لماذا هكذا تتعامل امريكا مع اقليم كوردستان ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5036 - #06-01-2016# - 19:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
من الظاهر ان امريكا تتعامل مع كوردستان بشكل عام على انها تابعة للدول التي انقسمت عليها، و لا تتحرك وفق ما يامله شعبها بل لازالت تريد الحدود و السلطات ذاتها او بتغيير يهمها و لصالحها، و ليس بما يكون الحالة مشتتة على الرغم من الكلام عن الخارطة الجديدة للمنطقة وفق ما يسربونه هنا و هناك، و لا تنظر الى جميع اجزاء كوردستان بعين واحدة و بالتساوي كما هو الحال . و لكن لو تمعن احد في علاقاتها مع كل جزء و اسس تلك العلاقات، و كيفية مسايرتها لامر كل جزء و ما يحتاجه اي جزء من امريكا و قدرتها في تغيير مسار المنطقة حسب توقعهم، و ما تلقوه منها من الضرر و الانتكاسات كما هو انتكاسة ثورة ايلول و دور امريكا في اتفاقية العراق و ايران الشاه يعلم جيدا سياسات امريكا الانية في المنطقة و ما يتلقاه الشعوب منها . و كذلك ما يلمسه الشعب الكوردي من نظرة امريكا الى الثورة في كوردستان الشمالية ونظرتها الى الحزب العمال الكوردستاني وفق ما تتطلبه مصلحتها و ما تفرضه علاقاتها مع تركيا العضو في حلف الناتو .
اما ما نحن بصدده هو علاقات و تعامل امريكا مع كوردستان الجنوبية و كيفية تدخلها استنادا على مدى استخدامها في الصراعات في المنطقة و من الناحية العسكرية قبل السياسية . و عليه، فان ما يجري داخل اقليم كوردستان من الشان الداخلي لا تاخذ امريكا دورا رئيسا و هي تريد ان تكون كذلك بعيدة مراقبة، و تتعامل معها و فيها بقدر مراعات السلطة، و ما يهمها منها هو استغلالها في الامور العسكرية و موقعها في ميزان الصراعات و دوره في المعادلات الجارية، و ما يمكن ان توجهه اينما اراد لرضوحه دوما الى اي امر صادر منها لضعفه سياسيا و خفة ثقله مقارنة مع الدول الموجودة، اضافة الى المشاكل الداخلية فيه الذي وضعته في موقع لا يحسد عليه خارجيا ايضا، من حيث توزيعه على المحورين و ضعف موقف السلطة نتيجة لذلك التوزيع المتناقض .
لقد كان الكورد ضحية الانظمة الجائرة التي كانت و لاتزال بعضها جاثمة على صدره في اجزاء من كوردستان، و اليوم بعد كل مظلوميته، اصبح تحت رحمة الدول الكبرى و المتدخلين في شؤون المنطقة اكثر من الدولة المركزية التي انقسم عليها، اي اصبحوا في عداد الصراعات الاقليمية اكثر من الداخلية، و تستغل امريكا هذا بكل ما تملك من اجل استخدامه كبديل لقوتها الضرورية في المنطقة و توجهه اينما و متى اراد .
من المعلوم ان اقليم كوردستان يعاني من الانقسام الداخلي، و من توجهات وافعال سلطته الغشيمة التي تدير الاقليم وفق مصالحها الضيقة، و من اعتلى على السلطة وفق الوجاهة القبلية والعشائرية الحزبية الكلاسيكية التي لا تقدم شيئا مهما لضمان ثبوت اهمية الاقليم و عدم تراجعه في اية ظروف كانت . لذلك لازال الاقليم يترنح تحت ضغوط افرازاته الذاتية نتيجة الاخطاء المتكررة و عدم معرفته بما يجري و ما يجب ان يؤديه و ينفذه في خضم التغييرات الجارية . الصراع الحزبي اصبح عرقلة كبرى امام تنظيم الشان الداخلي، التنافس ادى الى التشويش على سير السلطات و المغالطات الكثيرة ادت الى فرض عدم الثقة بالنفس مع التضخم الناتج عن التوجهات القادة و الافعال التي ادت الى ترهل الحكومة في اقل من عقد على مسيرتها الساذجة . وصلت مسيرة السلطة في اقليم كوردستان الى طريق مسدود، و كان لامريكا الدور الكبير في هذا المسار فاهتمت بما تريده هي من السلطة فقط دون ان توجهه او تفيده بما لديها من الخبرة من جهة، و ما يتطلبه نظامها الراسمالي هو ضمان المصلحة قبل اي شيء اخر مهما اضر بالكورد انفسهم او عاش في قلق دائم نتيجة تخبطه في الحكم من جهة اخرى . وصلت السلطة الكورستانية الى حال ضربت الديموقراطية برفسة قوية، بالاخص من قبل الحزب الديموقراطي الكوردستاني الذي لا يؤمن الا بحكم الشخص او القبيلة باي شكل كان، و هو ما يسير على المركزية القحة بشكل لا يلائم العصر و الحرية المنشودة بعد طول النضالات التي خاضها الشعب بتضحيات كبيرة .
و على هذا الاساس لم تنبس امريكا ببنت شفة بعد وصول السلطة الكوردستانية الى حافة الهاوية و لازالت تعيش في مرحلة الاحتضار نتيجة الفساد و الصراع اللاعقلاني و حكم الاقليم بعقلية الشخص و العشيرة والحزب الواحد، و مايهم امريكا المصلحية هو ما تستفيده من اقليم كوجود و ليس بما يضمن او يحمل من اية ناحية كانت من الاهداف و الامنيات . بهذه الطريقة توضح امريكا لنا ما نصل اليه و لكننا لا نفكر، و هي غير مسؤلة عن الاقليم وكيف تتحمل مسؤلية ما يصل اليه الاقليم، لانها لا تتخذ موقفا صحيحا من اجل مصلحة الشعب الكوردي ولو بنسبة قليلة، بل ما يهمها هو بقاء هذه القوة العسكرية البرية بديلة لقوتها التي فرضت عليها الرحيل من المنطقة بعد فشلها الذريع . و نحن ننتظر تغييرا شاملا، فاننا نتخوف من مصير اقليم كرودستان و مستقبله نتيجة حالته القلقة من كافة النواحي، و اصبح في موقف لا يمكن ان نعتقد بان مستقبله مضمون و ليس اسوا من قبل.[1]