هل حقا غيٌرنا اقليم كوردستان ؟
#عماد علي#
الحوار المتمدن-العدد: 4987 - #16-11-2015# - 10:28
المحور: القضية الكردية
هنا لا يمكن ان نتكلم عن التغييرات المختلفة، اي من الناحية الاجتماعية والثقافية و الاقتصادية، و المجال لا يسع الا ان نتكلم عن التغييرات السياسية التي تتاثر هي بالتغييرات الاخرى ايضا، اي هناك علاقة جدلية واضحة بين كل تلك التغييرات و تاثير كل منهم على الاخر سلبا او ايجابا . و عليه نتكلم عن التغييرات و في فترة زمنية معينة، اي بعد انبثاق حركة التغيير الكوردستانية، و ما اثرت على الواقع الكوردستاني و تاثرت و الى اين وصلنا بها .
اننا على علم بان التغييرات التي يؤثر عليها عامل ما وفق فعاليات او تلامس او احتكاك يمكن ان تحدث باشكال ثلاثة؛ اما تتغير الحال جذريا اي بشكل مطلق و جذري وجوهري بحيث نرى واقعا مغايرا في الشكل و التركيب و تغييرا في اتجاه المسار، او يحدث تغييرا في جانب ما، اي اصلاحا نسبيا هنا و هناك في الموجود و نحصل الجديد من ذات الموجود من القديم بتغيير تركيبته او جزء منه بشكل ما ، او باضافة جديد ما او مستحدث على القديم و به يتغير من تراكمه و تناسقه و لا يمكن ان يثبت الموجود دون التاثير عليه، اي القديم المضاف اليه من الجديد المؤثر . او تحدث التغييرات الثلاثة في الوقت ذاته .
الوضع السياسي العام قبل انبثاق حركة التغيير و بروزها الى الساحة و ما احدثته من التاثير على الموجود فيمكن ان نعرفها على انها اضافة الى القديم احدثت تغييرا في تركيبة القديم في السلطة و توجهات الجهات السياسية الاخرى ايضا بما غيرته من المعادلات التي تحسب لها تلك الجهات من قبل، و من جوانب عدة و لكنها لم تحدث تغييرا جذريا في اساس السلطة و الاهم المنتظر منها.
اثرت على السلطة و اضافت المعارضة التي لم تكن موجودة من قبل، مما غيرت معها شكل و تركيب السلطة بشكل مؤقت، و كانت التغييرات في جوانب جذرية من العمق من جوانب و منها سطحية ليس لها تاثير مباشر على الناس وحياتهم من جانب اخر . اضافت رجل مهم و ضروري الى كرسي السلطة الفتية التي تهدف الى الاستناد على العملية الديموقراطية، و هو ضرورة وجود المعارضة كمراقب و مشرع في البرلمان، و ثبتت النظام الموجود و دفعت مسارها نحو التوجهات الجديدة، الا انها لم تثبت العامل الاكثر اهمية اليها وهو تداول السلطة بشكل سلمي، نتيجة تعنت السلطة التي تدير الاقليم منذ انتفاضة اذار وعدم ايمانها بالديموقراطية في منهجها الحقيقي رغم الاداعاءات و التضليلات، و بعد ان وصلت الحال الى تثبيت هذا العامل عمليا تملصت السلطة المتنفذة و الحزب القائد منه . و عليه لم نجد مجالا للتكامل في العملية السياسية .
عندما نعيد النظر في العملية او نقيم ما وصلنا اليه اننا نعتقد باننا قد تراجعنا بدلا من التقدم المفروض حصوله بالتغييرات التي حصلت . الوضع الاقتصادي المتازم و مجيء داعش اضافة الى كيفية تعامل الناس مع السلطة و اركان الديموقراطية اعتمادا على وعيهم و مستوى ثقافاتهم المعلومة، فاننا نتحسر على ما فعلناه اصلا و الذي ادى الى ما عكس الاتجاه بالتوجه السلبي الاكثر خطرا على مستقبل الاقليم، لو لم نحاول التغيير او لو تعاملنا مع الواقع بالعقلية الموجودة المنغمسة في الوحل، و لا يمكن ان ننتظر في الوقت القريب احتمال ايجاد امكانية تغيير الحال، و ان كنا نصر على التغييرات بعد ان تسنح الفرصة؛ اي الظروف الموضوعية و الذاتية التي تجرف المعوقات و تمسح من يقف ضد التيار التغييري الذي يفرضه الواقع .
لحد هذه اللحظة لا يمكن ان ندعي اننا غيرنا اقليم كوردستان، لاننا بعدما تقدمنا خطوة رجعنا خطوات عديدة، و كان بالامكان ان نكون الان في مرحلة اكثر تقدما من الان، لو لم تنبثق حركة التغيير او لو تعاملت مع الموجود بعقلية اكثر علمية و بدراسة و بحث معمق، و ربما لم تحدث التشوهات و الاحتكاكات التي حدثت بين الحزبين المتسلطين على زمام الامور في كوردستان . اي كنا الان متقدمين ربما بنصف خطوة، و لكن وجود حركة التغيير شجع التغييرات و دفعها بسرعة و بنقلات طموحة لم تتحملها العقلية القبلية و النرجسية للقيادة الكوردية، و بعد مسايرتها لمدة، فانها اصطدمت معها و تبينت على حقيقتها للجميع . اي لم نتغير جذريا و لم نغير المسار و لم نضف شيئا الى الموجود لحد الان، و هنا لم نحسب للمعوقات الخارجية و التدخلات التي كانت لها التاثير السلبي المباشر على سلاسة سير العملية السياسية، الى ان ثبتت و الاحرى تراجعت بشكل كامل بعد الاخطاء الكبيرة الاخيرة و ما خطاها حزب الديموقراطي الكوردستاني من الخروقات القانونية و السياسية و ضرب بذكل كل ما يمت بالتغييرات المنتظرة التي تقع لصالح الشعب عرض الحائط . و من جانبها حركة التغيير ليس بخارج عن الاسباب التي ادت الى استقدام او حدوث هذه الخطوات، نتيجة الاستفزازات الكبيرة التي احدثتها للاخر، وكان هناك البديل المناسب الذي كان من الافضل الاعتماد عليه للتعامل مع حزب محافظ معلوم التركيب و النهج والفكر والفلسفة، فانها و بدوافع سياسية حزبية بحتة اقدمت على خطوات كانت من الممكن ان تتريث فيها او التباحث حولها في الوقت المناسب مع المتنفذين . و اوصلتنا الاحزاب المتنفذة الى حافة الشفيرة والشاطي الخطر، و لم يبق الا الخطوات الضيقة الافق، و سوف يحدث ما لا تحمد عقباه على التجربة من الانشقاقات و التباعد الاكثر الذي لا يفيد احدا في كوردستان .اي لم نتغير و لم نغيٌر بل خطونا خطوات طفيفة و تراجعنا عنها و هذه هي الحال . و هذا يوضح لنا كيف نتعامل جميعا مع اقليم كوردستان و ظروفه و ماهو عليه بسطحية و سياسة مبتذلة دون بحوث دقيقة مسبقا لاي خطوة التي لم نحتسب لها و لم نستشرف او نستقرا ما يحدث قبل حدوثه، و على العكس ما ندعي و نعتبر انفسنا عصريين علمانيين، لان المصالح الحزبية هي التي تسيطر على خطوات الجميع بلا استثناء، و تسير السلطة دون اي ارشادات او توضيحات لامورها التي من المطلوب توضيحها بالابحاث العلمية التي يمكن فرضها على الجميع قبل تعنتهم و وصولهم الى الخطوة الاخيرة التي رجعة فيها.[1]