كيف ينظر أوجلان إلى تركيا والشرق الأوسط. وما يبغيه أردوغان من تركيا والشرق الأوسط؟
أقّل ما يُقال: كلام من شخص لم يتعرف يوماً على الديمقراطية
سيهانوك ديبو
من السخافة أن يتنطع أحدهم /دولة؛ جهة؛ حزب؛ شخص/ ليدين الجامعة الأسكتلندية لمنحها الدكتوراه الفخرية للفيلسوف وقائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان واعتمادها لمجلداته كمصادر من أجل فهم تاريخ الميزوبوتاميا والشرق، أو يطلب منها تمييّزاً فيما بينها وبين هذا الفيلسوف. أو يطلبوا من بلدية بارما الإيطالية (الانفكاك) عن الفيلسوف الأسير إثْرَ منحها المواطنة الفخرية له.
آراء أوجلان في مجلداته تشكل اليوم نظرية فلسفية معرفية تؤسس لمخارج الحل الديمقراطي، وتضع الشرق الأوسط برمته أمام سكة الحل، ويسأل من خلال هذا الطرح إلى استعادة عموم الشرق لمكانته؛ باعتباره منبع الحضارة والديمقراطية منها على وجه الخصوص، وهذا ما يؤدي إلى التكامل والتتام العضوي بينه وبين الغرب وفي جميع المجالات. أمّا رسالته الأخيرة التي يسأل فيها القوى الديمقراطية في تركيا وفي عموم الشرق الأوسط ومن ممثلي إرادة الشعوب أن يساهموا في حل القضية الكردية؛ والتي عمرها مئات الأعوام وليس أربعين عاماً؛ فإنما بمفاد إظهار العروة الوثيقة بين حل هذه القضية واستتباب الأمن والاستقرار في عموم الشرق الأوسط وتحصين الحرية بشكل متكامل. من حيث أن الحديث؛ مجرد الحديث؛ عن الحرية بدون أمن تجعلنا فاقدين مستمرين للحرية ومربوطين إلى كل أنواع القيود: المادية والفكرية والاقتصادية، وبالتالي متبوعين إلى الغير: غير المنتمي إلى ثقافة هذا الشرق، الغير الذي يترابط مع ارتشاقات الما وراء فيؤدي إلى جعل شرقنا مجرد أفواه وعقول عدمية.
لا يربط أوجلان مفهوم الحرية بمفهوم الدولة/ إنشاء جغرافية مستحدثة ومستقطعة/ على الأقل فشل هذا النموذج /الدولة/ في الشرق الأوسط . الأمثلة زاخرة لا تنتهي. بعد مئة عام من تأسيس تركيا؛ تشهد اليوم أزمات مجتمعية لا يمكن التكهن بحلها ولا يمكن الشعور بوجود سلام بين المكونات التي تم حجزها في تركيا الدولة. الأمر نفسه ينطبق على الأقطار/ الدول العربية. وجود 22 دولة وقضية مركزية واحدة- من المفترض أن تكون مركزية- إسمها القضية الفلسطينية؛ لم تسهم هذه الدول فقط بنكصها وتحجيمها إنما استبدت غالب أنظمتها بشعوبها وكانت السبب لقيام الربيع العربي؛ حتى إنه لم ينجح اليوم لكنها نجحت بإيصال الفكرة والغضب الشعبي والشعور بالظلم؛ نجاحها أمر متروك للمستقبل. والطرح الأوجلاني الجديد يحاكي بذرة الشرق التكوينية ويجهد من خلال فلسفته (الأمة الديمقراطية) إلى كونفيدرالية الشعوب. قد يتأخر الإنجاز الكامل؛ لكن الشعوب تمتلك وعياً حيال الحلول؛ وهذا أصل تكوين الحضارات ما قبل الميلاد وما بعده والتي تم هدمها من خلال العسكرة وأطماع الهيمنة.
أما أردوغان فإنه يعتقد بأنه من خلال هدم المدن ونزع الشرعية البرلمانية عن ممثلي الشعوب في تركيا ومن خلال الانقلاب على 28 بلدية ومن خلال طرد حوالي 11500 مدرس من وظيفتهم بتهمة الإرهاب؛ في أنه يستطيع محو هذه القضية وحسمها. كما أنه يرى من خلال السيطرة على كامل الحدود السورية بأنه سيقضي على القضية الكردية والشعب الكردي في سوريا. كما أنه يرى في تحويل #إقليم كردستان# العراق من خلال استعمارها الاقتصادي في أن تكون حديقة خلفية لتركيا. أما حقيقة الأمر فيما يفعله فإن أردوغان والنظام الاستبدادي في تركيا يحاول استخدام القضية الكردية من أجل استعمار سوريا برمتها وصولاً إلى الموصل. واحتلالها اليوم لبعض المدن إنما دليل دامغ على ذلك. أي تعرض تركيا وكردستان وعموم المنطقة إلى حرب وأزمات يمكن أن تستمر 80 عاماً كما هو وارد في رسالة أوجلان الأخيرة والمنقولة عبر شقيقه.
يحتاج أوجلان إلى مئة وثمانين يوماً من أجل السلام الكامل في تركيا، ويحتاج أردوغان إلى ثمانين عام ليهدم تركيا وعموم الشرق الأوسط.
هل يفهمها /دولة؛ جهة؛ حزب؛ شخص/ لماذا نحن أوجلانيون؟
هل يفهمون أن الحديث عن الانفكاك وتحديد الموقف هو مجرد بدعة؛ وكل بدعة ضلال ضال؟
هل نفهم أن الإنسان مجرد العيش بدون فكر أو براديغما ثورية؛ أو العيش مع أفكار تنتمي إلى قرون خلت وأثبتت الوقائع فشلها؛ أو أفكار هي في الحقيقة لا تنتمي إلى طبيعة الشرق.. هو مجرد بغل يعيش في هيئة إنسان؟
وحينما يقول أوجلان: أكثر الأماكن ظلمة أقدرها استطاعة لاستيعاب الضوء وتلقيّه. فإنما هي الدالة على أن الشرق في ظلام حالك وإنه في أوضاع يستطيع بها النهوض من خلال فلسفة الأمة الديمقراطية، والكرد في هذا الشرق؛ ومن خلال هذا النهوض سيكون لهم دور مميز بعد أكثر من قرن من الإبادة والإنكار والتهميش والوصاية.
[1]