السياسة التركية تجاه سوريا … بقاء الهدف و تغير الأداة
لا يخفى على أحد أن المحور الأساسي الذي تدور حوله سياسة حزب العدالة و التنمية ضمن إطار تدخلها في الشأن السوري هو محاربة قيام أي كيان كردي جنوب الحدود المصطنعة ( التركية-السورية )، وكان من متطلبات تنفيذ هذا المأرب هو أن يظهر أردوغان و حزبه بمظهر الأب و الحاضن للشعب السوري الثائر و المعارضة الممثلة له، و بمظهر العدو اللدود لنظام بشار الأسد. و إن السنوات الفائتة مليئة بمئات المواقف الرسمية التي أظهرت النظام التركي بهذا المظهر للرأي العام، و كانت الأداة العسكرية الأقوى لحزب العدالة و التنمية في تنفيذ هدفها الأساسي في محاربة الكرد و مشروعهم الديمقراطي هو إدخال و دعم المجموعات الإسلامية الراديكالية بمختلف مسمياتها و على رأسها “داعش”. و لكن و بعد أن باءت تلك المجموعات بالفشل – و ذلك نتيجة المقاومة الاسطورية للقوات العسكرية الكردية – و أصبح طريق إمداد تلك المجموعات و إدخالها يتضيق و يتجه نحو الانعدام و خاصة بعد تحرير منبج، و إعلان تشكيل مجلس الباب العسكري إيذاناً بالبدء بتحريرها، و من بعدها جرابلس لينتهي المطاف بربط مقاطعتي كوباني و عفرين، و ليتشكل بالمحصلة إقليم روج آفا – شمال سوريا الفدرالي، هنا لجأ حزب العدالة و التنمية إلى تغييرات جذرية في اسلوب تعاطيها مع الملف السوري، إلا أن هذه التغييرات الجذرية هي تغييرات شكلية حيث بقي المضمون و الهدف هو محاربة الكرد و كسر شوكتهم و الحيلولة دون قيام أي كيان لهم على محاذاة الحدود المصطنعة جنوباً، فكانت النتيجة الانفتاحات ( التنازلات ) التركية لروسيا و إيران و النظام السوري، و أيضا تطبيع العلاقات مع إسرائيل، و بالتالي كانت نتيجة هذا التحول الشكلي في أسلوب التعاطي هو إضافة أداة بديلة لمحاربة الكرد و مشروعهم الديمقراطي، ألا و هو النظام البعثي متمثلاً في ترسانته العسكرية، و ليس ما يجري في مدينة #الحسكة# في هذه الأيام سوى ردٍ ضمنيٍ عن استعداد النظام البعثي لتنفيذ الأجندات التركية، أو بمعنى آخر و كأن النظام البعثي يقول لنظيره التركي ( عفى الله عما مضى و لنفتح صفحة جديدة ) و لا يخلو اسلوب النظام السوري من التخبط و نسيان إن من تستهدفهم طائراته و مدافعه هم الآن جزء من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب. و أنه لا بد من أن تصرفه هذا سوف يجلب له المزيد من التوتر في العلاقات مع أمريكا قائدة ذلك التحالف.
الجدير بالذكرِ هنا أن بوادر التغيير الشكلي في السياسة التركية تجاه موضوع بقاء الأسد في السلطة ظهرت منذ فترة ليست بالقريبة. حيث ظهر المحلل السياسي محمد زاهد غول و منذ اكثر من سنة و خلال مداخلته في إحدى البرامج التي تناولت الأزمة السورية على إحدى القنوات العربية، حينها قال غول أن الحكومة التركية لم يعد من أولوياتها إسقاط نظام بشار الأسد.
خالد عمر – عضو مكتب العلاقات العامة لحزب الاتحاد الديمقراطي[1]