التضليل من اجل غاية تضليلية ايضا
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5024 - #25-12-2015# - 15:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يصادفنا دائما من يتكلم عن هدف، و الاساس من التكلم عليه هو ما له من غاية خاصة له فيه و ليس الغاية الخاصة بذاتها التي تعتقده الناس، مهما كان ما يخبئه من وراءه سواء من اجل بيان الحقيقة كما فعلها السابقون او طمسها من قبل الاخرين ايضا، او على العكس ضللوا العالم من اجل غاية هي بذاتها تضليلية لامور تخص الناس جميعا . ما نقصده ادعاء البعض لامور يعتبرها حقيقية يهم الناس جميعا اي من اجل اهداف عامة، و ليس الا كلمة حق يُراد بها الباطل . و التاريخ مليء به سواء من الانبياء و المتقين او من السياسيين المجردين من اي خلفية دينية او مذهبية .
لا نريد ان نتكلم عن نبي الاسلام محمد كثيرا فان هناك كتب و بحوث طويلة عن النبوة و كيف تماهى النبي من وجوده الجزئي الى الكلي المطلق اللانهائي و انتقل الى حال اعتقد انه التقى الوحي و ما ارسل اليه، و هدف الى تحقيق امور حياتية، و نقل بما اقدم عليه البشرية من طور الى اخر بتعمقه في البحث و التامل و الاستفادة من الاخرين في زمانه و ما قبله . اي انه اصبح كلا كاملا لانهائيا في نظرته الى الحياة و اعتلى بنفسه من مستوى الانسان، لغاية في نفسه هو نقل العرب من عبادة الصنم الى الاله الغائب الحاضر الوحيد الذي لا شريك له و يحتمل الكثير من الوصف، اي انقل العرب من مرحلة متعددة الاله الى مرحلة الاه الواحد الجبار القهار في زمانه، و لم يكن هدفه الدين فقط بقدر غايته للتغيير السياسي الاجتماعي علاوة على الفكري الفلسفي .
لننتقل الى ما نقصد من المقدمة تلك، اننا في حياتنا السياسية الاجتماعية نصطدم باناس سواء كانوا واقعيين او اختلوا عن الانظار لهدف و غاية خاصة يدعون عموميتها، كما نرى القادة في هذا الزمان و خاصة في العراق مابعد سقوط الدكتاتورية المعممين الذي يعيدون التاريخ بسلوكهم و تصرفاتهم التي تخص عموم الناس بابداعائاتهم التي يهيمنون بها علىعقول الناس من اجل غاية سواء كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية، و كلها امور تخص نفسهم و يتنافسون بما هو الموجود و راسخ دون ابداع او اختراع جديد و، و المضر فيه انهم يبقون على المرحلة او الابخس انهم يعيدونها الى الوراء، بينما النبي محمد نقل العرب من مرحلة العبودية الى الصنم الى العبودية الى الاله الواحد الاحد سواء كان حقيقيا موجودا او ما يضمره في نفسه الكلي اللانهائي القطعي المطلق الذي يدخل نفسه فيه، و بالاخص ابن ما يدعيه من زمن نزول الوحي عليه .
اننا اليوم في مرحلة دينية صرفة في العراق، نرى المبالغة في طقوس الزيارات الكبيرة المليونية الى العتبات المقدسة عندهم لدى الشيعة، و اليوم تتنافس السنة على الزيارة المبتدعة للعتبات المحسوبة علىهم و يريدون التمهيد لها لما يجب ان يكون فيما بعد و يوقونها لينافسوا بها الشيعة و بالاخص في يوم ميلاد محمد، و اصبح الحج غير مبال من قبل الطرفين و لن يكون في حاله في المتسقبل المنظور، و لم تكن هذه الزيارات السنية بالخص موجودة في اي زمان و مكان، و لم تكن هذه المبالغة بهذا الشكل في الزيارات موجودة لدى الشيعة ايضا من قبل . بل انها جديدة و من اجل امور سياسية كما هو المبالغة في زيارات مناسبات الشيعة الاربعينية و العاشوراء، و كيف استغلوها في امور دنياهم و منافستهم السياسية الاجتماعية . فهل يجوز هذا؟
ان اتخذنا ما قام به رسول الاسلام محمد في زمانه من امور الحج و كيف كان بداياته و من ثم اقتصر على المسلمين، بعدما كان المشركون الوثنيون ايضا يحجون متزامنين مع المسلمين، و الغاية الاساسية من الحج كانت اقتصادية بحتة و كيف تم تحويره و تغييره تدريجيا دون ان يؤثر على الموارد المالية للقريش . فاننا نتفهم ما يتم اليوم من المنافسة بين المذهبين لغايات ليست كما يدعونها اساسا و على العلن .ان كنا صريحين اكثر، ان الغاية التي كان محمد يرمي اليها في دعوته ليست دينية محضة بدلائل كثيرة، و منها مساومته بداية مع الكفار المشركين على حساب الثوابت التي ادعاه هو قبل غيره، مثلا اخذ الجزية منهم و ابقاء على دينهم، و من ثم منع الاخرين من التدين بدينهم القديم و اجبارهم على الدخول الى السلام راضيا او اضطرارا و متشددا معهم بعدما امتلك وسائل القوة و بالاخص في المدينة، و هنالك من الامور الكثيرة الاخرى لا داعي لذكرها هنا . اما ما يحدث اليوم بين المجموعات الدينية المذهبية في العراق، يعيد الى الاذهان التنافس السياسي باسم الدين والشعارات و الطقوس و الشعيرات الدينية التي بنيت اساسا على المنافع الذاتية، و الله لم يطلب مثل هذه التصرفات سرا وعلنا .
فاصبحنا في زمن لم نعلم انحن في عمق التاريخ الغابر ام في القرن الواحد والعشرين، و حصل تخبط واضح بين ما موجود على الارض من التطور التقني العلمي و ما يتصادم مع المفروض فوقيا من الفكر التخلفي السلفي بكل مذاهبهم . و المحير في الامر هو تضليل الناس السذج بادعائات غريبة تخلفية لا تحصى و لا تعد، و هذا هو الانحراف عن الدين المفيد في جوانبه، و المضر في اكثر ما فيه من خلفيته السياسية الاجتماعية الاقتصادية و ادعاء غير ذلك تضليلا . و ما يمر علينا في العراق و بالخصوص ما يجري من شؤون الزيارات المليونية و من اجل التنافس بين القومين او المذهبين الغريبي الاطوار دينيا و سياسيا ليس الا لغايات تضليلية سياسية بحتة لا تمت بالدين و المذهب بشيء، و لا يعلم الشعب بشكل عام ما يجري من تحت البساط، و في الاروقة الخلفية للقاء المضللين في عصر العلم و العولمة.[1]