امريكا اتفقت مع الجناح المعتدل في ايران فقط ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4997 - #26-11-2015# - 12:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
من المتاكد ان هناك ما وراء الاتفاق الايراني الغربي و بالاخص الامريكي مباحثات جانبية و ربما ااتفاقات ثانوية تشمل طبيعة العلاقات بين البلدين وسبل تطويرها و مواقفهما حول القضايا و المشاكل في منطقة الشرق الاوسط و العالم، عدا ما حدث من الاتفاقات الرسمية السرية التي لم يطلع عليها الا السلطات العليا في البلدين و لم تُكشف على الملا، و تسربت منها قدر ضئيل و من الجوانب الخفية غير المهمة و احاط هذا الجانب بقدر كبير من الكتمان، تمكن من المقتدر على ابرام الاتفاقية من الجانبين من التغطية و الامتناع عن البحث فيها بوساطة اعلامهم، و نجحوا و بينوا قدراتهم في تغطية ما تريدان، و اصبح الاتفاقات المخفية من الجوانب السرية في الاتفاقية و اصبح في خبر كان لدى حتى الفضوليين من الصحافيين و المراقبين بعد مرور مدة قصيرة عليها.
بعد الاتفاقية شاهدنا مواقف متناقضة عديدة لدى الاجنحة الايرانية و السلطات الامريكة المختلفة من الحكومة و الكونغرس و الحزبين الديموقراطي و الجمهوري .
الجناح المتشدد الايراني يحاول بكل جهده ان لا يهتم و لا يلفت الشعب الايراني الى ما حدث، و يطرح مواقفه على انه مضطر عن قبول الاتفاقية و لكنه في الوقت نفسه لا يسمح بان تتوسع تداعياتها و تؤثر على الحياة العامة، و تحدث تغييرا ملموسا في نظرة الناس و ميلهم الى الجناح المعتدل من خلال انجازهم هذا، و على الرغم من تاكدهم بان ايران لم يكن امامها الا القبول بها، و يدعون العكس للنيل من الجناج المعتدل . و في المقابل يحاول الجناح المعتدل ان يُظهر على الملا كل ما يتمكن من بيانه من الجانب الايجابي للاتفاقية كي يستفيد منها جماهيريا و من اجل تثبيت اركانه، و تقوية مكانته في صراعه المتداخل مع الجناع المتطرف . و عليه نرى سلسة اجراءات من قبل السلطة المتنفذة المتطرفة و بحجج كثيرة و منها واهية في صفوف المؤيدين علينا للاتفاقية و المنظرين اليها، من الاعتقالات و الضغوطات و القاء القبض على من يروج للاتفاقية في سبيل تقوية الجناح، و في هذا الاطار تم اعتقال الكثير من النخبة من الصحفيين و المثقفين و الاكاديميين، و من المكونات المختلفة لاظهار الوجه الساخط كما يريد الجناح المتشدد بيانه لجماهيره قبل الاخرين، و في سبيل بقاء شوكته و ان يكون هو المسيطر القوي دائما، و التاكيد لمناصريه على انه هو السلطة الحقيقية و لولاه لما امكن اي طرف من التحرك ولو خطوة واحدة في اي اتجاه . و هذا يؤكد للجميع بان هذا الجناح مضطر لقبول الاتقاييية نتيجة العوامل السياسية الاقتصادية الضاغطة و فرضت عليها الخضوع لما اتفق عليه الجانب المعتدل المتمثل برئيس الجمهورية و مؤيديه .
اما في امريكا لقد نجح الحزب الديموقرطاي في تمرير الاتفاقية في الكونغرس باسلوب سلس و مرن رغم الضغوطات اعضاء الحزب الجمهوري و مقاومة اوباما، و لكن المصالح العليا ذات الاهمية لدى السلطة ماوراء الموجود في العلن من القوى الباحثة و السياسيين المخططين في الغرف الخلفية من خزانات التفكير السياسية الامريكية المؤثرة المحددة لشكل المسير و التوجه، هم من انهوا النقاشات قطعيا بما لديهم من الاليات التي وفرتها لهم السلطة الامريكة في امرار القرارات والامور الحساسة التي ترتبط بمستقبل امتهم الامريكية و مصلحة اجيالهم .
و يجب ان نعلم انها الراسمالية العالمية التي تفضل الفكر وا لايديولوجيا المماثلة، و هي غير المانعة للتطور الراسمالي، و هذا ما موجود لدى الجمهورية الاسلامية صاحبة الاقتصاد الراسمالي باسم الاقتصاد الديني او الفلسفية الدينية و التي لا تختلف بذرة عن الفلسفة الراسمالية و هي بالضد تمام من الفلسفة الاشتراكية او الشيوعية، و هذا من الاولويات لدى امريكا و تعمل عليه، وكما تؤكده لنا مدى دعمها و مساندتها من الجانب الاخر للاخوان المسلمين .
ان ولي الفقيه قد ادرك جيدا مدى الخطورة التي تواجه ايران لو لم تتوصل الوفد المفاوض الى اتفاق، و عليه تمكن من الوصول الى اتفاق بعدما احس بانه اخذ النسبة المقنعة مما يريد من الجانب المقابل و تنازل كثيرا في الساعات الاخيرة بعدما شد الحبل الجانب الاخر، الا ان التعليمات وا لخطوات و الارشادات و ما طبق على الارض من اوامر صادرة من الجانب المتشدد المتمثل بولي الفقيه خامنئي من منع انعكاسه على الواقع الجتماعي و السياسي لما يمكن ان يستفيد منه الجناح المعتدل، كان لحفظ ماء الوجه و ان يبينوا للشعب بان الاتفاق حصري بالجانب النووي فقط، وليس بالعلاقات على المجالات المختلفة، و ستبين السنين المقبلة ما تضمنت الاتفاقية التي ينكرها السيد ولي الفقيه، انه من اجل مصالح داخلية و مزايدات سياسية و للاستهلاك الداخلي في صراعهم مع الطرف المعتدل او الممكن تسميته بالاصلاحي العصري التوجه غير متزمت و ليس بسلفي كما الاخر .
ان امريكا تيقنت بانها اتفقت مع ايران بمجمل اجنحتها، و تاكدت من ذلك بعد ان فسرت عن مواقف ولي الفقيه من الوفد المفاوض، و لم يتم الموافقة على اي بند الا بعد ان يؤخذ براي الولي، و هي تعلم ان ما يقدم عليه الجناح المتطرف و المتمثل باجهزته الامنية و سلطته ليس الا لحفظ سلطتها و عدم خروج الامر من ايديها وكي يمنع فرط العقد لكي لا يخسر الاول وا لاخير، و هي تراقب الوضع من بعيد عن كثب دون اي رد فعل لما يحصل في ايران . و الا ان ايران اتفقت بمحض ارادتها كدولة مع الجانب الاخر دون اي شك في مصداقيتها لديهم . و ستوضح الايام المقبلة ما تقوم به ايران من التزاماتها للاتفاقية و وقف عمل اجهزة الطرد المركزي ليس الا البداية لتطبيق الاتفاقية كاملة، و الزيارات المختلفة من قبل الدول الغربية الى ايران بداية لحسن النية من قبلهم ايضاليس الا التشديد على تطبيق الاتفاقية . و لم يبق الا تنفيذ بنود الاتفاقية بشكل كامل، و لا يتم هذا بين ليلة وضحاها . اذاً، الاتفاق الامريكي مع الجناحين معا او مع الدولة بشكلها الرسمي و لم يعلن الجناح المتطرف ذلك للحفاظ على ماء وجهه، و الا انه هو من وافق و ابصم على ما حصل عليه الجناح المعتدل، و ما يقوم به داخليا ليس الا لذر الرماد في العيون المعارضة، و لترضية المتشددين المتربين على الكره والاحقاد ضد امريكا و اسرائيل كمبدا رسخ لديهم.[1]