مصفوفةٌ أَم حليبٌ مسحوبٌ خَيّرُه !
طه الحامد
النظام البعثي الأسدي عمل منذ عقود لتفكيك المجتمع السوري على أساسٍ عرقيٍ طائفي ديني مناطقي ..بحيث جعل المكونات السورية مشتتة و متنافرة أحياناً لا يثق أي مكون بالآخر . وقد تم تقسيم العمل على هذا الصعيد بين مختلف الأجهزة الأمنية, بحيث أصبحت كل مؤسسة مختصة بمجموعة أثنية أو طائفية معينة توجه قادتها بها, وينسجم مع استراتيجية التفكيك وخلق أجواء من التنافس على من يقدم الولاء الأعظم ليحظى بالمكان الأكبر في سلطة النظام.
الامريكان وأوربا الغربية وكل الدول الطامعة في المنطقة عملت على تأجيج الصراعات المذهبية والقومية والمناطقية لتبقى النزاعات والحروب مستدامة. فمنذ بداية الحراك تم تقاسم مناطق النفوذ وتحديد الجمهور المستهدف عرقياً وطائفياً وتقاسمه بين روسيا وامريكا.
تركيا وإيران والسعودية وقطر وغيرها عملت على هذا الصعيد وصرفت ملايين الدولارات لتأجيج الانقسام المذهبي والقومي, و ضرب الشعوب بعضها ببعض وسد الطريق أمام أي مشروع ديمقراطي جاد قادر على إنقاذ البلاد من التدمير.
فكل من لا يريد الأمن والسلام والازدهار لمناطقنا متورطٌ في هذا المشروع وله مصلحة في ديمومة الخراب والحرب إلى سنواتٍ طويلة!
ولكن السؤال المؤلم؟
كيف لطالبٍ ومحاربٍ لأجل العدالة والديمقراطية والسلام و التخلص من التبعية والاستبداد والظلم أن يصبح جندياً يدري أو دون أن يدري ضمن هذا المشروع الهدَّام ..؟
الكردي تورط في هذا المشروع بدوافع التحرر, ولعل ذلك تكون فرصته للانعتاق وهو أقل من يتحمل الوزر, لأن الآخرين إلى هذه اللحظة لم يمدوا إليه يد السلام والأمان له كشريكٍ كاملِ الحقوقِ قومياً ووطنياً في دولةٍ تشاركيةٍ فيدرالية, بل مازال يتعامل معه كإنسانٍ غريبٍ ومهاجر وعليه أن يقبل بما يقرره عرب السلطة في دمشق دون كلمة أف.
العربي يتورط وله دورٌ رياديٌ في المشروع بدافع الإبقاء على سيادته على الآخرين وحماية وحدة الوطن والتراب المزعوم, هروباً من الفشل الحقيقي في مشروعه التغييري و نتيجة تجذر ثقافة الإقصاء في ذهنيته اتجاه كل ما هو ليس بعربي وبعضهم بدوافع ارتزاقية. وتعاملوا مع الكارثة كتجار حروب بالتعاون مع غرباء غير سوريين وهم يعملون وفق نظرية .. كلما طال الحرب ..كلما زادت الأرباح.
العلوي والشيعي يتمسكان بالمشروع التدميري من موروث ثقافي تاريخي – وفاءً لثارات الحسين.
السني يحمل لواء المشروع لدرء خطر الروافض والمد الشيعي, ويجد إنهم من ورثة الرسول عليه الصلاة والسلام وهم أحق الناس بقيادة بلاد الشام, ولهذا نرى إن أغلب أسماء الكتائب المسلحة تحمل دلالات سنية وتنتهي بكلمة الشام.
وهكذا …. يصبح الكل أدوات في هذه المحرقة دون أن يستطيع العقلاء والحكماء وأهل الثورة الحقيقيين من الجلوس سوياً, قوميات وطوائف ومواطنين ومناطق ويقولوا لبعضهم البعض تعالوا نتفق ونوزع على بعضنا البعض السلطات
والخيرات توزيعاً عادلاً بدلاً من تحكم الغرباء القادمين من وراء المحيطات بنا وبسلطاتنا وخيراتنا وبوطننا. فما نصرفه من أموال وما نضحي به من أرواح تكفي لبناء عدة اوطان مثل وطننا ..تعالوا لنخرج الغرباء, تعالوا نحن نؤسس مشروع اتحاد شعوب سوريا في فيدراليات مزدهرة, ونصد الغزاة الطامعين عن بلدنا ونطردَ كلَّ مستبدٍ وكل طائفيٍ وعنصريٍ من دائرة اتخاذ القرار في ثورتنا …التي لا بد أن تنطلق من جديد.
هذا الكلام توطئة لما ننتظره في الشهور المقبلة وخاصة بعد المصالحة التي تقترب من التطبيع بين النظام التركي والنظام السوري …سنكون أمام حقبة جديدة من الاصطفافات.
فمن التحق بالحراك السوري لغايات ارتزاقيه وأطماع شخصية في منصبٍ أو مكسبٍ سوف يصفق ويمجد هذا التطبيع ويعود مدافعاً عن النظام الأسدي من باب حماية وحدة التراب السوري وخطر التقسيم الذي عملت على ترويجه
مؤخراً دوائر الاستخبارات التركية لتكون مطية وفضاء تبريري لمن سيعود إلى صف النظام.
ومن خرج لأجل حصص طائفية ومشروع سني صرف سوف يرضى بما يمليه عليهم أردوغان من حصة في حكومة مناصفة بينهم وبين الأسد.
أما من خرج وضحى لأجل تغيير النظام وبناء دولة ديمقراطية علمانية تشاركية عادلة سيبقى على عهده وسيكون أمام خيارات صعبة لأنه سيكون معزولاً في بيئة شعبية يائسة تعبت و فقدت الآمال بعد السنوات الخمسة الفائتة, والتي شوهت فيها المعارضة كل شيء اسمه حراك سلمي و نضال مدني و كل شيء اسمه ثورة.
وأنا أرى إن أفضل من حمل ويحمل مشروعاً ديمقراطياً تغييرياً هي الإدارة الذاتية وحركة TEV- DEM فمن كان ينتمي إلى الثورة الحقيقية سيجد مكانه إلى جانب هؤلاء ..وللعلم إن المعارضة وال ENKS تهيئ حملات إعلامية منذ الآن للتهجم على الإدارة الذاتية وحركة TEV-DEM تحت شعارات قادمة ال PYD يعيق عملية السلام…
ال PYD يدفع المدنيين للتهلكة في مواجهة غير متوازنة ضد النظام …
ال PYD يخرب السلم الأهلي …
ال PYD له غايات حزبية في دعواته لإسقاط النظام السوري …[1]