هل المشكلة في التاويل ام في النصوص ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5028 - #29-12-2015# - 19:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في كل ما نعتمد من النصوص سواء كانت الكتب التي تعتقد الناس على انها مقدسة و يجب اطاعة ما ياتي فيها دون تغيير او اصلاح او قطع او زيادة، في مواد الدساتير التي تورد فيها نصوص عامة تحتمل التاويلات المختلفة، و منها يجب ان ترفق بقوانين تمرر من المشرعين، اي اعضاء البرلمان في العصر الحديث .
لو دققنا فيما نحن عليه في هذه المرحلة و الخلافات التي تصل لحد النزاع على كلمة و احيانا على همزة في تفسير الجهات حول القوانين المهمة ذات الصلة بالسلطة و الناس، و ما يستلزم و يفرض على السلطة التنفيذية تطبيقها، فاننا ندرك مدى الصعوبة في تطبيق النصوص المقدسة و التفسيرات حولها و ما اوّلت منها وفق هوى و ميول المفسرين و عقائدهم و عقليتهم و نظرتهم الى الحياة و الدين و ثقافتهم و حياتهم الخاصة . فان علمنا بان التفاسير العديدة حول نصوص القران و الانجيل و التورات و كثرة عددهم اضافة الى يورد من الكلام عن الناسخ و المنسوخ و الاضافات و و الاسقاط منها، نتيقن من لعب العقليات بالنصوص وفق المرحلة التي بحثت و كتبت عليها الالاف من الكتب و التفسيرات و بمختلف التوجهات و ان كان من غير قصد، و برزت من القراءت و المعرفة بها هذه الاعداد من المذاهب و التوجهات و ما نلمسه من الاختلافات الكبيرة و التوجهات المتناقضة حول اي نص مهم . ان كانت الخلافة لوحدها لها كل تلك التداعيات و الاختلافات فما بالك بسورة و اية و كلمة لها الف معنى و حصلت في مظهرها و محتواها و معناها الحقيقي من تغييرات عديدة وفق تغيير العصر و ما تتغير معه اللغة و المعنى و الدلالة .
هكذا الى الاتفاقيات غير المدروسة بدقة و فيها ما يخص الشعوب و طبقت وفق الخلفية لكل طرف من حيث القوة والثقل و الضغوطات التي يمكن ان يُمارسها كل طرف على الاخر في التطبيق من اجل المصلحة الذاتية فقط .
و نشاهد من الاتفاقيات التي تتم في ظروف مختلفة لكل طرف فيها و من ثم تتغير الظروف و ربما تلغى الاتفاقية كاملة او من قبل طرف دون اخر او تُعدل خلال سنين معدودة، فما بالك بنص و اتفاقية مر عليها الزمان و اكل منها الدهر و شرب .
تعدد التفسيرات يؤدي الى تعدد الاراء و المواقف، و صاحب التاويل لا يمكن ان لا تدخل في شرحه العاطفة و ميوله مهما كان حقانيا و عادلا . فمواد الدستور العراقي لم تمر عليها اكثر من عشر سنوات و القوانين المطلوبة ان تلحقه لم تمرر منها في البرلمان الا قليلا، و ما تورد حول مواده من الخلافات و الاختلافات وفق كل فريق لا تعد و لا تحصى . فان كنا نتكلم بصراحة، فان الخلاف بين عقائد المكونين السني و الشيعي حول المهدي المنتظر و رؤى ائمة الطرفين حول تلك المواد عظيم بشكل لا يمكن تصوره، و الكورد لهم نظرتهم و رؤاهم التي تختلف عن الطرفين الاخرين من حيث الاساس الذي يعتمدون في امور حياتهم، كل هذا خلال عشر سنوات فقط، فما بالك في الاف السنين من مادة ونص تُعتمد في هذا العصر، و ما يفرض نفسه هو السير وفق التاويلات التي حدثت عليه . السؤال اذا هو، كيف هو الخروج من المنفذ او ماهو المنقذ لما هو المتوقع و هو الخلاف الذي يقع دون اي شك . و يمكن ان نعتقد بان النصوص ربما تتلائم مع المراد في احقاق الحق، و لكن التاويلات تمنع ذلك، كما حصلت التوافق على الدستور العراقي عند صياغته، و لكن بعد مرور سنين قلائل برزت ما لم يكن في الحسبان .و نسال اين الحل اذا، في كافة جوانب النصوص و التاويلات ؟
نقول: يجب ان يعتمد المهتمين في هذا الامر على ما يهم الناس و في مصلحتهم قبل اي عقيدة او توجه او ميول من بعضهم دون الاخر، اي لابد ان يكون هناك اتفاق مبني على التوافق حول كل ما يتوصلون اليه، ليبعدوا الخلافات المتوقعة و الوقوف على كل مبحث بدقة و تاني، و شرح مفصل لبيانه للناس من اجل منع بروز ما يخالفه او يعرقل تطبيقه في الوقت غير المناسب . و هنا يجب ان نذكر ان النصوص المقدسة ايضا لها اوجه و حدث فيها ما حدث، و المعرقل هو ما يؤمن به البعض دون ان يعرف انه يمكن ان يحمل الراي و الموقف الخطا، و هذه نقطة الضعف في النصوص المقدسة القديمة و من يؤمن بها . و ما يخص نصوص حياتية مدنية ومنها الدساتير، فاننا يمكن بالنية الصافية و الايمان بالحلول و بالبعض، يمكن ان نجد حلولا لتحديد مسيرة الشعب وحلولا لكل خلاف . او اعتماد على العرف و العادات المعتمدة التي توافق عليها الاكثرية و لا اعتراض عليه يمكن ان يصبح دستورا و لا نصوص مكتوبة فيها كي يبرز الخلاف كما هو حال بريطاينا و اسرائيل في عدم امتلاكهم لدستور مكتوب على اساس نصوص و مواد . و لقطع دابر شرور التاويل يجب اعتماد طريقة يوافق عليها الجميع من التوافق على كل نص دون اي تاويل مناقض لاساس ما بني عليه المواد، مادام لدينا دستور و لنا من المؤلين العديدين البارزين من المكونات المخلتفة و لهم اهداف و امنيات و مصالح مختلفة.[1]