تنسيقات متناقضة بين اطراف محاور الشرق الاوسط الجديد
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 5012 - #13-12-2015# - 14:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
الاطراف الرئيسية في اعادة تنظيم الشرق الاوسط، و الاطراف الداخلة بقوة في تحديد واقع مابعد تفاعل المعادلات المتعددة للمنطقة في نهاية ما يحدث في سوريا و ما يعم على المنطقة في نهايته . يتعجب من يقرا هذه المعادلات و اطرافها و توجهاتهم المختلفة و المتناقضة لدرجة لا يمكن تصديق استمرار ادامة تلك التنسيقات لمدة طويلة . و بالضبط هذا ما يعترفون به هم قبل غيرهم انها تعاون و تنسيق لهدف او تكتيك مرحلي، و كلهم منغمسون في سوريا التي اصبحت ملعبا للدول الفاعلة و التنظيمات التابعة لهم في التمهيد من اجل خارطة جديدة للمنطقة . ان حللنا تلك العلاقات اوالتنسيقات بشكل مصور و بمنحنيات و معادلات حسابية، نجد ان هناك اطراف تتعاون مع من لا يحب و هو مرغم على افعال تقدم عليها، او ليس من مصلحتها الذاتية كدولة ان تتعاون معه .
المحور الروسي الايراني العراقي السوري، و التنظيمات التابعة له من امثال حزب اللله و عصائب اهل الحق وغيره من التنظيمات العراقية الصغيرة . فنجد ان روسيا تنسق مع اسرائيل في الوقت التي تمتنع ايران على ذلك و تتردد سوريا والعراق على ذلك وان يحتفظان في بيان رايهما وموقفهما من ذلك و تعلن تلك التنظيمات عدائها لها، ايران تنسق مع تنظيمات العراقية الصغيرة في الوقت التي تحتفظ روسيا من بعضها و سوريا من الاخرى، العراق تنسق مع روسيا و ايران بتردد و تحفظ اخيرا، بينما العراق لم يجزم قاطعا وجوده في هذا المحور لوحده دون الاخر لحد الان . و من جانب اخر فان روسيا لها علاقات و تنسيق غير مباشر مع بعض دول الخليج بينما ايران ليس فقط تمانع في ذلك بل تعاديهم ايضا في هذا الامر . روسيا ماقبل سقوط طائرتها كانت تنسق مع تركيا بينما ايران تحاول جادا قطع دابر تركيا في سوريا و تحاول قطع او انهاء تماديها و الحد من فرض اهدافها و تحقيق نواياها . روسيا تنسق و تتعامل بشكل واسع مع امريكا في شان سوريا منذ مدة، بينما ايران تحاول اعاقة امريكا في الدولتين العراق و سوريا لحين الحصول على مرامها بعد الاتفاق النووي، و هكذا نجد في هذا المحور هذه العلاقات و التوجهات المختلفة و منها المضادة .
اما المحور الاخر الامريكي الخليجي التركي و التنظيمات السنية المعارضة في سوريا و العراق، نجد تنسيقا واضحا بين قطر وتركيا مع البعض منها في كافة الامور، بينما تختلف عنهم السعودية المتحالفة معهم في امور اخرى، امريكا لها تنسيق قوي مع السعودية وتركيا بمديات مختلفة، و تنسق تركيا مع السعودية بدرجة اخف من قطر و بشكل اخر . التنظيمات العسكرية لاسلام السياسي في سوريا لها علاقات وتنسيقات كبيرة مع قطر و تركيا بينما بعضها تعادي امريكا و السعودية من جهة اخرى .
بينما نرى ان المحورين معا لهما علاقات واسعة و تنسيق مباشر مع الدولة الاوربية ذاتها، اي الاطراف المتناقضة لها العلاقات و التنسيقات و العمل المشترك مع الدول الاوربية الختلفة، و كل بدرجة معينة ربما تكون مختلفة مع بعضها ايضا .
لو رسمنا منحيات و اسهم حمراء و زرقاء لعلاقات اعضاء المحورين مع البعض او مع دول و تنظيمات خارج المحورين، فاننا نجد تقاطعات عدة و توازي بين الاخوة الاعداء في اكثر من مكان .
من التعقيدات السابقة نتاكد بان العمل المضني الذي ينتظر كافة اعضاء المحورين و المستجدات التي فرضت نفسها، فاننا لم نجد منفذا سهلا للتاكد من ما نقع فيه، دون ان نلمس تلميحات ما يبرز من خلال التفاعلات اليومية، و لا يمكن ان نقول الان ان الخارطة الجديدة التي تنوي اكثر القوى رسمها حسب هواها، يمكن ان تضم اية بقعة او دولة دون اخرى، و بينما التاكد واضح من ان هناك تغييرات شاملة و خارطة جديدة للشرق الاوسط ، و الايام تفرض ان تكون طفيفة او كبيرة، و كيف يرسم شكل الخارطة و مضمونها. و القوى المتعددة و ما يمس المنطقة من جراء التنافس القوي بين الاطراف، سيؤدي الى تغيير التنسيقات بعد تجسيد المستجدات مستقبلا .
من جهتنا نحن في كوردستان، ان المشكلة الرئيسية في علاقات الكورد مع المحورين و هما توزعا دون ارادتهما او اثر خلافاتهما و عدم توحيدهما في الموقف والراي، وهذا ما يقع على حسابهما و لا يمكن ان نضمن وحدة الاراضي الكوردستانية او على الاقل ارض اقليم كوردستان العراق و ما يمكن ان تتبع لاية جهة او كيف تقع خارطتها . الخلافات الجذرية و عدم وجود الاستراتيجية الواحدة لدى القوى المؤثرة في كوردستان و عدم اتقانهم اللعبة لحد الان، و تبعيتهم لاعدائهم ستقع نتائج المعادلة على حسابهم و ليس لهم، و سيكون القدر هو المحدد لمصيرهم، و ليس نظرتهم و توجهاتهم و تاثيراتهم و افعالهم و اجتهاداتهم، التي يمكن ان تكون قوية و تفرض التغير من التوجهات لو كانوا متوحدين في مسيرتهم . و عليه، ان التنسيقات المتناقضة تنطبق على طرفي السلطة الكوردستانية المتوزعة على المحورين بشكل قوي . ايران و علاقاتها و تنسيقها مع طرف كوردي و ما تلتمس من امريكا و اوربا، و تركيا و علاقاتها و تنسيقها مع طرف اخر و ما تلتمس هي ايضا من امريكا و اوربا حول اقليم كوردستان، يتقاطعان من جهة و يتحدان من جهة اخرى .
في النتيجة نتاكد بان التناقضات ستؤدي الى عدم بيان النهاية بشكل واضح، وانما تغطيها بغيمة تقتضيها الحاجة لكل طرف و ما تدعو اليه مصلحته الى جانب ذلك، في الوقت نعتقد بان مصلحة بعض الاطراف تقف ضد حاجتها هي لما يمكن ان تتحرك وفقها في الوقت ذاته.[1]