جرابلس : انها مؤامرة وليست مسرحية
محسن احمد
في مراجعة بسيطة وسريعة لتاريخ دول المنطقة وحكامها نجد ان نظرية المؤامرة او المؤامرات تملئ تاريخهم الغني بالنكبات والانكسارات سواء الشخصية او العامة ، فتارة كانت هذه المؤامرات بحق جيرانهم او شعوبهم وتارة بحق أصحابهم او عوائلهم وفي كثير من الأحيان كانوا يتعللون بالمؤامرات الخارجية عليهم وعلى دولهم ويقومون باستغلالها حجة لقلب الآية ومستفيدين منها للبقاء اكثر والسير في مشاريعهم المريبة والغير شرعية بشكل أطول .
عودة الى العنوان الذي بدات به وهو جرابلس انها مؤامرة وليست مسرحية يمكن اختصار الكثير من خلاله ويمكن ايضا تسميته بالمؤامرة التركية على الكورد وتطلعاتهم في سوريا المستقبل والبناء الحضاري والمشروع الديمقراطي في روج افا هذه الحملة المسعورة التي بدأها الأتراك بقيادة اردوغان على طول الازمة السورية واضحة وجلية وهي ليست بسر وليست بخافية على احد فهؤلاء اصبحوا يجاهرون بها يوميا ففي وقت سابق وحتى الامس كانوا يستخدمون حلفائهم ومرتزقتهم لأداء مهماتهم اما اليوم ومنذ تاريخه #24-08-2016# دخلت الحكومة التركية وجيشها مستنقع الازمة السورية من باب جرابلس .
هنا يجدر بنا السؤال لماذا الان ولم يكن التوقيت قبل اربع او خمس سنوات عند وعود اردوغان الاولى ؟ . ولماذا جرابلس المدينة الصغيرة ولم تكن احدى المدن الاخرى التي وضع حولها الخطوط الحمر مثل حمص وحماة وادلب وحلب ؟
المؤكد هنا إن اردوغان والحاشية التي أوكل اليها مهماته الخبيثة والقذرة اصبح خبيراً في صناعة المؤامرات وحياكة تفاصيلها . إن هذا المهووس بالسلطة استطاع التخلص من اقرب المقربين اليه والذين ساندوه وأوصلوه الى هذه المكانة لقد تحايل على نجم الدين أربكان وتخلص من عبدالله كول وابعد دواود اوغلو بطريقة خبيثة وتامر على كولن وجميع أنصاره وأصبح خبيرا في المؤامرات الانتخابية عن طريق الترهيب والترغيب وإعادتها حسب حاجته والهجمة والتوحش بحق الشعب الكوردي في شمال كردستان بادية لا تحتاج لتوضيح وشرح ، بكل تاكيد لا يمكن اختصار ألاعيبه ببضع جمل لكن الأهم ان هذا الشخص اصبح معروفا ومنبوذا في السياسة الخارجية العالمية نتيجة لمجموعة كبيرة من الاعمال والتصريحات الاستفزازية والبلطجية تجاه الاوربيين والروس والاسرائيلين وبنسبة اقل تجاه الامريكان رغم انه تدارك الكثير من موقفه تلك محاولاً إصلاح ما تم كسره من خلال اعادة العلاقات مع الاسرائيلين وزيارة موسكو مكسورا ومجبورا نتيجة للضغط والازمة الاقتصادية الكبيرة التي حدثت لتركيا من خلال قطع الروس لعلاقاتهم بعد إسقاط احدى طائراتهم العام المنصرم في سوريا .
اليوم بدا اردوغان فصلاً جديدا من فصول مخططاته ومؤامراته تجاه قوات ال YPG و حقوق وتطلعات كورد روج افا فقد كرر هذا الكلام شخصياً مراراً وأعاده كل من رئيس وزرائه ووزير خارجيته بأن الهدف من الحملة على جرابلس هي لوقف تحقيق المقاتلين الاكراد مكاسب إضافية ولمنع وصول المقاتلين في قوات سوريا الديمقراطية الى عفرين لبناء كيان كردي ، وقال اردوغان معللا هذا التوغل ان يستهدف تنظيم داعش ( الدولة الاسلامية ) وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD . هذا التوغل التركي الغير شرعي المباشر هذه المرة برفقة مجموعة من الكتائب الاسلامية الارهابية المتطرفة التي غيرت عباءة داعش وجبهة النصرة الى تسميات اخرى لإعطاءها نوع من الشرعية امام الرأي العام العالمي علماً ان هذه الكتائب ارتكبت أفظع المجازر بحق المدنين في حلب وريفها وهي نفسها التي قصفت ولا تزال الكورد العزل في الشيخ مقصود وعفرين وهي نفسها التي ذبحت الطفل السوري عبدالله عيسى قبل شهر من الان بحجة التخابر مع النظام ، لقد أودى القصف العشوائي للمدينة وريفها بحياة العشرات من المدنيين وجرح الكثير اضافة الى ان التوغل ادى الى نزوح الالاف من المدنية تجاه عفرين ومنبج المحررة مؤخرا من قبل قوات سوريا الديمقراطية .
ما حدث اليوم من جرئة تركية ترددت فيها كثيراً كانت نتيجة لتفاهمات ومفاوضات سرية بين مسؤلين في الاستخبارات التركية ومسؤلين سوريين حيث أكدت عدة مصاد ان الدبلوماسي التركي اسماعيل حقي وهو جنرال متقاعد زار دمشق والتقى بالمسؤولين السورين بوساطة إيرانية في الفترة القريبة الماضية خلال فترة معارك الحسكة بين قوات الأسايش وال YPG من جهة وقوات النظام ومليشيات جيش الدفاع الوطني من جهة اخرى وانتهت هذه المعارك بسيطرة قوات سوريا الديمقراطية على اغلب النقاط والمراكز الرئيسية في المدنية وهذه اللقاءات التركية السورية لم تكن جديدة فقد سبقتها لقاءات اخرى في العاصمة الجزائرية قبل اشهر الهدف الأساسي منها كان إيجاد صيغة للتفاهم بين النظامين التركي والسوري يمكن لأردوغان القبول بالاسد وإعادة العلاقات مقابل تعاون نظام الاسد في منع اي مكاسب وكيان كردي في روج افا وهو الخوف والكابوس التركي الابدي .
في الاخير يمكننا القول وبكل ثقة ان ما تحقق بفضل دماء الاف من أبناء روج افا ومناصري قضية شعبنا من مختلف اصقاع العالم لا يمكن لاي سلطة ودكتاتورية في العالم إيقاف عجلة التقدم لتحقيق امال وتطلعات شعبنا وان ما تحقق هو قائم وثابت ولا يقبل النقاش والتنازل لكننا نصبوا للافضل ومشاركة كافة أطياف الشعب في روج افا في بناء مؤسسات الادارة الذاتية خير دليل واثبات على صوابية. الخط والنهج الذي تسير فيه روج افا .[1]