التاخي الكوردي العربي من الاولويات لدى العقلاء
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4994 - #23-11-2015# - 12:35
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لقد تمازجت اشياء كثيرة و بنسبة كبيرة جدا بين الكورد و العرب من خلال التاريخ المشترك بينهم، سواء كان تعايشهم قسرا او برضا الطرفين، او نتيجة التقادم في استمرارية حالهم التي يعيشون فيها، من كافة النواحي و خاصة الاجتماعية . على الرغم من ما اقدمت عليه الحكام القساة التي حكموا العراق طوال تاريخه و في الفترة ماقبل السقوط بشكل مطلق و مابعد السقوط بشكل نسبي، الا العلاقات بين اكثرية الشعبين العربي و الكوردي في العراق لم تصل لحد القطيعة من الناحية النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية ، و لا يمكن الحساب للناحية السياسية بشكل مقنع، لانه لم تكن السلطة منذ تاسيس الدولة العراقية منبثقة من قبل اي مكون عراقي و لم يؤخذ برايهم باي شكل كان بل جاءت اما بنصب خارجي او دعم مخابراتي او بانقلاب عسكري الذي كان افضلهم .
لو تعمق اي منا بعقلانية كاملة في ما نسير عليه في الحياة اليومية لنا، و فكرنا بهدوء و افرغنا عن راسنا كل ما ادى و يؤدي الى المناغصة و المعاداة و الحقد و تركنا جانبا ما هو السبب و من هو المحق و غير المحق، و فتحنا صفحة انسانية بيضاء خالية من اية كتابة، و فكرنا مليا في حياة الانسان الشعب بجميع فئاته، مجردين من كل ما يمكن ان يحرفنا عن التوجه العقلاني الانساني من الصراعات الايديولوجية الدينية المذهبية العرقية، و ما صنعتها المجموعات طوال التاريخ، و لم يجمع عليها الشعب بكل مكوناته في اية مرحلة من تاريخهم ابدا، لكنا في وضع مريح و هادي بعيد عن البغضاء التي تؤدي دائما الى الاحتكاك، و يصلنا الى حالة المعاداة و الى المشاجرات و تنشا منها القضايا و المشاكل المعقدة و من ثم الحروب . اليس مصلحة الشعب و الاهم؛ و هو كيفما عاشوا و باية سقف او اطار، ان تكون مصلحة الشعب فوق كل شيء، اليس الانسان هو اولا، اذا، لو نزعنا كل النزاعات الفكرية التي تؤدي الى التناحر وا لتفرقة، بعقلية منفتحة انسانية، و وضعنا اهم اولوية امام اعيننا و هو حياة الانسان و انسانيته قبل اي فكر او فلسفة او ايديولويجا اوعرق او مذهب او دين او حزب، لدخلنا من الباب المعقول لحل مشاكلنا وازحنا معوقات مسيرتنا .
ربما يقول البعض بانه كلام مثالي غيرواقعي، في ظروف كما هي عليها العراق من النواحي كافة، و ما فعلته الجهات المتعددة من ايصاله الى الحالة المزرية و تراجعه في نظرته و تعامله مع الاخراكثر مما كان عليه من قبل، بحيث زرعوا فيه بذرة التمييز و الاختلاف اكثر من التقارب و الاتحاد من اجل المصالح المشتركة للجميع . و ما نمر به كله، ليس للشعب العراقي فيه ناقة و لا جمل، بل جاء دخيلا من اجل مصالح خارجية متعددة، سواء اقليمية كانت ام عالمية، و من اجل شعوبهم و مستقبل اجيالهم على حساب الشعب العراقي و مستقبل اجياله . بعد سقوط الدكتاتورية، كان بالامكان ان يسير العراق بشكل طبيعي و يترسخ فيه التاخي بين المكونات لولا التدخلات، و كان بالامكان استرضاء الجميع لو كان يحكم البلد العقلاء، و كان بالامكان ان تحقق اهداف كافة المكونات لو كانت هناك نيات صافية و مخلصة ، و كان بالامكان ان تتعايش المكونات باجمل حالة و صفاء لو احق الحق و استند على العقلانية و الانسانية في التفكير و الفلسفة الحياتية و كان الانسان هو الاولوية و الشغل الشاغل و ليست مصالح ضيقة كيفما كان شكلها او جوهرها، و ان كان مستقبل الشعب هو الشاغل الاكبر لتفكيرهم و ليس النيات الضيقة الافق و النظر الى الامور بقصر نظر .
يجب ان نعترف بان الوضع تعقد بشكل كبير، و هذا من انتاج قوى و عقليات خارجة عن اطار المصلحة و التفكير العقلاني الملائم، و ان كان جزء منه داخلية الانبثاق، اي انه دخيل على الصفات والسمات العراقية الراسخة في تاريخه، والتي شوهت خلال العقود الماضية بحيث فُرضت مجموعة كبيرة من الشروط على الشعب منذ انبثاق الدولة، و سيرت على خطوات قسرية دون استرضاء البعض او الاكثرية من جهة و لم تكن من دواعي و دوافع مصلحة الدولة العراقية، و انما من جائت لبقاءها مشتتة و محتدمة مع البعض، و سهلة التدخل فيها لبقائها هشة طوال تاريخها .
عندما نقيٌم الوضع الحالي للبلد و ما فيه من علاقات المكونات مع البعض باعراقهم و اديانهم و مذاهبهم، و الاحتكاكات و التراشق و التلاسن من قبل المصلحيين الذين يفتعلون قضايا و احداث من اجل تعمق الخلافات لمصالح ضيقة، و منها دغدغة المشاعر و الاحاسيس العرقية الدينية المذهبية، يصيبنا الملل لايجاد نافذة يمكن ان نعيد النصاب باضرار قليلة . و لكن لو فكرنا بالشعب بعيدا عن السياسية والاحزاب و المصالح والافكار المفرقة والايديولوجيات الممزقة، و فكرنا انسانيا بعيدا عن المفاهيم و المصطلحات التي فرضت نفسها من قبيل الدولة والسيادة و السلطة و الحدود و الدين و العرق وا لمذهب، و ما فرضت بهتانا علنا من الشرف و الكرامة الوطنية التي هي خيال و من باب فرض المنتجات الاجتماعية عن السياسة، و ركزنا بشكل كامل على الانسان العراقي و حياته من منظور انسانيته فقط، لامكننا ان نعيد النصاب مهما كانت على حساب تلك المفاهيم التي تقع جلها بالضد من الحلول الانسانية التي تقع لصالح الانسان العراقي . التاخي و المحبة تاتي من التراضي، و التراضي ياتي من احقاق الحق و تحقيق الامنيات بعيدا عن الاضرار بالاخر، و لا يمكن تحقيق تلكم الاهداق السامية الا بعد التضحية بملازمات السياسة و متطلباتها . ان خير طريق لبدء الخطوة الاولى هو الاستناد على الاولوية المهمة هي الانسانية على حساب كل المباديء المضرة الاخرى، و لا يمكن وصفها حتى بالمباجيء ايضا. و يجب ان نقول اننا لا يمكن ان نضحي من اجل امور لو دققنا و ركزنا على حياة الانسان، سنرى مدى تفاهتها، يمكن حلها دون تضحيات . و انني من جانبي لن اساوي قطرة دم عراقي بالف دولة و اطار سياسي، و الاهم هو التراضي و التاخي و العيش الامين و السليم للشعب و الفرد الانسانس بعيدا عما زُرعت في عقولنا من الافكار المرحلية البالية، و لم يبق الا الانسان هو الاهم من كل شيء . فتاخي العربي الكوردي وجميع المكونات الاخرى لا يمكن تحقيقه الا باسس عقلانية انسانية متينة من قبل العقلاء من الشعب، و لا يمكن تجسيد هذه العقلية الا بتوعية و المام النخبة العقلانية الكثيرة في العراق، و هم منعكفون جراء ما يشاهدون من الاخطاء و سيطرة من ليس له هم الا المصالح الضيقة، كيف و متى متى يتحقق هذا ؟
انني اعتقد ان الوضع بحاجة لنهضة عقلانية انسانية الاساس، و لا يمكن ان تقوم بها الا النخبة العاقلة المعتدلة المنفتحة البعيدة عن كل المفاهيم المعوقة و التي رسخت لاسباب ضيقة في عقول عموم الشعب، و العاق مليء بهم و تحتاج العملية الى ارضية و ظروف مؤاتية، يمكن ان نتوقع مجيئها بسرعة بعد كل هذه الفوضى العارمة في البلد.[1]