه، وأية أنماط من السلوك التمييزي، وأية ترتيبات هيكليّة وممارسات مجسدة في قوالب مؤسسيّة، تسفر عن تفاوت عنصري، كما تشمل الدعاوى الزائفة بوجود مبررات دينية أو أخلاقية أوعلمية لقيام علاقات تمييزيّة بين الجماعات، وهي تنعكس في صورة أحكام تشريعيّة أو تنظيميّة أو قانونية أو دستورية وممارسات تمييزيّة، وكذلك في صورة معتقدات وتصرفات مناهضة للحياة المجتمعيّة، وتضل من يمارسونها، وتخلق توترات بين الشعوب وبالتالي هي تناقض المبادئ الأساسيّة للقانون الدولي، ومن ثم تعكر بصورة خطيرة صفو السلم والأمن الدوليين.
من حق كل إنسان وكل جماعة بشرية في التنمية، ممارسة حقوقه الطبيعية وكل تمييزأو إقصاء أو تقييد أو تفضيل مبني على العنصرأو اللون أو الأصل الإثني أوالقومي أو على تعصب ديني وفكري تحفزه اعتبارات عنصرية، ويقوض أو يتهدد المساواة المطلقة بين الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها، أو يحد بطريقة تحكمية أو تمييزية، ، يتعارض مع مقتضيات قيام نظام دولي يتسم بالعدل ويضمن احترام حقوق الإنسان، إذ أنّ الحق في التنميّة ينطوي على التساوي في حق الانتفاع بوسائل التقدم والازدهار الشخصي والجماعي في مناخ يسوده احترام قيم الحضارات والثقافات،
وفي النتيجة فإن العنصرية أو الإقصاء أو التطرف أو العنف أو التعصب كلها مسالك وطرق تؤدي وتخدم نفس الوظيفة وتنتمي إلى نفس المصدر والمنبع ألا وهي السلطة والحكم بمنهجية الشعور بالتفوق والتعالي ثم الصعود نحو التمجيد والتأليه.
أن ممارسة كل هذه الأشكال وهذه الصور سببه مرض نفسي نرجسي دوغمائي سلطوي، أضف إلى ذلك الشعور بالدونية، أوقد يكون محاولة لأثبات وجود وأثبات مكانٍ رغم كل شيء،ورغم كل عقبة أو عائق فالعنصرية سلوك أو ممارسة سياسة تقوم على الإقصاء والتهميش والتطرف والتمييز بين البشر، على أساس اللون أو الانتماء القومي أو العرقي سواء آكان على مستوى الدولة أو السياسة أو الفرد، وأيا كان هذا الشعور بالتفوق الذي يراه العنصري أو المتطرف فبرأيي ما هو إلا الشعور بالنقص والدونية تجاه الأخر مما يحدو به أن يتعامل مع الطرف الأخر على أساس التعالي والشعور بالتفوق والتميز والعداء بكل اشكاله.
فما يمارس اليوم على الساحات الدولية وخاصة في الشرق الأوسط المستعمرمن قتل ودمار وإباده بأبشع وأفظع صور العنصرية والهمجية والعنف والتطرف على الأطلاق ضد الإنسانية، لا تمت للإنسانية بأية صلة ،وهذا التناقض الصارخ ما بين مبادئ ونظريات الدول العظمى المجتمعة تحت مظلة الأمم المتحدة بشكلها النظري وما بين الممارسات العملية الشنيعة التي تقوم بها أنظمة الاستبداد التابعة والمشرعنة من قبل هذه المظلة الأممية، ليس سوى فصل من فصول الخداع السلطوي الجشع الذي ينهش في جسد الشعوب المقموعة والمستضعفة ووسمة عار في جبين الأمم المتحدة وهيئاتها.[1]