تاثير الخلاف الروسي التركي على كوردستان
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4998 - #27-11-2015#- 14:18
المحور: القضية الكردية
ان كنا قد اضعنا العديد من الفرص المتاحة امامنا، لتحقيق الاهداف التي ضحينا من اجلها كثيرا . فاننا اليوم امام فرصة نادرة من حيث توفر الظروف الموضوعية الملائمة للسير من خلالها نحو الامام و الخروج من عنق الزجاجة بعد معاناة طالت عقود طويلة مهلكة لهذا الشعب المغدور .
اليوم، و بعد تعقيد وضع المنطقة وتداخل القضايا مع البعض و تراكم الازمات دون الخروج من منفذ معين، و نحن في مرحلة يمكن ان نتصور انها بداية النهاية للرسم المترسخ و احلال البديل من خارطة جديدة و انهاء مرحلة سايكس بيكو من جراء مستجدات واضحة، وربما لم تكن مخططة من قبل كما يدعي البعض، وانما فرضتها التغييرات المتتالية، و ما استجدت من الظروف السياسية و المواجهات و الوصول الى المفصل الحاد و الامر، اما الدوام في الازمات و سيطرة التعقيدات دون حل او البت في مرحلة جديدة مغايرة تماما للمنطقة و يكون الكورد هم المستفيدين في النهاية .
يمكن ان نقول ، ان كان تدخل روسيا بشكل مباشر و قوي بداية مرحلة لم تكن متوقعة، فان اسقاط الطائرة الروسية قد اسرع من زمن الاحداث بشكل كبير جدا و غير من المعادلات بعد التوتر الروسي التركي و تداعياته . كانت هناك علاقات مختلفة بين الجهات المتناقضة سياسيا سواء بين البلدان المهتمة بهذه المنطقة او دول المنطقة ذاتها، و ان كانت بعضها متوترة و الاخرى فاترة و منها مصيرية مصلحية لا يمكن التغيير فيها . فان ايصال الحال الى ما هي عليه اليوم، يمكن الاحساس اننا في زمن يعتبر الاكثر تعقيدا خلال العقود الماضية، فان ما يجري له التاثير المباشر على دول المنطقة و بشكل لم تشهده خلال العقود الماضية . ما موقع الكورد من هذه التغييرات او القفزات و ما مصيره و هو اصبح رقما يعتمد عليه في تفصيلات مسار المنطقة، هو السؤال الشاغل .
بعد السياسات التي اتبعها الغرب من عدم التدخل البري المباشر، اصبحت للكورد اهمية قصوى واكبر مما كان يتوقعها اي احد من المتابعين . و ان لعب الكورد اللعبة بشكل جيد و تيقن من خطواتها الصحيحة و تقدم بعقلية ذكية محللة لما يجري بشكل منطقي و مناسب و اتخذ قرارات ومواقف ملائمة بعيدا عن الخطا الذي يقع عليه كثيرا في هذا الوقت الحساس، يمكن ان يصل الى ما يبتغيه في غضون مجريات الاحداث و يمكن ان تساعده الظروف الموضوعية في نهاية المطاف و ان كانت ظروفها الذاتية ميؤسة منها كما نرى، في حال ان لم نامل التحسن في الظروف الذاتية في تسيير الامور لما لدينا من العقول الضيقة ما لا يمكن ان نعتمد عليها، لعدم ثقتنا بما نراه من افعال القيادات و خاصة في كوردستان الجنوبية .
بعد اسقاط الطائرة الروسية توسعت الارضية اكثر للعب الكورد على المحاور، و بالاخص فيما لا يمكن ان نعتقد بان تعود العلاقات الروسية التركية الى سابق عهدها، و ان كانت متوترة احيانا او فاترة في احيان عديدة فيما سبق .
المحوران الامريكي و الروسي و ما ينفذانه ليس بالضد من توجهات الكورد لحد اليوم، عدا ما تامله تركيا من محاولات خلال المحور الغربي في ادخال الكورد ضمن الاهداف لهم، فليس هناك اية مصلحة للاخرين في ما تنويه تركيا لاهداف خاصة ضيقة بها، و ليس لمحاربة الارهاب اية صلة بها . و عليه حتى راس محورها امريكا لم تتخذ ما ترضي تركيا من هذه الناحية، و هذا ما يسعد الكورد في قضيتهم و مصيرهم و انتظارهم لمابعد هذه الهيجانات في المستقبل القريب .
ان مجيء روسيا و اسقاط طائرتها من قبل تركيا، اوصل المنطقة لمرحلة جديدة مغايرةجدا لما قبلها من كافة النواحي السياسية و العسكرية . من جانب خابت امال تركيا في انشاء منطقة عازلة ولو في مواقع تعتبرها ملكا خاصة لمجموعة او عرق تعتبر نفسها راعيهم، و تريد اعادة امجادها العثمانية في ادارتهم، و ليس منعها في محافظة من تعتبرهم شعبها، و ان كانوا ضمن دولة اخرى .
اما ما يخص تحركات الكورد الداخلية غير المتوافقة و غير الموحدة هو نقطة ضعف الكورد انفسهم كما هو حالهم تاريخيا، عدم التوحد و انعدام التنسيق بين الجهات المختلفة و سيطرة الخلافات على مجريات الامور، و التوجهات المتباعدة بين كافة الجهات في الاجزاء الاربعة هو اكبر عائق امام مسيرتهم .
على الكورد ان لا يقرئوا ما يحصل سطحيا و يتعاملوا مع كل خطوة بما يناسبها، و هذا يحتاج الى عقلية منسابة، و لا نملك من القيادات التي يمكن الاعتماد عليها في العمل من اجل المصالح العامة وليس الخاصة لحد الان .
المختصر المفيد، ما يقع على لصالح الشعب الكوردي هو مسايرة المحورين بشكل عقلاني لاخذ المراد من خلال هذه الطريقة المناسبة اتخاذها في هذه المرحلة، اي الابتعاد في السياسية و التوجه عن الميلان لاي طرف بشكل ، لتبق المساحة المطلوبة للتحرك كافيا و تبقى لدينا خطوط الرجعة في اية خطوة تكون غير صحيحة في الوقت المناسب . و لا يمكن الافراط بالفرصة في الانتماء لمحور واحد بشكل قطعي، بعدما اصبحنا نحن القوة الفاعلة الفاصلة المعتمدة من قبل الجميع على الاطلاق . فالوقت حان، ان لم نخطا لتوصل الى الهدف الاستراتيجي الاهم . فهل من عقول تعمل كما تريده المرحلة والمستجدات الحاصلة على الساحة، ام نعيد التاريخ بشكل ماساوي و لم نحصل على مثل هذه الفرصة بعد عقود اخرى . فلننتظر و نرى .
ولكن الاهم ذكره هنا انه لطالما بقى الخلاف الروسي التركي و دور المحورين و نظرته الى الكورد و قضيتهم على هذه الشاكلة، فان دور الكورد هو البارز، و هم في المقدمة لاول مرة في تاريخهم، و اهمية الكورد مطلوبة بالحاح و دوره مطلوب و اهميته باقية طالما بقت القوى الارهابية موجودة على الساحة، و الجميع على علم بان القوة العسكرية الكوردية هي الاقوى من الاطراف الاخرى . وعليه، يمكن ان نمررسياسيا ما نريد من خلال ما هو الموجود رغما عن المعرقل المتربص مهما كانت قوته.[1]