اعترف اردوغان بلسانه
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5033 - #03-01-2016# - 20:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
مَن منا لم يتذكر قبل سنين في منتدى دافوس و الحركة البهلوانية التي نفذها اردوغان امام بيريز و اتخذ موقفا تمثيليا مضحكا على الهواء، في رفضه للجلوس مع بيريز لانه اصبح عدوه بعدما جرى ما جرى في تلك الايام في فلسطين و كانه صاحب القضية ول ا غيره، الجميع كان على دراية انه يريد بما يقوم تحقيق هدف استراتيجي لاقترابه من المسلمين و المنطقة من هذه النافذة، والا لم يتعامل يوما مع الفلسطينيين كما يدعي و يامر به اسلامه . و نتذكر جيدا تركه للمسرح بحركية مسرحية باهرة الدقة سياسيا، و كانه لن يعود لمصافحته مهما بلغ من الامر من فرض مصلحة بلده . و صدقه الكثيرون من العرب سواء ضعفا منهم او احتياجهم لقائد يقف ضد اسرائيل و يناصرهم و ينتصر لهم حقوقهم كما يدعون . و اعتقدوا بانه لا يمكن ان ان يفعله الا شخص اسلامي كاردوغان و بقوته و ثقله و ايمانه بالقضية الفلسطينية، لانهم ياسوا من العرب و قادتهم و خلافاتهم و تناقضاتهم و خنوعهم . اصبح اردوغان محط احترام جميع العرب شعبا محبا للقضية الفلسطينية، و اصبح قائد الامة العربية محرر القدس و صلاح الايوبي الثاني في نظرهم . كما هو حال كل محتاج و غريق بتشبث بقشة، فانهم وجدوا في اردوغان منقذهم من الواقع المرير الذي يعيشونه . هكذا استفاد اردوغان من موقفه التمثيلي المخطط له مسبقا داخليا ايضا كما ارتفعت شعبيته و حزبه الذي ينظرون الى القدس كثاني القبلتين و الشعب الفلسطيني المغدور الاول في نظر المسلمين ايمانا وجدانا .
اليوم و بعد ان استفاد اردوغان بتلك الحركات لسنين و استغل عاطفة الموالين و الامة الاسلامية، و من ثم اراد ان يزيد من رصيده في ارسال سفن لكسر الحصار على غزة، و الرد السريع الذي لقاه من اسرائيل الذي اهانه و بلده، لم يجد من مخرج في احراجه و وقوعه في زاوية خطرة بعد مغامرته الفاشلة في اعادة النظر من مواقفه السابقة باسقاط الطائرة الروسية، لم يجد منفذا غير اسرائيل من العودة الى حضنها في سبيل تقوية الذات و هو يصرح باعلى صوته بانه يحتاج الى اسرائيل كما تجتاج اسرائيل الى تركيا . فهل يفكر من يتابع سياسات اردوغان و توجهاته و يصدقه في خطواته ام اصبح يفقد المصداقية حتى من الموالين له و لحزبه، و لكنه يستمر في الفات نظر الناس من موقفه و ما يصر عليه من حرب ابادة داخلية ضد الكورد في كوردستان الشمالية غير مسبوقة منذ ان اعلن كذبا و افترائا في نيته حل القضية الكوردية بعملية سلمية ، و استفاد كثيرا من هذا الموقف ايضا كما كان يستفاد من موقفه الاسلامي من فلسطين تكتيكيا و نظريا دون اية خطوة عملية يفديهم بها الا احتضانه لقادة حركة الحماس، و هذا لم يزد من محنة الفلسطينيين الا قوة و عمقا .
اننا اليوم نسمع و نكشف ما يسير عليه اردوغان من التضليل باسم الفكر و الفلسفة الاسلامية، و هو لا يهمه الا الايديولوجيا ومصلحته الشخصية الحزبية بعيدا عن اية عقلية انسانية لما تفيد الفلسطينيين، و لا يمكن ان تصدقه الناس فيما بعد، مهما ادعى التزامه الديني و هو يسير علىماهو المبني على التحزب السياسي، و لم يمت ما يعمله اية صلة باحقاق الحق الذي لم يفرضه الا اصحابه بعيدا عن المعادلات السياسية الدولية و ككما يفعله اردوغان من استغلاله هذه القضية لامور كثيرة .
و هكذا ما ينظره الى القضية الكوردية، فيجب ان يعلم من يخضع له سذاجة او مصلحة من القوى و الاجزاب السياسية في كوردستان الجنوبية والشرقية، فلابد ان يتعضوا من مواقفه من القضية الفلسطينة ليصدقوه فيما يقوله عن قضيتهم ، فهو ان كان يرمي بكل ما يهم الشعب الفلسطيني المبني على اسلاميته و من مصلحته و حزبه و دولته، و هو يدعي بانه من اولى اولوياته فكيف بالقضية الكوردية التي ليس له فيها الا الوقوف ضدها من اجل تحقيق ما يريد، و يتعامل معها باكثر رعونة و تضليلا ان كان يعلمه او لم يعلمه من يتعامل معه، لان القضية لا تمت بما يؤمن من قريب او بعيد . فلنا من ما يدعيه وقفة مستقبلا بالارقام و الاحداثيات و المواقف المتضادة مع البعض في الوقت ذاته.[1]