فما الضير من اية خطوة ان كانت النتيجة استقرار العراق ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4995 - #24-11-2015# - 10:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
يتكلم الجميع و ينادي البعض و يطلب الاخر افعال و ردود منها منطقية، و تصرخ مجموعة للتعامل مع المستجدات المنتظرة بحزم و صرامة، و ازاء ما ينويه الكونغرس حول العراق ينبري الاخر الى طرد السفير الامريكي و منعهم من دخول العراق و ليس له القدرة هو و من وراءه على مقاومة فصيا واحد لا اكثر، عدا المجموعات التكفيرية التي تريد ان تقتل و تسفك دماء من يتعاون او يتصافح مع امريكا، و الاخر يقول دعو العراق بحر من دم و لا تخضعوا لامر المهتم، و هو جالس في بيته المترفه و يعيش باذخا لا يعلم ماذا يحصل للشعب، و كل تلك المواقف المختلفة اللاعقلانية كانت ام نابعة من الخلفيات المختلفة و منها المخلصة و منها الساذجة ازاء ما يدعون من تصويت الكونغرس على مشروع البايدن القديم، و بصيغة جديدة للتعامل بشكل مباشر مع اقاليم العراق الثلاثة الموجودة على الارض على الرغم من المعترضين نظريا بعيدا عن الشكل الرسمي لها .
انها امريكا و الجميع يعلم كيف تتصرف و الطريقة التي تمرر فيها القرارات و لا شان لاي احد فيها، لانها تكون صادرة من مصالحها قبل اي شيء اخر، و الهدف من اعلانها قبل البت فيها او ابقاء سريتها كما يمكن ان تكون ايضا لمصلحتها، و ليس بامكان اي كان ان يفرض ما ليس لمصلحتها الاستراتيجية الراسمالية التي تخطو وفقها اولا واخيرا، و لا يمكن ان نعتقد بانها تهتم بالشعوب على الرغم من ادعائاتها الانسانية و ما تتشدق به من اهتمامها بالمفاهيم الديموقراطية و تجسيد الحرية و النظام في البلدان لم يصل الى عتبة باب مصلحتها ابدا، و ما نراه من سياساتها لا تدل على ما تعلن او تدعي، لانها تدعم و تصادق و حتى تآخي انظمة لا تمت بكل تلك المفاهيم التي تدعيها بشيء .
امريكا حاولت و خسرت و تراجعت ، فاخذت بنظر الاعتبار مواقف اصدقائها في المنطقة و ثم بدات انعكافها وتركت المنطقة نسبيا بهدوء دون ان تضر بمصلحتها، و دعت الحمل الثقيل من جراء افعالها على اهل المنطقة بعد مجيء اوباما و تركيزها على الوضع الداخلي الامريكي اكثر من المغامرات الخارجية كما حصل على يد من سبقه، و تدهورت الحال في العراق اكثر و وصلت الى مجيء داعش، و لا نتكلم عن الفساد و السلبيات الاخرى لدى السلطة العراقية و التدخلات الاقليمية الفضيحة في مرحلة مابعد خروج امريكا .
لنكن واقعيين اكثر من العاطفيين و لكي نتكلم بحياد و بانسانية مجردين من اي خلفية فكرية ايديولوجية حزبية و بتمعن و هدوء مع النفس و نسال ونجيب على ما يخص هذا الموضوع، اي ما ينوي الكونغرس التوصيت عليه و ما يفيد العراق ام يضره .
كان العراق الى حدما في مراحل معينة من تاريخه يمر بسلام لجزء من شعبه الى درجة ما، كان يتجه نحو الامام على حساب الاجزاء الاخرى، اي المكونات و المناطق لم تكن متساوية التوجه و التقدم، و الجميع على علم بذلك انكر من انكر او اقتنع او امن من امن بذلك . منذ عهد الملك فيصل و لم تكتمل مقومات الشعب الموحدة و هناك دائما التمايز و الاختلافات وا لخلافات على العموم، بعد ان ادارت البلاد سلطة من شكل و نوع واحد على حساب الفسيفساء الذي يتكون منه الشعب العراقي . هذا واقع لا يمكن ان ندعي غيره . باستثناء مرحلة معينة، ان الوضع السياسي و الاقتصادي للعراق لم يستقر على حال، و كان دائما منهمكا في صراعات داخلية و وصل الى حافة الانهيار بعد الحروب المتتالية الداخلية و الخارجية .
منذ تحرير العراق و دخول امريكا الخط، بعدما ساعدت على اسقاط الدكتاتوريةاو هي من اسقطتها بالاحرى، انتظر العالم الوحدة و التعاون و التوجه نحو الامام من قبل اشعب العراقي، الا ان ما حصل هو الوصول الى الحضيض من العلاقات الاجتماعية الداخلية التي هي الاخطر من الحالة السياسية، فان لم تكن انت تتمكن من افراز المكونات عن بعضها و لم تجد علنا الصراعات بشكل سهل من قبل، فان الانشقاقات و الانشطارات المذهبية والعرقية وصلت الى قمتها على ارض الواقع، مهما ادعينا عكس ذلك تضليلا او بدوافع عاطفية حسنة و امنيات جميلة .ان كان الهدف هو الانسان العراقي و حياته و معيشته و امانه واستقراره و مصلحته و لا شيء غير ذلك، لان كافة المفاهيم الاخرى هو من اجل الانسان و حريته و سعادته، فلماذا لا نختار نحن قبل غيرنا الطريق المؤدية الى ذلك و نرتاح و نقطع الطريق بعيدا عن كل ما يقال من الكلمات و الافكار و الاداعاءات الخيالية غير الموجودة على ارض الواقع . فنجد من يعيش في الفنادق الراقية في لندن و باريس و عواصم العالم و يصرخ عاليا و يخوٌن هذا وذاك ان وافق على الفدرالية التي هي اساسا للنظام في العراق و فق دستوره الذي وافق عليه النسبة الكبيرة و ليس صغيرة من الشعب . فان كان الهدف هو مصلحة الفرد العراقي و كل ما يهمه و ان كانت الامنية هو ضمان مستقبل الاجيال القادمة و ان تاكد الجميع بانه يتحقق في التعامل الواقعي مع ما يفكر به المكونات على الارض و ليس الشعارات، فلماذا عدم التطبيق لما يفرضه الواقع للخلاص من كل تلك الازمات، و بعد تعمق الخلافات و الاحتكاكات و المحاربات التي فرقت الصفوف و لا يمكن ردمها او اندمال الجراح لاجيال عدة قادمة مهما حاولنا، و على الاقل نوقف النزيف و نبدا اليوم بما هو المناسب . فبهذه السمات والصفات والعقليات و التوجهات الموجودة لدى المكونات كافة و نظرتهم الى العراق و ما فيه و يعملون وليس ما يتكلمون به لا يمكن ان نجد شعبا موحدا لسنوات طوال اخرى، ان لم نعد اصلا اكثر الى الوراء كما حصل و يحصل لحد الان .
ان كانت الفدرالية قانونية معتمدة و تؤدي الى الهدوء و عدم الاحتكاك بين المكونات، و تحقق لهم ليس اهدافهم السامية وانما راحتهم و استقرارهم، لنقل لمدة معينة، و ان اكتشفت هذه المكونات المتناحرة خطا خطواتهم فمن السهل اعاة النظر، و تكون حينئذ الوحدة بقناعة كاملة و بتعاون الجميع .
اذا،نعيد و نكرر كما تكلمنا منذ السقوط و نادينا العقول النيرة، و قلنا اعتمدوا على الواقع و تاريخ البلد و مافيه الشعب و ادرسوه و قيٌموه على حقيقته و عموميته، وليس العلاقات و نظرة النخبة و المثقفين فقط . قلناه و كررنا ان تاخير تحقيق الاهداف يزيد الابتعاد عن البعض اكثر و يزيد الهوة و نخسر الدماء اكثر، و ما حصل في النهاية هو مجيء داعش . و الجميع اعلم، لو ان المناطق التي تمكن داعش من اجتياحها، لو كانت متعاونة و متحدة و مؤمنة بما هي عليها من السلطة و مستقرة نفسيا و سياسيا و غير متصارعة مذهبيا و عرقيا، و انها من النوع ذاته الذي يحس بالغبن بعد سنوات حكمه الحقيقي للعراق على الارض، فانه كان من الصعب ان يستغلها داعش بهذه السهولة، علاوة على ما تلقاه من الايدي الممتدة اليه من اهل المنطقة و تعاونوا معه ليس اكثرهم حبا به و لكن كرها بالسلطة والمكون الاخر .
مهما طال الزمن و كنا نعيش في هذه المنطقة و الشعب العراقي على حالته و تركيبته و عقلية المكونات و ثقافتها التي لا يمكن ان نتوقع ان تتغير بين ليلة و ضحاها، فاننا يجب ان ننتظر الاسوا لو لم نجد الحل الجذري . فان توزيع المشاكل على مجموعة اكثر من واحد يخفف من وطئتها على كل منهم، كما توضحه لنا الرياضيات قبل السياسة، و قطع دابر العامل التفرقة يؤدي الى الاتحاد، و الاعتماد على عوامل الوحدة و التعاون و التفاهم يؤدي الى الامان . و ان كنا اكثر صراحة فان العقلية العراقية بشكل عام و ليس من خلال التقيم من قبل مجموعات او فئات، لم تصل الى الايمان بالشعب و المواطنة و التفكير و العمل و التعامل مع الاخر وفق ما تفرضها، لا بل اننا نجد السلطة و من يديرها لم تصل الى النظر الى الفئات والمكونات بالعين ذاتها، اضافة الى ما تفرضه التدخلات الخارجية التي تقع دائما على حساب الدم العراقي اينما كان . اذا، دعونا كما نحن طالما نعلم اننا في هذا المستوى، فيجب ان نضع يدنا على ما يؤذينا و نعالجه ليس اعتمادا على العرافين و المشعوذين من اصحاب المصالح الذين لا يمكن ان يكونوا واقعيين من سياسيي الفنادق و المنعكفين في دول الجوار .
لو عملنا واقعيا من قبل، لكنا وفرنا الدماء الكبيرة التي سكبت غدرا، و لم تكن من اجل اهداف امنيات تقع لصالح الشعب العراقي، مهما ادعى السياسيين المصلحيين غير ذلك . ان من رفع صوته بالامس متزايدا ليس الا وهو المنتفع من مرحلة مابعد السقوط، و يخاف على مستقبله من سحب البساط من تحت رجليه، ليكون الشعب هو الحاكم و تتبين حقيقة المزيفين والمضللين الذين يتكلمون باسم المباديء و ليسوا اهل لها على ارض الواقع، و الخاسر الاكبر من توجهاتهم و فعل ايديهم هو الشعب العراقي و منه الفقراء المعدمين بشكل مطلق . قطرة دم شهيد بالف مفهوم خيالي و حتى بالف بلد . فدعو الاوهام، و الى متى الاستمرار على ما نصبه لكم الاستعمار بحيل و خداع و لازال يريد الاستمرار به بشكل و طريقة اخرى . و ان وقع الفاس على الراس اكثر، فان اول الهاربين هم هؤلاء المتادلجين المتخذين عاطفة الناس و خلفياتهم واعتقاداتهم سلاحا فتاكا لتحقيق مصالحهم الضيقة، دون اي اعتبار للخسائر و الدماء التي تسفك دون اي دواعي حقيقية بعيدا عن الانسانية و حرية و حياة الانسان العراقي . اننا لم نلق عمل خير من الاستعمار و الراسمالية و لن نلق، و لكن ان كانت مصالحها تتوافق مع مصلحة الشعب العراقي الان على واقعه و ما هو عليه، فلماذا نكون نحن معرقلا و معيقا امام ما يهمنا في حقيقة الامر. يجب ان نفكر بعقلانية و بخبرة و الاتعاض من ما مررنا به، بعيدا عن خيالات المتطرفين سواء السياسيين او من لازال متمسكا بما كان عليه ابان حكم السلطان.[1]