رغم المآسي لم يقدم العراقي على تحديد نسله !
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4995 - #24-11-2015# - 13:39
المحور: المجتمع المدني
لم يشهد اي بلد بما مر به العراق خلال العقود الاخيرة، من تحمل المآسي الكبرى نتيجة الحروب والارهاب والتخريب الذي ذهبت ضحيته مئات الالوف من الناس، ناهيك عن الخسائر المادية و التراجع في مستوى معيشة الناس و حياته، لتاثر الوضع الاقتصادي السياسي الثقافي بالظروف الصعبة التي مر بها .
من الملفت للنظر انه لم يقدم ولو نسبة قليلة جدا من الشعب العراقي بشكل ملحوظ على تحديد النسل كاهم عامل لتنظيم الاسرة و ما يتعلق بها، لا بل ازدادت عدد السكان اكثر بكثير من المتوقع، رغم ما يحدث من القتل والتشريد و الهجرة و الفقدان . ما السبب؟ هل هو الالتزام بالعامل الديني الذي يحبب عدم التحديد بل يمنعه، ام انه العفوية في المعيشة و عدم الاعتماد على التخطيط و الاستراتيجة الاسرية؟ ام المستوى الثقافي العام الذي يعمل ما عليه و يترك كل شيء على الله ؟ يمكن ان نستثني اقليم كرودستان في السنوات الاخيرة التي لم تر اسرة الا و حددت من عدد الاولاد اي النسل، برضا الذات و دون اي خوف من الوضع الاقتصادي،لان مابعد السقوط اصبح الكوردستاني اكثر رفاها و سعادا و افضل اقتصادا عدا السنتين الاخيرتين، و على الرغم من ذلك التزم بتحديد النسل اكثر من بقية اجزاء العراق .
اننا لو حددنا الاسباب علميا، لابد ان نشير الى كيفية معيشة الشعب العراقي في مدنه و قراه التي يختلف ايمانهم بتحديد النسل عن البعض، فاللامبالاة بدقائق الامور لما يحصل نتيجة ازدياد في عدد الافراد و ما ينعكس على ظروف الاسرة من كافة الجوانب، و عدم الوعي الذاتي في اكثر الاحيان بذلك، من الاسباب الرئيسية وراء عدم الانتباه لما يحصل عليه . اي، عدا ما يؤمن به العراقي في قرارة نفسه من الدين والمذهب و ما فيهما من التعليمات و فرض الالتزام بها، و ما يحمله من الخلفية والعقلية المعلومة حول كيفية العيش، فانه على الاغلب يعيش معيشة سهلة التفكير، و يمكن القول انه يعيش في ساعته فقط كما يمكن ان نصنفه . و هنا نسال، هل هذا بعمل و فكر ايجابي و اقتناع و علم بخوافي الامو، ام لابد من التوعية من اجل توفير الارضية الملائمة لاطلاع الاسر على ما يسيرون عليه و ما يجب، من اجل توفير وسائل سعادة افراد الاسرة بنسبة اكبر الماسآة التي تعيش فيه نتيجة التخبط و عدم الانتظام الذي تسير عليه الاسرة اضافة الى ما يتراكم عليه من الوضع المتازم .
لم نجد اية منظمة مدنية متفهمة لامور الاسرة و هي توضح او توعي الاسر و ربت البيت و رب الاسرة ايضا على ما هو المفيد او المضر في ذلك .كيف يمكن تقييم الاسرة و ما يجب عليها الالتزام بتحديد النسل افضل او تختلف من حيث الامكانية من اسرة اخرى، وفق الوضع الاقتصادي الثقافي و الوعي العام . لا توجد مؤسسة حكومية مهتمة بالتخطيط المناسب لما يمكن ان تهم الاسرة قبل اي فرد في تنظيم حياة الناس و ترتيب امورهم المتسقبلية، و كيف يساعدون هم انفسهم في تصحيح مسار اسرهم و تنظيمها و توجيهها بشكل مناسب و علمي .
بعيدا عن تعاليم الدين والفقه و ما يدور وراء توجيهات الاديان من الاهداف الخاصة بازمان و اماكن مختلفة، لا يهتم الدين بتفاصيلها وفق العصرنة و المستجدات . هل يمكننا ان نسال عن الدافع الرئيسي لعدم التزام العراقي بتحديد النسل في عائلته، كي يؤمن مستقبل ما لديه من الاطفال برغبته . لم يتعود العراقي على التنظيم في تنفيذ امور الاسرة و الخروج من الروتين، و لم تساعده اية جهة معينة بذلك بشكل مباشر، و لم يحاول احد ان يقنعه، و لم يصل الامر الى مكان حتى ان يفكر به، و لذلك الهدف المرسوم في ذهن العراقي هو تسيير امور الاسرة من معيشته الاعتيادية دون النظر الى ماهو الطريق الاصح، و الخط المستقيم السائر عليه هو الزواج و الانجاب و العمل من اجل المعيشة، و ان كان البعض يهتم بالكماليات و ما تريده النفس البشرية من التغيير و تحقيق الهوايات و الاهداف الشخصية .لذلك نجد ان من يتزوج يضع اهدافه الخاصة جانبا من اجل ما لديه من تاتيه الاولاد و الاسرة دون اي اهتمام بنفسه وكانه خلق فقط من اجل معيشة الاسرة و ليس بشخصه ذاتيا و ما تريده نفسه و حياته . هذه هي العادات والتقاليد التي تفرض نفسها، و تدخل في شان الحياة الاسرية التي تمنعها من التفكير بعصرية وعقلية تقدمية منفتحة لاتخاذ الطريق التي يمكن ان تحسن من اسلوب حياته و نوعية معيشته . و كل شيء من اجل استمرارية الحياة مهما كانت طريقة تفكيره سلبية ام ايجابية على مسار حياته .
الجانب المقصر في حياة العراقيين عدا انفسهم هو السلطة و عدم تفكيرها في شؤون الاسرة، سواء لانشغالها في ما متعلق و متورط فيه البلد من الناحية العسكرية و السياسية او نتيجة الفوضى التي يعيشها . و لكن هناك وزارة كبيرة و سيادية على عاتقها التخطيط و التنظيم ليس لشؤون العراق العامة و انما حياة الفرد و الاسرة، و التي لم نجد من نشاط لها في هذا المضمار طوال هذه العقود المنصرمة، و دعوا الامر على عاتق الشرع و الدين و الجهات المذهبية و ما يتعلق بالشرعية والفقه، دون الالتفات في اية لحظة بما يهم الاسرة و احتياجاتها المادية النفسية المعنوية، و لم تقدم هذه الوزارة يوما على تخطيط و الاقدام و ادعاء استراتيجية ملائمة للشعب و كيفية تنظيم امروهم الحياتية و مستقبلهم، سواء قبل سقوط الدكتاتورية او بعده . لو لم تقدم الصين على تحديد النسل و هو اجرا خطوة و رغم اضرارها الجانبية و تاثيراتها على حياة الناس نفسيا كما راينا، لما كانت الان الصين في الوضع الذي تعيشه باي شكل كان . لولا الثقافة العامة للشعوب الغربية من هذا المجال او السياق لما كانت عليه هذه الدول من التي هي فيه الان من السعادة وتنظيم الاسرة بما عليها، رغم العيوب التي تحسبها عليهم العقل الشرقي . هنا في الشرق و الرعاق بالذات، فان من يولد يعيش من اجل غيره و كانه مديون للحياة و لغيره و كي يعيش من اجل الاخر فقط فهو يسير على العفوية دون تخطيط، و سيكون هو المتضرر و الاخر معه ايضا . العاطفة التي يسيير عليها الانسان العراقي بشكل خاطيء تؤدي الى التخلخل في حياة الابن قبل الام والاب، بحيث نرى الاجيال كلها تسير على النسق ذاته و لم تتغير، اي ننتج اجيالا مغدورة و هي تهتم بالاجيال المقبلة لها و تبقيهم ايضا كما عاشوا هم بصورة ماساوية، اي ليست الا عملية متكررة . و عليه يجب ان يكون هناك مخرج علمي يفرض نفسه و يمكن الالتزام به من اجل التغيير و التوجيه نحو الاسرة السعيدة العصرية، و لكل منها ظروفها الخاصة التي يمكن ان تدرس ما يجب فعله من هذه الناحية و بشكل دقيق . و هذا ما يكون معتمدا على خطة طويلة المدى من اجل مستقبل الاجيال القادمة و ليس نحن، و كما نعلم لا يمكن التغيير الفوري المطلق في مدة قصيرة . و الا ان التقصير في ضمان احتياجات الاجيال القادمة و هو المتاكد منه في ظل الطروف الحالية و ما نتوقعها للمستقل، فان ذنبهم يقع على جنبكم جمعيا الفرد و الاسرة و الشعب و الحكومة الحالية.[1]