المشروع الأخطر على وحدة سوريا
تركيا كشفت عن نيتها من احتلال جرابلس و هو ضرب الكورد و منع بناء إقليم كوردي في شمال سوريا تربط المقاطعات الجزيرة و #كوباني# و #عفرين# ببعضها حسب ادعاءاتها ،لأن بناء إقليم أو منطقة تمتد من ديريك إلى عفرين تعني أولا أن تركيا فقدت سوريا و لن يكون بإمكانها تقديم أي مساعدة للمجموعات الإسلامية و التركمانية المتطرفة .و ثانيا سيكون هذا الإقليم دافعا و حافزا للكورد في شمال كوردستان لتصعيد نضالهم من أجل الحرية أكثر .
ليس هدف تركيا هو محاربة داعش ، فداعش موجود على الحدود التركية منذ سنوات و لم يتم إطلاق اي طلقة باتجاه مناطق سيطرته ،بل بالعكس تم تقديم كافة أشكال الدعم و المساندة لهذا التنظيم المتطرف من أجل ضرب المناطق الكوردية .و لم ينفذ تنظيم داعش اي عملية عسكرية ضد الجيش و الامن التركي بل إن مهمته كانت مرسومة له في تركيا و هو تنفيذ العمليات الإرهابية ضد الكورد كم حدث في برسوس و آمد و انقرة .بل إن الأعراس الكوردية العادية كذلك لم تنجو من مجموعات داعش التركية كما حدث في مدينة ديلوك (عنتاب) قبل أيام .و لكن و رغم وجود المئات من عناصر داعش في تركيا لكنها لم تنفذ اي عملية عسكرية ضد الجيش و الامن التركي.
و العملية التركية التي سميت بدرع الفرات لسيطرة على جرابلس مع بعض المجموعات الإسلامية و التركمانية لم تكن سوى عملية استلام و تسليم بين داعش و تركيا .فجميع عناصر داعش غادرت جرابلس و بعلم المخابرات و السلطات التركية و دخلها الجيش التركي و المجموعات المسلحة التابعة لانقرة دون أي مقاومة أو قتال .
حجة الأتراك لتدخل في سوريا هو محاربة داعش و منع قيام إقليم كوردي في شمال سوريا و حماية أمنها القومي .و لكن الواقع هو أن الأتراك يهدفون إلى السيطرة على جزء من شمال سوريا و ربطها بتركيا مثل شمال قبرص تماما ،و مدينة حلب و ريفها الشمالي ستكون هي المنطقة التي يخطط لها الأتراك لإقامة إقليم تركماني مرتبط مع تركيا تحت مسمى المنطقة الأمنة كالبداية . و لذلك فان الخطر الحقيقي الذي يهدد سوريا بالتقسيم هو المشروع التركي الذي يسعى لبناء قبرص ثانيا في شمال سوريا تديرها مجموعات تركمانية و اسلامية متطرفة مرتبطة مع السلطات التركية ، و ليس المشروع الكوردي كما يتم تسميته .لأن مشروع الاتحاد الفيدرالي في شمال سوريا هو مشروع لا يخص الكورد لوحدهم بل هي لكافة المكونات الأخرى و هي لا ترتبط باي دولة إقليمية و تؤكد على وحدة الأراضي السورية اي بعكس المشروع التركي الذي يهدف الى اقتطاع جزء من شمال سوريا و ربطها بأنقرة مباشرة .
ليس هناك اي مشروع كوردي يهدف إلى تقسيم سوريا إلى دويلات أو كيانات قومية و ليس هناك اي حزب أو تنظيم كوردي يطالب بالانفصال عن سوريا ، بل إن الكورد مثلهم مثل كافة القوى الديمقراطية يهدفون إلى بناء نظام ديمقراطي لا مركزي و فيدرالي يجمع و يوحد كافة المكونات في دولة قوية و ديمقراطية ،و مشروع الاتحاد الفيدرالي الذي تبناه مجلس سوريا الديمقراطية هو مشروع لكل المكونات و تم وضع أسسه بمشاركة العرب و المسيحيين و التركمان و الكورد و هي تمنع التقسيم من خلال بناء نظام فيدرالي بمشاركة الجميع دون إقصاء اي مكون .
فليس هناك اي خطر من الكورد على وحدة الأراضي السورية، بل يمكن القول إن الكورد هم أكثر مكون يحاول الحفاظ على وحدة الأراضي السورية و ليس لديهم اي مطالب سوى حقوقهم الديمقراطية و السياسية المشروعة ،و كل الدعايات و الأكاذيب التي تنشرها قوى إقليمية معينة و معارضة عنصرية تخدم هذه القوى هدفها التشويه فقط .
الخطر الحقيقي على وحدة سوريا هو التدخل التركي حتى و إن كان بموافقة ضمنية من روسيا و إيران و النظام السوري و كذلك بمباركة من قوى معارضة اسلامية و تركمانية تخدم المشروع التركي علنا .و سيدرك القوى المعارضة السورية و لو متاخرا أن الغاية من التدخل التركي هو تأسيس كيان مرتبط مع تركيا في حلب و ريفها الشمالي على غرار كيان قبرص الشمالية التي لا يعترف فيها أي دولة سوى تركيا ، فمن أجل عدة آلاف من الأتراك قسم دولة مثل قبرص فلماذا لا تفعل ذلك في سوريا التي تضم الملايين من التركمان حسب ادعاءات و مبالغات الدولة التركية و القوى التركمانية الحليفة معها؟!.
و أمام إخطار هذا التدخل التركي فإن القوى الوطنية و الديمقراطية لن تقف مكتوفة الأيدي ، و ستواجه هذا التدخل بمقاومة ،كما حدث في الريف الجنوبي لجرابلس من تدمير لدبابات التركية المعادية .و لن يستطيع تركيا تحقيق مشروعها الانقسامي و هي ستدرك عاجلا أنها وقعت في مستنقع الأزمة السورية التي ربما الانسحاب منها مكلف أكثر من التدخل نفسه .[1]